على وقع قرار محكمة الجنايات أمس سجنَ ثلاثة نواب سابقين بتهمة الإساءة للذات الأميرية خلال بعض ندوات المعارضة لرفض مرسوم الصوت الواحد، رفعت الأغلبية المبطلة في مجلس 2012 سقف مواجهتها، وشنت حملة عنيفة على السلطة السياسية بمختلف مستوياتها، واتهم النواب السابقون السلطة بتجيير القضاء في حربها ضدهم، محذرين من مغبة هذا التوجه الذي اعتبروا أنه يقود إلى «نهاية البلد».

Ad

ودعا النواب السابقون، خلال لقاء تضامني ومسيرة مع زملائهم المحكومين إلى إلغاء هذه الأحكام، مؤكدين أنهم ماضون في تحركهم ومسيراتهم ضد هذه الأحكام، علماً أن اللقاء التضامني انتقل ليل أمس في مسيرة من ديوان الصواغ إلى ديوان الطاحوس.

بينما أسدلت محكمة الجنايات أمس الستار على حكمها في القضية المرفوعة من النيابة العامة ضد النواب السابقين، فلاح الصواغ وخالد الطاحوس وبدر الداهوم بعد اتهامهم بالإساءة للذات الأميرية والطعن في مسند الإمارة، وقضت بحبسهم ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ، تحول اللقاء التضامني في ديوان الصواغ بمنطقة الفنطاس إلى مناسبة لشن خطباء المناسبة هجوماً عنيفاً على السلطة السياسية بمختلف مستوياتها.

وقررت المحكمة عدم جدية الدفع المقام من دفاع النواب المتهمين، بعدم دستورية «المادة 25» من قانون أمن الدولة التي تجرم المساس بذات الأمير.

وكانت النيابة العامة وجهت إلى النواب السابقين الثلاثة تهم المساس بذات الأمير والعيب على صلاحياته والطعن في مسند الإمارة، على خلفية التصريحات التي أدلوا بها في ندوة النائب السابق سالم النملان، وهي التهم التي أنكروها أمام النيابة والمحكمة، لافتين إلى أنهم كانوا يخاطبون الأمير من باب النصح، لكونه رئيساً للسلطات.

وبعد صدور حكم «الجنايات» بالحبس استأنف دفاع النواب السابقين الحكم أمام محكمة الاستئناف، رغم أن التقرير بالاستئناف لا يرتب وقف العقوبة الصادرة من محكمة الجنايات، إلا بأمر من دائرة محكمة الاستئناف التي ستنظر القضية مجددا.

وعلمت «الجريدة» من مصادر مطلعة أن محكمة الجنايات انتهت إلى إدانة النواب الثلاثة الصواغ والداهوم والطاحوس، بعدما استندت الى الاعترافات الصادرة منهم في تحقيقات النيابة العامة، بأنهم أصحاب العبارات الواردة في الندوة التي أقيمت بديوان النائب السابق سالم النملان، «ومن خلال ما ثبت من تقرير تفريغ شريط الفيديو الخاص بالندوة، وكذلك من خلال اعترافاتهم بأنهم وجهوا هذه العبارات إلى سمو الأمير لا إلى شخص آخر بهدف النصح».

رمز الدولة

وبينت المصادر أن المحكمة أكدت في حكمها كذلك أن «سمو الأمير يعد رمزا للدولة وواجب على الجميع احترامه وعدم العيب في صلاحياته أو المساس بذاته أو الطعن في مسند الإمارة، كما لفتت المحكمة إلى أن الكويت شهدت في الآونة الأخيرة بعض الأحداث التي وصلت إلى حد الفوضى نتيجة مخالفة القانون، وكان يفترض بالمتهمين أن يكونوا على وعي وإلمام قانوني» في هذا الصدد.

وكشفت أن المحكمة اطمأنت، بعد اطلاعها على أوراق الدعوى، أن «المتهمين النواب السابقين يكونون بذلك ارتكبوا الفعل المؤثم المعاقب عليه وفق نص المادة 25 من قانون أمن الدولة الداخلي»، لافتة إلى أنها أكدت في حكمها أن «المادة 54 من الدستور تنص على أن ذات الأمير مصونة لا تمس وأن المتهمين قاموا بالمساس علنا بحقوق الأمير، وعابوا على صلاحياته على نحو يخالف القانون».

وعن الدفع بعدم دستورية المادة 25، لفتت إلى تأكيد المحكمة أن الدفع غير جدي ولا وجود لرابط بين النص المطعون عليه بعدم الدستورية، وبين النصوص الدستورية المدعى بمخالفتها، مشيرة إلى أن المحكمة انتهت إلى عدم جدية الدفع وعدم سلامته.

الحراك مستمر

وفي اللقاء بديوان الصواغ، الذي جمع المعارضة النيابية السابقة، تحدث النائب السابق مبارك الوعلان فقال: «ليس لنا إلا ان نعلن ان حراكنا مستمر، ولا يمكن ان نرضى بالسجن، ونحذر الداخلية من المساس بالأحرار، كما نحذر من أي تصادم مع الشباب المجتمعين لدفع الأمور إلى ما لا تحمد عقباه»، مضيفا: «إذا كسرتم القانون فنحن لدينا جبال نستند إليها ونعرف متى نحركها».

ومن جانبه قال الداهوم: «لاشك ان هذه السلطة تريد العداء مع الشعب الكويتي، تارة بالقبضة الأمنية، وتارة بتمكين المفسدين وسراق المال العام، ولم يبق سور إلا سور القضاء الأخير الذي يريدون هدمه»، مبيناً أن هذا «امر مرفوض وإذا استمر فإنما يدل على نهاية الدولة، لذا لن نسمح لكم بهدم الدولة التي ليس لدينا غيرها».

