«نازك خانم» للينا الحسن... لا نملك وجها واحداً

نشر في 21-10-2013 | 00:02
آخر تحديث 21-10-2013 | 00:02
تصدر قريباً عن {منشورات ضفاف} في بيروت رواية {نازك خانم} للروائية السورية لينا هويان الحسن، هنا مقطع منها بالاتفاق مع الكاتبة.
ومن الحب ما قتل، ما أشهر هذه العبارة وكم تشبه التاريخ الذي يعيد نفسه.

كمال بك، يومها قاد سيارته عائداً إلى دمشق دون أن يرى الطريق ولا إشارات المرور إنه: اثر الحب، الذي يقع خارج الشرح. كان قد علم لتوه أن نازك ستغادر على متن طائرة فرنسية ستقلع بعد ساعتين. ويُحكى أن رشدي بيك مغادراً على ذات الطائرة.

{عندما يتقصى الرجل لمحة منك بين الأخريات جميعاً عندها سيكون غارقاً في هواكِ} ما قاله يوماً مجيب شان كان منطبقاً تماماً على كمال. ونازك تعرف ذلك. لكنها أمعنت بعنادها.

مرّ ذلك الصباح مثلما مرت صباحاتها السالفة، تلقي التحية على ظبيها الطعين المعلق في صالون شقتها تلك اللوحة التي رفض كمال أن تزين جدران منزله الدمشقي قائلا: أنه لا مكان لهذا المسخ المضرج بالدماء على جدران منزله.

{لاتظني الحب فوضوي إنه دقيق في مواعيده إذا لم ندرك هذا سنقع في أخطاء لا تغتفر}. لا شيء يقوله مجيب شان يمكن أن يكون خطأ. فهل كان خطأها أنها كانت متمسكة بفكرة أن الحياة فوضوية بأقدارها وزمانها. وأنها تجاهلت ما يمكن أن يفعله الحب في منقلَبه الجاد الوحشي.

الأحلام كائنات مثلنا تنام وتصحو وتبكي وتفرح، لكنها ليست على الأرض، إنما محلّقة دائماً. أيضاً لا يمكنها مواصلة الطيران دون راحة. هل كانت نازك فعلاً تنوي هجران كمال بشكل نهائي؟ أم أنها أرادت فسحة من الراحة والتنزه فحسب في باريس المدينة التي تعشقها كوطن ثان لها؟

قليلون الذين يعرفون ذلك.

كمال الذي اتهمها قائلاً: أنتِ مثل أوروبي يزور الشرق، ليسخر من عادات وسلوك مجتمع متخلف. كان يقصد ذلك تماماً.

        

***

محكومون بالذاكرة: سبع سموات منها فوقنا وسبع طبقات من جيولوجية الاحتراق تحتنا. حيث الانطفاء والخيبة والتغير والتحول والحزن. الأرض تخبئ وجدانها، في بطنها. كسرِّ بعيد عن متناول أيدينا. تعيش اندفاعاتها الوجدانية فتقذف لنا البراكين مثل غضب تفجر فجأة من قلوب منزوية وشيئاً فشيئاً تنساب النار وتبزغ هائجة

 أليس الحزن إرث التقطناه من الأرض. كذلك الذاكرة؟!

قطعا هكذا ستفكر ابن مدينة تٌعد عاصمة لأساطير الشرق ولطبقات متعددة من الذاكرة.

أصبحت تعاني من آلام في المعدة بسبب أباريق القهوة التي تشربها وهو يستعين بها كل صباح مواجها تشوشها وقد غدت امرأة تعرف أن الماضي كائن غامض وضروري، يقذف أطناناً من الظنون بشأن المستقبل.

امرأة كلما رأت وجهها في المرآة؟ تهمس لنفسها: لا نملك وجهاً واحداً قط. لم تعد تضنيها مفردات بعينها، كالوفاء؟ كثيراً ما دافعت عن الخيانات حتى لا تضبط نفسها كمتسللة إلى صفوف الأوفياء. وغالبا ما روّجت للخيانة؟ بقولها: بارتكاب الخيانات الكبيرة، فقط، يمكننا أن نقمع كل من غدروا بنا.

والحزن؟ لم يعد يخيفها، إنما أصبح: إشراقاً من نوع آخر. لما هو جامد وصامت فيها.

