في كلمته الأولى بعد الاجتماع الأول لمجلس إدارة رابطة الأدباء الجديد، دشن الأستاذ طلال الرميضي – الأمين العام – انطلاقة مجلسه الجديد بجملة من المشاريع والأمنيات الجميلة. ورغم أن جلّ تلك الخطط تُعدّ من ضمن الأهداف الأساسية لإنشاء الرابطة، الأمر الذي يجعل من مسألة تكرارها أو التأكيد عليها مسألة تقليدية ومتوارثة، إلا أن ما لفت انتباهي وحفّز فيَّ ذكريات قديمة وجديدة هو ما ذكره الأمين العام حول النية لإعادة طباعة كتاب «الحركة الأدبية والفكرية في الكويت» للأستاذ الدكتور محمد حسن عبدالله.

Ad

هذا الكتاب الذي أصدرته رابطة الأدباء في طبعة يتيمة تعود لعام 1973، يُعدّ الآن كتاباً نادراً لا تجده إلا في مكتبات القلة من المهتمين والأوفياء، من الذين لايزالون يتذكرون الجهود المخلصة لهذا الرجل الذي كان رائداً في تدوين مظاهر الثقافة والفكر في الكويت. وقد أتى هذا الكتاب الذي يقع في 760 صفحة صورة من صور تأني الباحثين وإخلاص العلماء، بما حفل به من تقصٍ تاريخي ومعاصر للظواهر الأدبية والفكرية، مدعمة بالشواهد والأمثلة والأسماء، ومنتهية إلى تحليلات واستنتاجات وربط محكم ومنهجية دقيقة.

هذه الروح الجذابة في الكتابة والتأليف كانت ولاتزال من سمات الأستاذ الدكتور محمد حسن عبدالله في جميع كتبه ومؤلفاته، تلك المؤلفات التي تهدف إلى التواصل وإيصال المعرفة بأكثر الطرق إشراقاً ورقياً، وليس بالمعاضلة والتغريب واستعراض العضلات الاسلوبية والنقدية. ولطالما رأينا تلك الروح السلسة وخبرناها في المحاضرات الجامعية والمناسبات المنبرية، حين يمزج الجِدّ بالظرف وجهامة الدرس بخفة الظل، مبقياً على ذلك الخيط الرفيع من الحضور الجميل والجاذبية الآسرة في الإلقاء والحوار.

وبالعودة إلى موضوع البشرى بإعادة طباعة الكتاب، أراني أستعيد الذكريات حول المحاولات المستميتة للدفع بهذا المشروع نحو النور سابقاً. فقد تقدمتُ شخصياً بهذا المقترح مرتين؛ الأولى حين كنتُ «أمين سر» الرابطة عام 2001، والأخرى حين أرسلتُ خطاباً مفصلاً بهذا الخصوص إلى د. عباس الحداد، وكان عضو مجلس إدارة الرابطة حينها، أبين فيه مدى حاجة طلبة الجامعة، وخاصة في مقررات الثقافة والأدب الكويتي إلى هذا المرجع المهم بعد أن نفدت طبعاته. ولكن يبدو أن المحاولات السالفة باءت بالفشل رغم وجاهتها وضرورتها! في الوقت الذي كانت فيه إصدارات الرابطة تتوالى بما قلّتْ أهميته وخفَّ معناه من كتب وإصدارات!

لم يتبقَّ إلا أن نعلي سقف الآمال بإحياء فكرة طباعة كتاب «الحركة الأدبية والفكرية في الكويت»، متمنين على مجلس إدارة الرابطة الجديد أن يأخذ الأمر على محمل الجدّ هذه المرة وأن يقطع الشك باليقين. وكم سيكون مستحسَناً لو تم تدشين الكتاب بمقدمة جديدة للمؤلف يستشرف فيها جهده بعد مرور أربعين عاماً على تأليفه، آخذاً بالاعتبار المتغيرات في المشهد الثقافي الكويتي بعد مرور أربعة عقود كاملة. هذا مع أمنياتنا الخالصة بالإبقاء على روح الكتاب ومتنه ومرحلته التاريخية دون تغيير، لأنه في حقيقته سجل وثائقي للمرحلة التي كُتب فيها.

وإن كان هناك ثمة ما يمكن إضافته في هذا المقام من ملاحظات إلى مجلس إدارة الرابطة الجديد فيما يخص هذا الموضوع، فلعله الرغبة في التنويه إلى ضرورة مواكبة التحديث فيما يخص نوعية الطباعة والإخراج والتصميم الفني. إذ ليس خافياً على أحد أن إصدارات الرابطة بشكلها التقليدي ما عادت جاذبة للذوق العام، ولا قادرة على المنافسة في سوق الكتب العصرية الأنيقة.

قليل من العناية والتحديث قد تُحدث فرقاً كبيراً.