ضرب الأعناق!
المادة الثانية من الدستور تقول: "الأمير رئيس الدولة، وذاته مصونة لا تمس" وكذلك المادة 54: "الأمير رئيس الدولة، وذاته مصونة لا تمس".لذلك، نرفض جميعاً المساس بالذات الأميرية، وكلنا ضد توجيه النقد مباشرة لسموه، فهو كما جاء في الدستور "يمارس صلاحياته من خلال وزرائه"، ويفترض أن يوجه النقد "أي نقد" إليهم، والقانون يعاقب كل من يخالف هذه المواد بالحبس مدة لا تتجاوز 5 سنوات، وقد طبقت العقوبة بالفعل على بعض المخالفين له، وهي عقوبة منطقية وتتناسب مع الجرم المرتكب، والذين يريدون تغليظ العقوبة من النواب الحاليين و"المشتطين" حماساً في غير محله لتصل العقوبة إلى 15 عاما لمجرد الاشتباه في "الهمز واللمز"، وكذلك النائب عبدالله التميمي الذي "بمزاجه" قرر أن أي نقد لمسند الإمارة "خيانة" للوطن يستحق فاعلها "ضرب عنقه" فقد أتوا بما لم يأت به الأوائل والأواخر من تشريع لقانون لا يصدر حتى في أعتى الدول دكتاتورية وطغيانا، فكيف بالكويت دولة الدستور والديمقراطية والحكم المستمر برضا الكويتيين منذ أربعة قرون، والذين وهم في عز اختلافهم في طريقة ونهج أسرة الحكم لم يقبلوا لها بديلاً أبدا!
لكن الجماعة على ما يبدو قد بدؤوا يستخدمون، وبطريقة نرفضها جميعا، المقام السامي ومسند الإمارة في تصفية حساباتهم والانتقام من خصومهم السياسيين بطريقة ميكافيلية تنبئنا بأننا قد استجرنا من الرمضاء بالنار حين استبدلنا هؤلاء بأولئك، وأن المجلسين "المبطل والحالي" وجهان لعملة واحدة لا تعترف بالآخر، وتتلذذ بأكل لحمه حياً وميتاً بشراهة مقززة ومثيرة للغثيان! لقد رفضنا من قبل أن يعدم إنسان من أجل كلمة يقولها في لحظة غضب أو يأس أو عدم اتزان، مهما بلغت قسوة هذه الكلمة وقداسة من وجهت إليه، وكنا من أوائل من وقفوا ضد قانون "المسيء" الذي جاء كردة فعل على إساءة أحدهم لمقام النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وأهل بيته الطاهرين، لأن العقوبة لم يكن لها أي سند دستوري أو حتى شرعي، ولأننا كنا ندرك تماماً بأن وازعها لم يكن الفزعة للنبي وأهله بقدر ما هو انتقام "مذهبي" من متطرفين أرادوا أن يسبغوا فعلاً فردياً شاذاً على طائفة بأكملها، وقد وجدوها فرصة سانحة قد لا تتكرر كثيرا فأرادوا استغلالها!وإذا كنا لم نقبل بإعدام من أساء إلى نبينا، فمن المنطق أن نرفضه لمن يسيء لغيره من الخلق، ولدينا يقين من أن سمو الأمير سيرفض هذا "الشطط" النيابي إن أقر في المجلس، وهو الذي عهد عنه الصفح والتسامح لكل أبنائه المواطنين لمن خالفه ومن أيده منهم على حد سواء، وبالتأكيد لن يقبل بقانون قاس وجائر كهذا.مع ذلك، ينبغي التنبيه إلى أمر قد غفل عنه هؤلاء النواب، وهو أن القوانين حين تشرع فإنها لا تشرع كردة فعل لحدث آني، إنما لتستمر وتعيش سنوات وعقوداً، ورغم إدراكنا أننا ننعم في عهد سموه بحرية الرأي والديمقراطية لكننا لا نعلم الغيب وما سيحل بنا بعد ثلاثين أو أربعين عاماً من الآن، وكيف ستكون حال من سيحكم أبناءنا وأحفادنا، وتشريعات كهذه تقدم "ضرب الأعناق" للخصوم السياسيين قد تمنح أي "مستبد" مستقبلي- لا سمح الله- شرعية التخلص من معارضيه باسم القانون وبسند منه!أعزائي النواب، دعوا عنكم هذه الرغبة المحمومة في رؤية النواب السابقين مرميين في السجون، والتفتوا إلى هموم المواطنين ومطالبهم، فمن أجل هذا انتخبوكم، لا من أجل ضرب الأعناق وشق البطون!