اضطرابات تركيا تظهِر خطر الاعتماد على «الأموال الساخنة»

نشر في 09-06-2013 | 00:01
آخر تحديث 09-06-2013 | 00:01
No Image Caption
الليرة تهاوت إلى مستويات 2011 ويمكن أن تعود إلى 1981
ذكرت تقديرات صندوق النقد أن احتياجات تركيا من التمويل الخارجي تعادل نحو 25 في المئة من ناتجها الاقتصادي السنوي، ويحذر من أن هذا "سيستمر في تشكيل نقطة ضعف لا يستهان بها".
خيوط الغاز المسيل للدموع التي تحوم في السماء فوق اسطنبول أثارت الخوف لدى المستثمرين في تركيا، واندفع كثير منهم نحو باب الخروج في أعقاب رفض رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، التراجع.

النهج الصدامي الذي أصر عليه رئيس الوزراء أدى إلى تعميق الجيشان، وأحدث هزة في الأسواق التركية، تراجعت معها بورصة إسطنبول مرة أخرى بنسبة 4.7 في المئة، لتهبط إلى أدنى مستوى لها منذ ديسمبر، فيما اندفعت مبيعات السندات بقوة إلى أعلى.

كذلك تهاوت الليرة التركية إلى أدنى مستوى لها مقابل الدولار منذ عام 2011، رغم جهود البنك المركزي لمساندتها. وإذا استمرت الأحوال السيئة لبضعة أيام أخرى فإن العملة المحلية ستصل على الأقل إلى أدنى مستوى لها منذ 1981، حين بدأ العمل بسجلات بلومبيرغ.

وفي حين أن الاحتجاجات مستمرة وتبدو الحكومة مستعدة للقتال، يظل كثير من المستثمرين في حالة حذر. ويقول تيموثي آش، من ستاندار بانك في مذكرة إلى العملاء: "أخشى أن هناك عناصر في الإدارة يبدو عليها أنها إلى حد ما فقدت في الوقت الحاضر صلتها بالواقع. ونستمر في نصح المستثمرين بتقليل تعاملاتهم".

تقدم كبير

ويأتي الجيشان في وقت حساس بالنسبة لتركيا التي على الرغم من أنها حققت تقدماً كبيراً في العقد الماضي، فإن قصتها الاقتصادية ليست خالية من العيوب.

فقد تراجع النمو بصورة ملحوظة في السنة الماضية، ولن يتعافى إلا بما يتيح الوصول إلى معدل 3.4 في المئة هذا العام، وفقاً لصندوق النقد الدولي. لكن الصندوق أصدر هذا التوقع قبل اندلاع الاحتجاجات، التي يمكن أن تشكل ضغطا هابطا على الاستهلاك المحلي والسياحة. وسيتعرض الاقتصاد لضغط أكبر إذا اضطر البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة للدفاع عن العملة وكبح التضخم.

لكن العجز المتزايد في الحساب الجاري هو أكبر نقاط الضعف في تركيا، وهو يعني أنها تعتمد بصورة حادة على تدفقات رأس المال الأجنبي. وليس حجم العجز وحده الذي يثير القلق، ولكن طبيعته. فنسبة الخمس فقط مغطاة بالاستثمار المباشر الأجنبي، في حين أن البقية مسدودة بتدفقات المحافظ، أو ما يعرف باسم "الأموال الساخنة".

وتشير تقديرات صندوق النقد إلى أن احتياجات تركيا من التمويل الخارجي تعادل نحو 25 في المئة من ناتجها الاقتصادي السنوي، ويحذر من أن هذا "سيستمر في تشكيل نقطة ضعف لا يستهان بها".

عوائد السندات

وفي السنوات الأخيرة لم يكن هذا يشكل مشكلة، بالنظر إلى محبة المستثمرين لتركيا. لكن الاحتجاجات تأتي في وقت تشتعل فيه مخاوف كامنة بخصوص نهاية "التسهيل الكمي" في الولايات المتحدة، الذي يمكن أن يؤدي إلى تعرية هذا القسم الكبير من الاقتصاد التركي.

وخلال السنوات الست الماضية زادت البنوك المركزية العالمية من السيولة العالمية بمقدار 12 تريليون دولار، وفقاً لـ"بانك أوف أمريكا ميريل لينتش"، ما دفع بعوائد السندات الغربية إلى مستويات دنيا قياسية. ودفع هذا بالمستثمرين إلى التنقيب في الأسواق الناشئة من أجل الحصول على عوائد أفضل، وكانت تركيا أحد أهم البلدان المستفيدة من ذلك.

لكن تلميح الاحتياطي الفيدرالي إلى إمكانية البدء في "تخفيف" مشترياته من السندات أشعل فتيل عمليات بيع مكثفة عبر أسواق السندات العالمية. وتبدو تركيا مكشوفة إلى حد كبير، بالنظر إلى اعتمادها على تدفقات الأموال الأجنبية، وقد تضررت فعليا حتى قبل اندلاع الاحتجاجات.

ويجادل مانيك بارين، وهو محلل استراتيجي لدى "يو بي إس"، بقوله: "من بين الأسواق الناشئة، تركيا هي الأكثر انكشافا أمام التراجع في سياسة التسهيل الكمي. كانت تموِّل النمو الاقتصادي بالتمويل الخارجي، وإذا انتهى هذا فمن الممكن أن تكون النتيجة مؤلمة".

لكن يظل مديرو الصناديق والمحللون متفائلين بصورة كبيرة بخصوص تركيا. ويجادلون بأن التظاهرات لا تعمل بصورة قوية على تلطيخ مؤهلات تركيا باعتبارها من النجوم البارزة في الأسواق الناشئة. وفي الوقت الحاضر تعطي وكالتا فيتش وموديز تركيا تقييماً اتئمانياً يصفها بأنها ذات مرتبة استثمارية جيدة.

حيوية الشركات التركية

وأهم ما في الأمر هو أن مديري الأصول يشعرون بالإعجاب من حيوية الشركات التركية. فقد قفز مؤشر بورصة إسطنبول بنسبة 500 في المئة على مدى العقد الماضي، بحيث حقق عوائد بنسبة 20 في المئة تقريباً بالمعدل السنوي – متفوقاً بذلك على بورصات الأسواق الناشئة والمتقدمة.

ويقول سام فيشت، رئيس فريق المختصين في أسهم الأسواق الناشئة في بلاك روك: "تركيا مكان رائع للاستثمار".

ويشير مديرو الصناديق إلى أن البورصة سجلت في الفترة الأخيرة رقما قياسياً عالياً، وكان من المتوقع حدوث تصحيح. ويقول فيشت: "كان رد فعل السوق مبالغاً فيه على الأرجح بسبب حقيقة أنها ارتفعت إلى الأعلى مسافة كبيرة".

ورغم أن تخفيف الاحتياطي الفيدرالي من شراء السندات يشكل نوعاً من المخاطرة، فإن اقتصاديين ومحللين يشيرون إلى أن البنوك المركزية لاتزال تضيف مبالغ إلى السيولة العالمية في المستقبل المنظور. ويتوقع كثيرون أن تظل الشهية للأسهم والسندات التركية قوية حتى حين يتم تشديد السياسة النقدية.

back to top