«نقص الديزل» يهدد مصر بالظلام والمجاعة

نشر في 04-04-2013 | 00:01
آخر تحديث 04-04-2013 | 00:01
No Image Caption
الوضع سوف يزداد سوءاً مع بداية موسم الحصاد

حالات نقص الوقود التي عمَّت أنحاء مصر هي من بين النذر التي تشير إلى استمرار المتاعب الاقتصادية والاجتماعية. وغالباً ما تندلع مشاجرات أثناء ساعات الانتظار الطويلة، فضلاً عن الاختناقات المرورية.

وقت الانتظار عند محطات الديزل على الجانب الآخر من العاصمة يمكن أن يمتد لساعات. لكن عند الكشك المرتجل الذي أنشأه علي على شارع جانبي موحش في منطقة بولاق في القاهرة، يستطيع السائقون أن يملأوا شاحناتهم بالوقود خلال دقائق؛ لأنهم يدفعون سعراً زائداً في سوق سوداء ازدهرت في مصر في ظل نظام الوقود المدعوم من الدولة.

يقول هذا الصبي البالغ من العمر 15 عاماً، والذي يبيع الديزل مقابل 42 سنتاً للتر، أي بزيادة مرة ونصف على السعر الذي يباع به في محطة معتمدة: «إذا كنت على استعداد لأن تدفع، لن يتعين عليك أن تنتظر».

وتستورد مصر كميات تصل إلى 70 في المئة من احتياجاتها من الديزل، الذي يستخدَم في السيارات وفي المعدات الزراعية ومعامل توليد الكهرباء. إضافة إلى ذلك، فإن الحكومة تدعم الديزل بـ1.5 مليار دولار على الأقل شهريا، وهذا يستنزف احتياطيات العملة الأجنبية القليلة إلى حد الخطر. وأدت حالات نقص الديزل في الأسابيع الأخيرة إلى إثارة أسئلة حول قدرة مصر على إبقاء الأنوار مشتعلة، وإطعام أهلها، ودعم اقتصادها المريض.

ويوحي توقيت أزمة الديزل، الذي يأتي بعد سنتين من الثورة، بأن السلطات المصرية تطلب كميات أقل من الديزل بسبب تردي الوضع الاقتصادي.

وقال جون هاملتون، محرر منطقة شمال إفريقيا في نشرة «أفريكا إنِرجي»: «المشكلة في الأجل القصير هي نقص المال. فكيف تستطيع الحكومة الاستمرار في شراء الوقود بأسعار مرتفعة في السوق الدولية، ثم تتبرع به للناس؟ هذه ما أجده باعثاً على الخوف في مصر». وأضاف: «المتاعب المالية التي تواجهها الحكومة يكاد يكون من المستحيل التغلب عليها».

وبالنظر إلى شح البيانات الحكومية المتاحة بخصوص الواردات، يظل من غير الواضح ما إذا كان هناك تراجع في المشتريات، وإذا كان الحال كذلك، فما مقدار التراجع؟

وعدت مصر بتقليص الدعم الذي تقدمه الحكومة منذ فترة طويلة لمنتجات الطاقة وتقنين بيع الوقود الرخيص، في إطار اتفاقية للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، الذي سيرسل إلى القاهرة هذا الأسبوع فريقاً لإجراء مفاوضات.

وبالأمس أعلنت السلطات زيادات في أسعار وقود الطبخ، أو غاز البوتان، بنسبة 60 في المئة للمستهلكين و100 في المئة للشركات، وهي أول زيادة من نوعها منذ عقود. وفي السنة الماضية ألغت الحكومة الدعم عن البنزين عالي الأوكتان. لكن تقليص كمية الوقود المدعوم المتاح للسائقين ربما يكون هو السبيل الوحيدة لإيقاف النزيف الذي تسببه السوق السوداء وتقليص عبء تكاليف الطاقة.

وحالات نقص الوقود التي عمَّت أنحاء مصر هي من بين النذر التي تشير إلى استمرار المتاعب الاقتصادية والاجتماعية. وغالباً ما تندلع مشاجرات أثناء ساعات الانتظار الطويلة، ما يعمق من الإحساس بغياب القانون في مختلف أنحاء البلاد. ويخلق السائقون اختناقات مرورية حين يصطفون في طوابير يمكن أن يصل طولها في بعض الأحيان إلى أكثر من كيلومتر.

ومن المتوقع أن يزداد الوضع سوءاً مع بداية موسم الحصاد، حين يشرع المزارعون، الذين يعتمدون على الديزل، في جمع الغلال وأخذها إلى السوق. وستعني أشهر الصيف ارتفاعاً في استهلاك الكهرباء، ما يرهق طاقة محطات الكهرباء التي تعاني أصلاً نقصا في الوقود وديونا طائلة.

وقال مجدي صبحي، وهو باحث متخصص في قضايا الطاقة لدى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة: «نتوقع أن تكون حالات انقطاع الكهرباء هذا الصيف هائلة جداً وتعُم مختلف أرجاء مصر».