***

مجيب كان يرى شيئاً خاصاً في مشية نازك وهي تتهادى بين أروقة دور الأزياء، ربما لأنه كان عاشقاً بما يكفي ليرى بنازك ما لا يراه الآخرون. لكنه بالتأكيد كان رجلاً يحكم على المرأة من مشيتها. ذات مرة قال لنازك:

 - كلّ ماضيكِ معدٌّ. حتى يأتي وقت تمشين فيه بهذه الطريقة بالذات.

 - كيف؟!

 - حين يبزغ ذلك الدرب الدفين الذي لا نعثر عليه إلا بعد أن نقطع دروباً كثيرة، ذلك الدرب وتعثرين عليه بنفسك دون مساعدة أحد، فلا يجفلك روع المسافات، فالطرقات لم توجد لتطاع إنما وجدت لنحرف مساراتها، لنبدل اتجاهاتها، لستِ من أولئك الذين ولدوا ليكونوا قاطني البيوت. أو لتكوني من سالكي الطرق المهذبة والمسالمة.

بعد سنوات راحت تردد كلمات مجيب شان الأثيرة إلى نفسها، لتقويّها وهي تقطع شوارع دمشق بخطى حائرة:

تبدين كمن يمشي على الحياد.

المشي صيغة للانعتاق من أشياء كثيرة لزجة كالماضي. أيضاً المشي شكل من أشكال الانبعاث من رماد التجارب السالفة.

لا تشبهين أحد في شوارع تضج بمشية بمن يلوذ بالفرار، بعض البشر مشيتهم مجرد تقوقع. مشيتك لا تشبه مشية المراهق الفجة الفتية، أو رزانة منتصف العمر أو وقار الكهولة، مشيتك تشبهك أنت وحدك.

على  الهامش

رأيك في البؤس؟

تصيب كل من لا يملك الأحلام أو الطموحات.

 

أين تحبين أن تعيشي؟

 مكان يطل على شاطئ بحري، أي بحر في العالم.

السعادة المثلى في هذه الدنيا؟

عندما يتحقق أحد الأحلام.

أخطاء تظهرين تجاهها تسامحاً؟

التي ترتكب دون قصد، أي بحسن نية.

أبطال روايات تفضلينهم على سواهم؟

 بتشورين، بطل رواية «بطل من هذا الزمان» لليرمنتوف، ودوبروفسكي أحد أشهر أبطال بوشكين.

شخصيتك التاريخية المفضلة؟

عبد الرحمن الداخل «صقر قريش».

رسامك المفضل؟

بيكاسو.

مؤلفك الموسيقي المفضل؟

ريمسكي كورساكوف.

أفضل مزايا الرجل؟

الصدق والكرم.

 

والمرأة؟

الأنوثة.

فضيلتك المفضلة؟

الصمت.

أفضل عمل تقومين به؟

القراءة.

لو لم تكوني لينا هويان الحسن كنتِ؟

ليست في ذهني شخصية محددة، لكن يعجبني أن أجول عبر البحار في سفينة. ربما كنت أتمنى لو كنت قبطاناً يضمن أن تأتي الرياح كما تشتهي سفنه.

أبرز خطوط شخصيتك؟

المثابرة، الصراحة، وأنسى الإساءات والمسيئين ولا أنصت إلا إلى حدسي.

 حلمك في السعادة؟

أن آخذ ما هو حقٌ لي وما أستحقه.

أفدح أنواع الشقاء؟

 ألا تملك الصبر اللازم لتحقق أحلامك.

لونك المفضل؟

الأخضر.

زهرتك المفضلة؟

شقائق النعمان.

عصفورك المفضل؟

قبّرة الصحراء.

اسمك المفضل؟

هنيبعل.

أكثر ما تكرهين؟

الكذب.

شخصية تاريخية تحتقرينها؟

نيرون الذي أحرق روما.

 حدث عسكري يعجبك؟

معركة واترلو.

هبات تفضلينها؟

الذكاء.

 تتمنين الموت؟

مثل عجوز فيلم تيتانيك، عجوز هانئة في فراش دافئ.

في أية حالة ذهنية أنت الآن؟

في أفضل حالاتي، أقرأ كثيراً وأكتب أكثر.

ما هو شعورك في هذه الحياة؟

فضول كبير تجاه المستقبل، أنتظر الغد دائماً.

back to top