يتواصل الحراك السياسي والسعي الدبلوماسي الدولي في القاهرة من أجل البحث عن الخروج من الأزمة السياسية التي تشهدها أكبر دولة عربية، عقب الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي، في ظل تمسك القاهرة بألا رجعة عن مكتسبات «30 يونيو».

Ad

شهدت القاهرة نشاطاً دبلوماسياً أمس، من أجل البحث عن مخرج للأزمة السياسية، بعد زيارة المفوضة السامية للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي كاترين آشتون، فمن ناحية تلقى الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور اتصالاً هاتفياً من الأمين العام اللأمم المتحدة بان كي مون، لبحث تفاصيل المرحلة الانتقالية، بينما زار وفد من لجنة "الحكماء الأفارقة"، برئاسة ألفا عمر كوناري، الرئيس المعزول محمد مرسي في مقر إقامته، والتقى الوفد بكبار المسؤولين في القاهرة لبحث مسيرة التحول الديمقراطي في مصر، وينتظر أن يصل وفد من الكونغرس الأميركي على رأسه العضوان جون مكين وليندسي جراهام، إلى القاهرة خلال أيام.

وخلفت زيارة آشتون الكثير من الجدل أمس بين صفوف القوى السياسية في القاهرة، حول النتائج النهائية للزيارة التي تباينت الآراء حول فحوى الرسائل التي حملتها آشتون إلى النظام السياسي القائم والمؤسسة العسكرية بعد الإطاحة بالرئيس "الإخواني" مطلع الشهر الماضي.

وعلمت "الجريدة" أن آشتون عرضت على مرسي التنازل عن شرعيته الدستورية والانتخابية مقابل الخروج الآمن له ولأنصاره المحبوسين، إلا أن الأخير رفض، مشدداً على أنه أول رئيس شرعي منتخب.

وعقد مجلس الوزراء المصري اجتماعاً أمس برئاسة حازم الببلاوي بهدف بحث الأوضاع الأمنية والاقتصادية ونتائج زيارة آشتون ووفد الحكماء الأفارقة، فيما عقد الببلاوي اجتماعاً مغلقاً مع النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، ورجحت مصادر أن يكون اللقاء لهدف مناقشة سبل فض اعتصامي "رابعة العدوية" و"النهضة" المناصرين للرئيس المعزول.

وبينما أبدت جماعة "الإخوان المسلمين" تشدداً وتمسكت بضرورة عودة الرئيس المعزول إلى منصبه السابق قبل الحديث عن أي مبادرات، قال العضو المؤسس لحملة "تمرد" محمد عبد العزيز، إن وفد الحملة أبلغ آشتون، خلال لقاء جمعه بها، رفض الحديث عن الرئيس المعزول وكأنه مازال رئيساً، مؤكداً إصرار "تمرد" على عدم الاعتراف بأي مبادرة أياً كانت إلا بعد الاعتراف بشرعية ما جرى في "30 يونيو" باعتبارها ثورة على الحكم الإخواني.

وفي حين رفض عضو الهيئة العليا لحزب "المصريين الأحرار" محمود العلايلي، لقاء "آشتون ـ مرسي"، واعتبره "انتهاكاً للقانون"، قال رئيس حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي" عبدالغفار شكر، إن اللقاء يأتي في إطار إعلان مصر احترامها لدولة القانون، وأنها تعامل الرئيس السابق معاملة طيبة، دون تجاوز في حقه، وأضاف شكر لـ"الجريدة": "الاتحاد الأوروبي له مصالح مع مصر، ويريد أن يعرف مصير التحقيقات التي تجرى مع المعزول".

من جهته، قال المتحدث باسم حزب "الوفد" عبدالله المغازي إن المصالحة الوطنية والدستور والقانون من يحكم المصريين فيما بينهم، والقاهرة لا تقبل إملاءات من أحد، و"الوفد" كان يأمل أن تدين آشتون بشكل صريح لجوء "الإخوان" إلى العنف خلال تظاهراتها، وكذلك العنف في سيناء، مؤكداً أن أميركا والاتحاد الأوروبي لا يريدان لعب دور الوسيط النزيه، مطالباً المسؤولين أن يحتكموا إلى الإرادة الشعبية وحدها.

 

ميادين بلا أسلحة

 

وبعد انتهاء فعاليات مليونية "شهداء الانقلاب" التي نظمتها جماعة "الإخوان المسلمين" أمس الأول، أعلنت حملة "تمرد"، أنها تواصلت خلال الـ48 ساعة الماضية مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، للاتفاق على النقاط النهائية، حول مبادرة تفتيش اعتصامات مؤيدي ومعارضي الرئيس المعزول مرسي، أمام مسجد "رابعة العدوية" شرقي القاهرة، وفي ميدان "النهضة" بالجيزة، للتأكد من خلوها من الأسلحة، بمشاركة ممثلين للجامعة العربية والمنظمات الحقوقية.

وقالت عضو الحملة المركزية لـ"تمرد" منى سليم، لـ"الجريدة" إن قيادات الحملة بدأت خلال الأيام الماضية في إجراء اتصالات مع الأمين العام للجامعة العربية، لبحث تفتيش اعتصامات مؤيدي ومعارضي مرسي، وهو ما أبدى العربي موافقة مبدئية عليه، وأنه سيجرى خلال الساعات المقبلة التوافق حول ضوابط اللجنة القضائية التي ستخول حق التفتيش والتأكد من سلمية الاعتصامات.

وأضافت سليم أن الشرط الأساسي هو أن يمتلك الوفد سلطة الضبطية القضائية للتعامل القانوني، حال اكتشافه وجود أسلحة داخل الاعتصامات أو أشخاص مطلوبين جنائياً، لافتة إلى أن هناك اتجاها لأن تتضمن المبادرة زيارات مفاجئة للاعتصام دون تحديد موعد مسبق، فضلاً عن ممثلين دائمين للجهات الحقوقية داخل الاعتصامات للكشف عن أي انتهاكات.

وكانت النيابة العامة المصرية استمعت إلى أقوال اثنين من مساعدي وزير الداخلية في شأن معلوماتهم حول أحداث العنف والمصادمات الدامية التي جرت في طريق النصر بمدينة نصر فجر الماضي، وطبيعة تسليح قوات الأمن أثناء المواجهات، وأكد اللواءان أسامة الصغير مساعد الوزير مدير أمن القاهرة، وأشرف عبدالله مساعد الوزير رئيس قطاع الأمن المركزي – في أقوالهما أمام النيابة – إن قوات الشرطة والأمن المركزي استخدمت قنابل الغاز فقط في التصدي للمتجمهرين من معتصمي رابعة العدوية أثناء محاولتهم التقدم وقطع طريق النصر وكوبري أكتوبر، وشددا على أن القوات لم يكن بحوزتها مطلقاً أسلحة نارية أو خرطوش لاستخدامها في التصدي للمتظاهرين.

في السياق، طالب التيار "الشعبي المصري" في رسالة وجهها إلى الرئيس المؤقت، منصور، مساء أمس الأول بضرورة تفعيل مبادرة "تفتيش الميادين"، التي طرحها التيار في وقت سابق، من خلال تشكيل وفد يضم مجموعة من القضاة المستقلين المشهود لهم بالنزاهة، ورجال النيابة العامة، ومتخصصين وخبراء مجهزين فنيا للكشف عن الأسلحة، وحقوقيين، وممثلي منظمات المجتمع المدني، وعدد من الشخصيات العامة، للبدء فوراً في زيارة كل الاعتصامات الحالية لكشف حقيقة ما اذا كان هناك أسلحة أم لا في أماكن الاعتصامات.