كتبت عن الدكتور عمران محمد القراشي في هذه الزاوية مع بدايات عام 2008، ومنذ ذلك الحين بل قبله بست سنوات أصدر السيد وزير الداخلية قراراً بسحب جواز الرجل، ناهيك عن كل أشكال التعسف والأذى والاعتقال والإهانة التي تعرض لها دونما تهمة أو جريمة أو حكم محكمة.

Ad

نعم قلناها مراراً إننا نختلف مع الدكتور في طريقة التعبير عن نفسه واختيار مواضيعه، ومكان وجوده في الملتقيات العامة والندوات والمساجد، ولكن يبقى أن نقر بأن الرجل لم يتجاوز في طرحه قضايا حقوق الإنسان والدفاع عن المظلومين ونصرة من لا ناصر له بأسلوب وعبارات وصيحات عادة ما تكون مزعجة جداً للبعض. ولكن المضحك المبكي في قضية عمران هو اتهامه بالجنون وإدخاله مستشفى الطب النفسي لما يزيد على (12) مرة، وسحب جواز سفره قرابة (11) سنة، وما يضحك في هذا الشأن أننا إذا عملنا جملة من المقارنات الموضوعية فسوف نستنتج من هو المجنون فعلاً.

فقرار وزارة الداخلية بسحب جوازه يحمل الرقم 101465340 وصدر بتاريخ 4/2/2003 وصدّق أو لا تصدق أن تاريخ انتهاء القرار هو 31/12/2999 أي بعد ألف سنة!! وفعلاً لا أدري من المجنون هنا عمران أو جهاز الداخلية ؟

معاهدة الحماية البريطانية للكويت التي وقعت عام 1899 كان مدتها 99 سنة، والحكومة البريطانية استأجرت جزيرة هونغ كونغ لمدة 99 سنة، ومشاريع الـBOT الكويتية التي نهبت الديرة مدتها 99 سنة، وكان بمقدور الداخلية جعل مدة سحب جواز عمران وفق المعايير الوطنية والتاريخية والعالمية وليس وفق العمر الاستثنائي للنبي نوح عليه السلام!

وإذا كان مبرر الداخلية بأن عمران خريج الطب النفسي ولهذا يجب سحب جوازه، فهذا هو جنون الحكومة "بعينها وعلمها"، فقد اعتدنا أن يكون الطب النفسي هو المنقذ عندنا في الكويت للمجرمين والقتلة والحرامية حتى لا يحاسبوا ولا يعاقبوا، وهناك حسب الإحصاءات الرسمية أكثر من (100) ألف مواطن من خريجي الطب النفسي فهل يعقل أن يحبسوا مثل عمران في سجن أكبر وتكبل حريتهم حتى من التمتع بالسفر مع أسرهم أو للعلاج أو لأي سبب آخر.

القانون الكويتي يمنع سحب الجواز أو إبعاد أي كويتي، ولكن الكويت بلد الممكن حيث يمنع الناس من السفر، ومع ذلك يهربون للخارج وهم على ذمة قضايا مدانة في المحاكم أو من تنشغل ذمته بأموال الغير، لأن جوازاتهم معهم، فلماذا عمران فقط خارج القانون؟!

دولة الكويت من جهة أخرى لا تمنع أي مواطن للسفر من أجل القتال مع الغير، ولم تسحب جوازات من تم التحقيق معهم في قضايا أمن دولة على خلفية تنقلاتهم الخارجية باسم الجهاد، فعادوا وغادروا بل إن بعضهم قتل في معارك دول أخرى، فهل حكومتنا صارت عنترة بن شداد مع عمران؟

والأكثر جنوناً أن حالات من المحكوم عليهم بالسجن وأدينوا بجميع درجات التقاضي قد هرّبوا من بوابات سجن وزارة الداخلية، وختمت جوازاتهم من منافذ وزارة الداخلية، وسافروا حالهم حال أي مواطن شريف، ومع ذلك لم تسحب جوازاتهم كإجراء احترازي فهل من جنون مثل هذا الجنون؟! ديرتنا بالفعل تجنّن، ولا ألوم أحداً مثل عمران أن يجنّ بالفعل وهو يطرق أبواب الجميع على مدى عشر سنوات يخاطب خلالها وزير الداخلية ووزير العدل ورئيس مجلس الأمة والخمسين عضوا ورئيس مجلس الوزراء فقط لاسترجاع جواز سفر، والجواب الذي يجنّن أيضاً هو "اصبر كلها 999 سنة وتنحل المشكلة"!

الناشطة اليمنية توكل كرمان سحب جوازها فمنحها العالم جائزة نوبل للسلام، ونيلسون مانديلا سحب جوازه فأصبح رئيساً للجمهورية ومنح "نوبل" للسلام أيضاً، والزعيمة البورمية أونغ سان تسو كذلك سحب جوازها وفرضت عليها الإقامة الجبرية فأعطوها "نوبل" والرئاسة معاً.

فهل نرشح الدكتور عمران لجائزة نوبل للسلام حتى يرجعوا له جوازه، قليلاً من الحياء يا ناس!