ويلقي مسؤولون مصريون باللوم في حالات نقص الوقود على عصابات تهريب تقوم بتصدير الوقود إلى الخارج، وإلى قطاع غزة في معظم الأحيان، لكن هناك عمليات تهريب كذلك عن طريق السفن إلى أماكن بعيدة مثل تركيا. وتشتري مصر وقود الديزل مقابل ألف دولار للطن، لكنها تبيعه إلى السوق بأقل من 200 دولار، كما يقول الخبراء.

وفي مقابلة أجرتها في الفترة الأخيرة صحيفة «الوطن» المصرية، قال أسامة خليل، وزير البترول والثروة المعدنية المصري: «السبب الرئيس لأزمة الديزل المتكررة في السوق المحلية هو أن هناك فرقاً كبيراً بين تكلفة الديزل على الدولة والسعر الذي يباع به في السوق المحلي».

وأضاف: «التصدي لمافيا الديزل في مصر مرتبط بعودة الأمن إلى الشارع، وهذا سيساعدنا في إيقاف عمليات تهريب الديزل والبترول إلى الأسواق السوداء في الخارج».

وقال الوزير إن حكومته خصصت 235 مليون دولار لشراء 65 ألف طن من الديزل و75 ألف طن من أنواع الوقود والزيت الأخرى على ظهر 13 ناقلة. ويقول مسؤولون مصريون وخبراء طاقة إن الحكومة عازفة عن شراء مزيد من الوقود، خشية أن يعمل تجار السوق السوداء على شحنه إلى الخارج. وقال صبحي: «بعض السبب في هذه الأزمة يعود إلى وجود تهريب لهذه المادة. لكن إحدى المشاكل بكل بساطة هي أنه لا يوجد ما يكفي من الديزل لتلبية الطلب».

وتعهدت الحكومة بأن تشرع بحلول يوليو في تطبيق نظام «بطاقات ذكية»، مشابه للأنظمة المعمول بها في ماليزيا والفلبين وإندونيسيا وإيران، لتقنين الدعم الحكومي للوقود. ونقلت تقارير عن الوزير خليل قوله: «سندعم المواطن بكمية مقدارها 1800 لتر سنوياً، أي ما يعادل 150 لتراً في الشهر، بمعدل خمسة لترات في اليوم. وهذا يعني أن المواطنين يستطيعون الاستفادة من الحصة الكاملة في أي وقت خلال السنة. وبعد نهاية الحصة المقررة، يستطيع المواطن شراء الوقود بأسعار غير مدعومة».

(فايننشال تايمز)

القاهرة تخفض واردات القمح 10%

تعتزم مصر خفض وارداتها من القمح هذا العام بنحو 10%، مع زيادة اعتمادها على الإنتاج المحلي وبناء صوامع للتخزين.

وأوضح وزير الزراعة المصري صلاح عبدالمؤمن أن مصر تحتاج لنحو تسعة ملايين طن من القمح لتوفير الخبز المدعم.

وقال: «إن الكمية الإجمالية التي استطعنا تخزينها من إنتاجنا من القمح كانت 3.8 ملايين طن، لكن هذا العام مع إضافة المزيد من طاقة التخزين نتوقع أن نصل إلى 4.5 ملايين طن».

وقد أنتجت مصر 8.4 ملايين طن من القمح العام الماضي. وتوقعت وزارة الزراعة الأميركية والمجلس العالمي للحبوب أن يزيد الإنتاج المصري إلى 8.5 ملايين طن هذا العام.

وتستورد مصر نحو عشرة ملايين طن من القمح سنويا، وتتوزع المشتريات بين الهيئة العامة للسلع التموينية الحكومية وبين مستوردي القطاع الخاص. لكن عامين من التوترات السياسية والأزمة الاقتصادية منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك استنفدت الاحتياطيات من النقد الأجنبي بمعدل مليار دولار شهريا تقريبا، مما يثير تساؤلات حول قدرة مصر على شراء احتياجاتها من خلال العطاءات المفتوحة.

وردا على سؤال عما إذا كانت مصر قد خصصت ميزانية للواردات، قال عبدالمؤمن إنه ليس هناك نقص في الأموال المخصصة لاستيراد القمح اللازم للخبز المدعم، وإنه سيتم استخدام نحو 1.6 مليار دولار لشراء القمح من المزارعين المصريين.

وقد تراجعت المشتريات الحكومية منذ يناير لأقل من ربع ما كانت عليه في نفس الفترة من العام السابق.

وأشار تقرير حكومي صدر يوم 27 مارس إلى أن المخزونات الاستراتيجية من القمح المستورد والمحلي تقلصت إلى 2.116 مليون طن، وهو ما يكفي لسد الاحتياجات لمدة 85 يوما. ومع ذلك ذكر عبدالمؤمن أن مستويات المخزونات تبلغ 2.8 مليون طن، وهو ما يكفي حتى يونيو.

وقال عبدالمؤمن: «إن التحدي الأكبر الذي يواجهنا حاليا هو بناء ما يكفي من مساحات التخزين بحيث يمكننا تخزين المزيد من المحصول المحلي، وبمجرد أن نفعل ذلك لن نواجه مخاطر أي نقص».

(رويترز)

back to top