هنالك مقولة قديمة تقول: "لا تسأل الله أن يعطيك تحديات أقل في حياتك، ولكن اسأله أن يهبك قدرة أكبر على مواجهة التحديات". هذه المقولة صحيحة إلى حد بعيد جداً، وأقول هذا من واقع التجربة الشخصية، فكل التحديات التي واجهتها في حياتي، سواء الاجتماعية أو الفكرية أو العملية أو السياسية أو المالية أو غيرها، جعلت مني إنساناً أقوى، إنساناً أفضل، على الأقل على صعيد معرفة التعامل مع تلك التحديات نفسها وإجادته. أتخيل الأمر كالتمرينات الرياضية لحمل الأثقال، فبمقدار ما يتمرن الشخص أكثر تكتسب عضلاته قوة أكبر فيصبح قادراً على حمل أثقال أكبر!

Ad

كل المشاكل التي وقعت فيها، صغيرها وكبيرها، وبالأخص تلك الكبيرة التي شعرت معها أحيانا بأنها عصية على الحل ولا يمكن احتمالها إلى الحد الذي جعلني أشعر ربما بأنها هي النهاية، سرعان ما مضت وولت، حالها في ذلك حال كل المشاكل والمصائب التي ابتلي بها الإنسان منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا!

الزمن لوحده كفيل بمعالجة أعتى المشاكل... لي صديق يكرر هذا دائما، فيقول صاحبي هذا يكفيك أن تصمد وتصبر في وجه أي مشكلة لتتجاوزها لأن دوام الحال من المحال، وكما أن عمر السعادة لا يستمر ولا يدوم، فكذلك عمر البؤس لا يستمر ولا يدوم، إنما هي دورات متلاحقة، تطول وتقصر وفق ظروفها، ولكن أبدا لا تستمر.

لعل صاحبي مصيب من زاوية ما، ولكنني أؤمن أنه مما يعين المرء على تحمل أي مشكلة ومواجهتها وتحمل خطو الزمن الثقيل على النفس، وهي التي تثقل أصلا حين المشاكل والمصائب والآلام، أن يكون المرء صاحب همة وقرار ومبادرة وحركة، وألا يكون من أولئك الذين تشلهم الصدمات وتجمدهم التحديات ولعلها تكسرهم... نعم، يتفاوت الناس في امتلاك هذه القدرات فتكون ظاهرة قوية عند البعض منهم، وضعيفة وربما خافية عند البعض الآخر، لكن الأكيد أن كل واحد منا بحاجة إلى شيء من هذه القدرات حتى يمكن له أن يستمر صامدا، والأكيد أيضا أن استمرار مواجهة التحديات والمصاعب يكسب الناس، على اختلافهم وتفاوتهم، الخبرة والقدرة على النجاح في مواجهة مصاعب أكبر وتحديات أعظم مع مرور الأيام.