أرجو ألا يتوهم أحد ما أن الحالة الديمقراطية الكويتية قد انحدرت، فهذا غير صحيح يا سيدات ويا سادة، بل حقيقة الأمر وبكل بساطة هي أن الحالة الديمقراطية على ما هي عليه وكل ما هنالك هو أن اللاعبين على الخشبة قد انكشفوا بعدما تخلوا عن رداء التحفظ، فظهرت حقيقة إيمانهم وتوجهاتهم تجاه الممارسة الديمقراطية ككل.

Ad

اللاعبون المؤثرون على الخشبة السياسية اليوم هم نفسهم تقريباً من كانوا يمارسون اللعبة نفسها قبل عقدين، وربما ثلاثة عقود، من الزمان، وبالتالي فنحن لسنا أمام نظام أو جماعات أو شخوص مختلفين، إنما أمام الأطراف نفسها، ولكن كل ما هنالك أننا أضحينا في واقع مختلف وأمام تحديات جديدة. وهذا الواقع المختلف والتحديات الجديدة، التي تدور جميعها حول محوري الانفتاح السياسي والإعلامي الذي ضرب العالم بأسره من أقصاه إلى أقصاه  مما جعل الشعوب تدرك أبعاد حقوقها السياسية أكثر فتبدأ بالكلام والتحرك لأجل المطالبة بها، أقول إن هذا الواقع المختلف والتحديات الجديدة هي التي جعلت ذات الأطراف التي كانت تتستر برداء زائف من الديمقراطية تتخلى عنه وتكشر عن أنيابها، عندما وجدت أن الأمر قد بدأ يصل إلى أرضها ويطولها ويهدد بتغيير سائر الحياة من حولها.

إدراك هذا الأمر مهم جداً، ليس من باب التحليل العلمي لما يجري فحسب، إنما من باب إدارة الصراع أيضاً، وهو الباب الأهم في تقديري في هذه المرحلة.

أُذكِّر أن من كانوا يرون وبجلاء حقيقة الواقع الديمقراطي الزائف الذي نرتع فيه منذ سنوات ليست بالقريبة، وكانوا يطالبون بالحكومة الشعبية المنتخبة وإشهار الأحزاب وبالممارسة البرلمانية الكاملة منذ زمن ليس بالقريب تم اتهامهم، ليس من قبل السلطة فحسب بل من قبل عموم الناس إلا فئة قليلة ونادرة جداً، بأنهم من الخوارج واتهموا بالقفز بعيداً عن المعقول السياسي إن لم يكونوا يتهمون بالخيانة، واليوم ها قد أدرك الجميع تقريباً ألا مخرج من هذا الواقع السياسي المختنق إلا بالحكومة الشعبية المنتخبة وإشهار الأحزاب والممارسة الديمقراطية الكاملة.

إذن فالمسألة يا سادتي ليست جديدة في الحقيقة، ولهذا فنحن اليوم بحاجة ملحة إلى ثورة من أجل التغيير، وحين أستخدم مصطلح الثورة هنا فأحرص في ذات الوقت على التوضيح بأني أقصد ثورة بيضاء، سلمية بالكامل. ثورة بيضاء سلمية طويلة النفس وشديدة العزم تستخدم كل ما يمكنها ويتاح لها لأجل الوصول إلى التغيير، وهو الأمر الذي سيكون عاجلاً أو آجلاً.

حين تقوم السلطة بإلغاء أمسية شعرية عبر منع جمعية المحامين من استضافتها على مسرحها، لأن عنوان الأمسية "الشعب مصدر السلطات"، قد استفزها وأصابها بالرعب مما قد يترتب عليها، فإن هذا دليل قاطع بأن الكلمة اليوم باتت كافية لأن ترعب حكومات بل تسقطها؛ لهذا فالحراك المعارض، وأكررها مجدداً، بحاجة إلى أن يستمر في مواجهته وتنويع أساليبه المستخدمة في الإطار السلمي، وذلك ما بين الاعتصامات والندوات والمحاضرات والمقالات والبيانات والأمسيات والحشد عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، وستكون له الغلبة، طال الزمان أو قصر.