• عاش الشاب الذكي راسكولينوف حياة بائسة وربما كان يظن أن بإمكانه القيام بقتل المرابية العجوز وشقيقتها ليثبت تفوقه على المجتمع العاثر "الداثر"، لكن لم تأت الأمور على ما أراد، إلى أن اتهم بالجنون وفكر بالانتحار، في مجتمع كانت الدماء "تراق فيه كالشمبانيا" كما قال فيودور دوستويفسكي في روايته الخالدة "الجريمة والعقاب" التي فصلت الحالة الاجتماعية في روسيا عام 1866.

Ad

• ربما أبحر دوستويفسكي في نوازع الجريمة ودوافعها في مجتمع مقسوم بين مهمشين ومتحكمين، لكن رؤاه ونزعاته الإنسانية لم تكن خافية، فهو وإن كان قد أبدى تعاطفاً مع شخصية راسكولينوف، فإنه لم يتوان عن ضرورة عقابه، حتى وإن كان فعله الإجرامي قد تم بمبررات تمرد على حالة الاستلاب التي يعيشها المجتمع وتدمير أسرته. 

• ذلك كان شأن الجريمة العادية في إطار المجتمع الواحد، والتي يرتكبها أفراد، فما بالنا والحديث الآن عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية؟ تلك كانت الخاطرة التي دارت برأسي وأنا أتابع محاكمة إدانة شارلز تايلور رئيس ليبيريا السابق، الذي تم الحكم عليه بخمسين عاماً عبر المحكمة الجنائية الدولية لسيراليون في يوم تاريخي. لعلها البداية وربما يتبعه رؤساء وحكام آخرون تمكنوا من الفرار أو إبرام صفقات سياسية، فالطريق مازال طويلاً لكنه يستحق المسير.

وللحديث بقية