كنا نقرأ ونحن أطفال بكل شغف تلك المجلدات التي تتحدث عن الغرائب والعجائب في العالم، فلم يكن الإنترنت قد أخذ مفعوله في الكويت بعد، وكنا نتحدث عمّا قرأناه في اليوم التالي لكل من كان يصادفنا، ولكن لو علمت أني عندما أكبر سأرى العجائب والغرائب التي تذكرها صحفنا، ويتوجها المواطنون بسلوكياتهم لالتزمت الصمت منذ طفولتي حتى اليوم.
نبدأ الغرائب بالمتباكين على غرامة "الداو" التي قدرت بـ2.1 مليار دولار- وهو مبلغ يستحق البكاء عليه فعلاً- ومن ثم نراهم يدعمون قرار زيادة العلاوة للأولاد التي تكلف الدولة 600 مليون دينار ما يقارب 2 مليار دولار!على الجانب الآخر يخرج صقور الكرامة وأحرار الشعب ليطالبوا بالحريات لكل معتقلي الرأي، وأن الحرية تنتزع ولا تعطى، وأمام أول اختبار يتساقطون كأحجار الدومينو، عندما يخون التعبير مصعب شمساه ويعتذر بعدها مباشرة ويوضح ما يرمي له، ليطالبوا بإلقاء القبض عليه وحبس حريته، فالحرية مقاسها واسع جداً على أجسادهم، وصغير لا يكفي للرضّع لمن يخالفهم.على الطرف الآخر يخرج الوزراء ليؤكدوا ترسيخ الحريات، وهم يخفون خلف ظهورهم أوراقاً تحوي بنود قانون الإعلام الموحد المقترح، والاتفاقية الأمنية سيئة الذكر التي تخالف أبسط مواد الدستور وأوضحها.يتم في الكويت التأكيد على دور الشباب، ويكون المتحدث الذي يؤكد هذا الموضوع تعدى الستين من عمره، ويخرج الوزير ليتكلم عن تكافؤ الفرص وهو الذي لا يعلم الشعب ما هي شهاداته وخبراته وكيفية وصوله إلى منصبه كوزير، إما دون تدرج وظيفي، وإما بتدرج وظيفي صاروخي لا يحدث إلا لمن يملك الاسم الأخير الذي يمتلكه هو.حقيقة نحن بلد الغرائب والعجائب، بلد الحريات المفصلة، والكفاءات المفصلة، والشباب الذين تعدوا الستين، يقول الشاعر الطغرائي:«تأبَى صروفُ الليالي أن تُديمَ لناحالاً فصبراً إِذا جاءتْك بالعَجَبِ»فصبراً أهل الكويت... صبراً!
مقالات
غرائب وعجائب الكويت
11-05-2013