بات رصاص المتاريس أرحم من الكلمات التي يتداولها بعض الكتاب أو القادة السياسيين في لبنان، فمنذ بدأ الصراع الثقافي والسياسي والإيديولوجي حول سلاح {حزب الله} ودوره ووهجه في لبنان، بدأت تتأسس في هذا البلد لغة لم تكن في الحسبان، خارج إطار الخطوط الحمر كافة.

Ad

صار بعضهم يكتب في صحيفته وكأن ترسانة أسلحة نوعية تشتغل بدل دماغه، أو يكتب ويفكر في تلك المنطقة أو الجماعة التي تحميه وتموله. ربما يشبه الذباب على مؤخرة الخيل الذي يظن أن جمهور السباق يصفق له وليس للخيل أو الفارس، على نحو ما قال أحد الأصدقاء.

لا شك في أن الخطاب الإعلامي غير المألوف في لبنان، يشكل انعكاساً لثقافة البقلاوة (توزيع البقلاوة في بعض المناطق عند دوي انفجار في مناطق أخرى) والشماتة وانعكاساً لخطاب سياسي يقوم على المكابرة والسوبرمانية والفوقية، بدءاً من تصريحات الشيخ حسن نصرالله بأن {من يريد نزع سلاح المقاومة بالقوة سننزع روحه ونقطع يده ولسانه}، كأننا أمام متجر للحوم في أحد الأحياء الشعبية، لا خطاب سياسي.

 لم يحصل أن أحداً من السياسيين في لبنان تحدث بهذه اللهجة وبهذا النزوع المعلن إلى القتل والتصفية. واستمرت وتيرة خطاب نصرالله من خلال تخوين نصف المجتمع وكل خصومه السياسيين ووصف جماعته بأنهم {أشرف الناس}، ولاحقاً جاءت موجة اتهام كل من يتحرك ضد نظام البعث في سورية بأنه {تكفيري وعميل إسرائيلي}...

زلات اللسان

لغة {حزب الله} وخطابه انعكسا على بعض الوسائل الإعلامية وإعلامييه، فبات نافلاً تحريض بعض {الشعراء} الإعلاميين والصحافيين والسياسيين (التابعين لحزب الله) على القتل، سواء من خلال نشرات الأخبار أو برامج {التوك شو} أو المقالات الإلكترونية أو الصحفية وحتى الفيسبوك، وصولاً إلى ما يسمى زلات اللسان.

 وثمة سباق من البعض في الولاء لسلاح {حزب الله} من خلال تهديد الآخرين عبر الرسائل أو المواقف.

حتى بعض أقطاب

الـ{توك شو} الذين يناصرون {المقاومة} صارت لهم باع في الاعتداء على محاوريهم، سواء من خلال الضرب أو اللكم أو الرمي بكؤوس الماء ورفع الأصابع. والأخطر من ذلك أن ثمة من الصحافيين من ينطق باسم {حزب الله} بشكل غير مباشر، يتولى في كتاباته التحريض على قتل الآخرين وغزو مناطق وجماعات، ويطالب كل من يعارض {حزب الله {من الشيعة أن يتحسسوا رقابهم. والصحافي نفسه دعا إلى قتل المعارضين السوريين في أسِرَتهم ومكاتبهم في خضم الحديث عن ضربة مرتقبة لسورية.

في النظام البريطاني، حين يطلق أحدهم على شخص صفة {حمار}، يُعتبر كلامه رأياً وليس جرماً، أما حين يتهم شخص الآخر بأنه {لص} فهذا يستدعي تحقيقاً لأن فيه تهمة يتحرك القضاء بخصوصها. في لبنان ومن خلال المتابعة، المُلاحظ أن ثورة تشتعل إذا ما وصفت أحدهم بالحمار أو الكلب، ولكن يمرّ التحريض على القتل والاتهام بالقتل مرور الكرام. ربما يدرك الناس أن ما يكتب أو يقال {رسائل} مباشرة وغير مباشرة من جهات حزبية نافذة، أما وزارة الإعلام فلا تتحرك إلا في قضايا سخيفة.