يتعرض الحراك الشعبي والشبابي المطالب بالإصلاح السياسي والديمقراطي منذ بداية انطلاقته لعملية تشويه إعلامي منظّمة، وهجوم مكثف من قبل عدة جهات فاسدة ومعروفة بعدائها السافر للدستور والإصلاح السياسي، حيث تستخدم التضليل الإعلامي وخلط الأوراق بغية تشتيت الجهود وصرف الأنظار عن المطالب الرئيسة للحراك من ناحية، وبث روح اليأس والإحباط بين صفوف الشباب وإشغالهم في "معارك" جانبية من أجل إضعاف الزخم الشعبي المؤيد للحراك السياسي من ناحية أخرى.

Ad

 فعلى سبيل المثال لا الحصر، تحاول قوى الفساد والقوى المعادية للإصلاح بما أوتيت من قدرة على التشويه تصوير ما يسمى "الأغلبية" التي يختلف أعضاؤها كأفراد فيما بينهم حول أساليب العمل وآفاق المستقبل، وكأنها هي وحدها الحراك السياسي المعارض على الرغم من أن الحراك الشعبي والشبابي لا يقتصر على ما يسمى "الأغلبية" التي تتسم تركيبتها بالطابع الانتخابي، بل يتجاوزها كماً ونوعاً، فيطالب بإصلاحات سياسية وديمقراطية جذرية وشاملة.

لهذا فقد ازداد الهجوم الإعلامي المنظّم والمكثّف شراسة بعد الإعلان عن "ائتلاف المعارضة" الذي يعتبر خطوة للأمام باتجاه توحيد صفوف "المعارضة" وتوحيد مطالبها أيضا، بالرغم من بعض الملاحظات وأوجه القصور التي يمكن تلافيها مع الوقت، إذ ولأول مرة منذ بداية الحراك الشعبي يتم التوافق بين قوى وعناصر سياسية لها وجودها في الساحة السياسية وامتدادها الشعبي على مطالب سياسية محددة.

وحيث إن الحراك الشعبي ليس حزباً سياسياً، بل هو اصطفاف سياسي واسع ومرحلي فإنه بالطبع لا يخلو من بعض المشاكل التنظيمية والسياسية التي يعتبر أغلبها انعكاساً طبيعياً لواقع العمل السياسي غير المنظم، والذي يغلب عليه طابع الزعامات الفردية التي يلتف حولها مجموعة من المؤيدين، فضلا عن انخفاض الوعي السياسي بشكل عام  وبروز بعض النزعات القبلية والطائفية المرفوضة والموجودة أصلا داخل المجتمع والتي، مع الأسف، تنعكس بطريقة أو بأخرى على تصرفات بعض أفراد معدودين محسوبين على الحراك الشعبي الواسع والمتنوع فكريا وسياسيا، وهو ما تجب معالجته على الفور حتى لا يشوّه التوجه الوطني العام للحراك.

 وفي هذا السياق فإنه من الأهمية بمكان أن نفرق بين انتقاد الحراك الشعبي بهدف تصحيح مساره، وهو أمر صحي ومطلوب، وما تقوم به أدوات قوى الفساد وإعلامها الضخم من اصطياد للهفوات والأخطاء والزلات والمشاكل الصغيرة التي تحصل في أي عمل شعبي واسع ومتنوع ثم تضخيمها بشكل مبالغ فيه لتضليل الرأي العام بغية الإساءة إلى الحراك السياسي الوطني وتشويهه.

أخيراً... صحيح أن الخلافات الداخلية حول أساليب العمل وما تتضمنه من تفاصيل بعضها هامشية ومملة قد تشغل بعض الشباب والناشطين السياسيين لبعض الوقت، وهو الأمر الذي يجب تجاوزه بسرعة، لكنها، مع ذلك، لم ولن تغيّر من الموقف السياسي العام المتوافق عليه من قبل مكونات الحراك الشعبي أو داخل اصطفاف "المعارضة"، وهو رفض الانفراد بالقرار السياسي والمطالبة بالإصلاح السياسي والتغيير الديمقراطي.