سياسة الأرض المحروقة هي استراتيجية عسكرية أو طريقة عمليات يتم فيها "إحراق" أي شيء قد يستفيد منه "العدو" عند التقدم أو التراجع في منطقة ما، في الأصل كان المصطلح يشير إلى إحراق المحاصيل الزراعية لعدم استعمالها من طرف "العدو" كمؤونة، أما الآن فهو يشير إلى إحراق المنتجات الغذائية وتدمير الهياكل الأساسية مثل المأوى والنقل والاتصالات والموارد الصناعية.
أيضا تدمير موارد "العدو" بشكل عقابي هو أحد أهداف تطبيق سياسة الأرض المحروقة، لاحظ أن هذا السلوك يكون موجهاً دائماً إلى "العدو"، ولو طبقنا هذا المفهوم على سلوك جماعة "الإخوان المسلمين" تجاه المصريين خلال الأيام الأخيرة الذي التزم حرفياً بمفهوم الأرض المحروقة لفهمنا إلى أي مدى سلكوا سلوكاً عدائياً تجاه من يفترض أنهم جزء منهم.لم أرغب أن أصدق الأنباء التي خرجت في البداية لتؤكد أن قيادة الجماعة أعطت أوامر لجميع قيادات الجماعة بالقاهرة والمحافظات لشن هجوم شامل على كل المنشآت ومؤسسات الدولة الحيوية وإشعال النيران فيها وتحطيمها، لكن السلوك التالي لهم أسقط رغبتي في عدم التصديق.الأنباء قالت إن الهجوم يشمل أيضاً حرق كل الصحف القومية والخاصة وجميع مباني الوزارات وأقسام الشرطة واستهداف وزارة الداخلية واقتحام وتدمير مدينة الإنتاج الإعلامي بالكامل. جماعة "الإخوان" استخدمت سياسة الأرض المحروقة كأساس لعمليات الإرهاب المنتظمة التي قامت بها خلال الأيام الماضية مثل الحرق وإضرام النيران بالمؤسسات والممتلكات العامة والخاصة بشكل يعكس صوراً لدولة تحترق واستهانة واضحة بكل الملكيات والأرواح ورسالة واضحة لكل المخالفين للمسيرة الإخوانية، بينما كان اقتحام وتدمير ونهب الهيئات والمؤسسات العامة هو الوسيلة الثانية من أشكال العنف التي مورست من الإخوان ضد الدولة ومواطنيها، أما قطع الطرق الرئيسية فشكل المحور الثالث لإحداث شلل مروري بالدولة.وفي سلوك ذكّرنا بأحداث حرق الأقسام واقتحام السجون في يناير 2011 استهدف الإخوان أقسام الشرطة والأبنية الحكومية لتدميرها وحرقها في خطة واضحة لتوجيه ضربة إلى المؤسسة الأمنية وإسقاط هيبة الدولة، وكانت مهاجمة كنائس وممتلكات المصريين المسيحيين بشكل أدى لإحراق عشرات الكنائس والممتلكات الخاصة بالمصريين الأقباط أسلوباً قديماً متجدداً للجماعة وحلفائها سبق أن مارسته على مر تاريخها.ولن يقف الأمر عند حدود مصر فقد رصدت أجهزة استخباراتية تعليمات صادرة من التنظيم الدولي للإخوان يعلن فيها حالة الاستنفار، في كل الدول العربية التي بها أعضاء للإخوان، عقب فض الاعتصام من أجل التصعيد ضد الدول التي يعتقدون أنها وقفت ضدهم.ما يحدث الآن هو تنفيذ دقيق لما تمنيت ألا أصدقه من أنهم ينفذون خطة الفوضى على حساب شعبهم ووطنهم، وذلك بتوسيع دائرة المواجهة مع قوات الأمن بغاية إرباكها واستنفاد جهودها.ما لا يدركه الإخوان أن سياسة الأرض المحروقة لم تزد إلا في عزلهم وأتباعهم بين المصريين الذين يفاجأ معظمهم اليوم بأن هؤلاء حكموهم يوماً ما، قطاع كبير من المصريين يحملون "الإخوان المسلمين" مسؤولية التصعيد الخطير الذي تشهده مصر وخلف عشرات القتلى والجرحى بينهم عناصر أمنية، وذلك بسبب رفضهم مبادرات محلية وخارجية لتطويق الأزمة والعودة إلى الحوار.ظل الباب مفتوحاً منذ اللحظة الأولى لمشاركة الجميع في رسم خريطة مستقبل مصر، لكن الجماعة التي حددت ولاءها خارج حدود الوطن رفضت إلا أن تدمر وتحرق الأرض وراءها، كان لسان حالهم إما أن نحكم مصر أو نحرقها، وهذا ما يحاولون فعله، إن مشهد القاهرة المحترقة بأيدي بعض من أبنائها من أكثر المشاهد قسوة على النفس، وهم لا يدركون -أي أعضاء الجماعة- أنهم عندما يمارسون سياسة الأرض المحروقة فإنهم بذلك يخلقون حالة عدائية من الصعب تجاوزها بسهولة.
أخر كلام
الإخوان وسياسة «الأرض المحروقة»
17-08-2013