وأضاف الداهوم أن «المواطن اساس هذا البلد والشرفاء قدموا ارواحهم فداء له، ولن نسمح لأحد بأن يتعدى على حقوق المواطنين. ومن لا يرد استقامة البلد فليس له بقاء، فأصلحوا الأوضاع قبل ان تنفلت الأمور من أيديكم».

وقال إن «سيئي السمعة يملكون القرار، وهناك تدخل في قرارات المحاكم حتى لا يتمكن المعارضون من ترشيح انفسهم»، معلنا أن «الحراك الشبابي تعدى سقف النواب وأن الأمور لن تجدي مع سجن اي نائب من الأغلبية، ففي الكويت ألف مسلم البراك وألف فلاح الصواغ، ارجعوا الى انفسكم فهناك شباب يستطيع ادارة البلد افضل منكم».

لم نخن الأمانة

وبدوره قال الصواغ: «والله نحن لم نسب صاحب السمو حفظه الله. من سب غيرنا، من سرق غيرنا، من شتم حكام الخليج غيرنا. اينكم عنهم؟، ونناشد أمير البلاد إنقاذ البلد، فهو الوحيد القادر على ذلك بعد الله»، مضيفا: «إننا حاربنا في كل الاتجاهات ضد الفساد ولكن من دون فائدة».

وأضاف: «لم نخن الامانة، خاطبنا وفق القنوات الدستورية، ضربنا شتمنا، ذهبنا الى سمو الامير، تكلمنا عن ضرب الوحدة الوطنية والخليجية وسرقة المال العام، تكلمنا عن القبيضة، كشفتُ أسماءهم وأرصدتهم. في السر تكلمنا مع الأمير، تعاونا مع الحكومة وتنازلنا عن بعض الامور وتم حل المجلس وكان القصد إبعاد الاغلبية».

وتابع: «وقفنا مع جابر المبارك في استجواب مقصود، واعترضنا وفق الدستور عبر مسيرات وندوات يقرها الدستور. وقعنا في ظلم لم نقل شيئا خطأ، وكل ما قلناه إن اموال البلد نهبت، مشاريع البلد هدرت، وناصر المحمد من صوب والخرافي من صوب من اجل عودة هولاء النواب».

وقال: «أصبح واضحا قرب السلطة للفاسدين ومحاربة الشباب الوطنيين، واتضح ذلك من خلال الملاحقات السياسية الملفقة لشباب وطنيين مخلصين. تحدثنا بقلب صادق ومخلص، مع الاسف لم نر العدل والمساواة، تعرضنا لقضايا أمن دولة ملفقة، كنا ناصحين ولا ننشد إلا إصلاح البلد، ولم نفجر أو نخطف طائرات ولم نهرب الديزل، ولم نقبل الرشوة».

وأكد: «لن نهرب بإذن الله، ونحن موجودون في ديواننا ومستعدون لاحترام حكم المحكمة، وسنستأنف الحكم، والبلد لن يقف على اثنين أو ثلاثة أو خمسة، لا تخذلونا يا شباب، لم أدخل مخفرا ولا سجنا إلا من أجلكم ولمصلحة الشعب الكويتي».

من سيئ إلى أسوأ

وبدوره تحدث أمير قبيلة العوازم الشيخ فلاح بن جامع قائلاً: «إن ما يحصل في البلد ينحدر من سيئ إلى أسوأ ونفس البحرين، والبنيان صعب والهدم سهل».

وأضاف: «متأكد ان من ضحك اليوم سيبكي غدا، وهناك ناس هم سبب الأزمة في البلد، ثلاثة مجالس طلعوا وقت الرشاوى والصوت الواحد فهل الناس لا قيمة لها؟».

وذكر: «لم آخذ جنسيتي في طهران. حتى بعض أفراد الاسرة الحاكمة عندها ثلاث أو أربع جناسي، أنا قلت إنني مع الأسرة وضد الصوت الواحد ولست وحدي من قاطع، ونعلم ان سجن الصواغ والداهوم موجه ضد العوازم. لم نخطئ بشيء،  والحضر والشيعة والقبائل اخواننا ولا نرضى بشتم أحد».

وتابع: «أنا اكرر كلام الصواغ اننا غرقانين، ونحن لسنا غنما، وحتى الغنم تحطها بشبك تطلع من الشبك وتشقه، وليس من المعقول صدور حكم على الجويهل ويتم تهريبه قبل الحكم بثلاث ساعات».

وأضاف: «السجن ثلاث سنوات شرف على صدورنا لأنه ظلم ومتعمد. الكويت أكبر من الجميع ولم أرَ من سب الصحابة أو الدين والملك عبدالله صار لهم شي.. والذين ابنوا مغنية وغيره».

وقال: «ما حصل اليوم (أمس) ظلم يديره البعض، والحقد مداه قصير مهما كان، العوازم لا ينقصهم الصواغ أو الداهوم، فالسجن غير مهم ويجب ان تكون مواقفنا شريفة، وأنا متأكد ان الجميع يعلم ان النواب مظلومون».

وبيّن أن «طاعة الدينار مرفوضة، والطاعة لله والكويت، وإذا مشوا الصباح صحيح مشينا وإلا سنمشي مع الشيطان الاكبر. نريد من الاسرة ان تحكم بالعدل. نحن موقفنا وارضنا الكويت وأسرتنا الصباح والمطلوب الحكمة والعقل»، مؤكدا أنه «لو تسجنون العوازم كلهم ما راح نكتم كلمة الحق».

وأشار بن جامع إلى أن رئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي يقول: «لا أتوقع ان يكون هناك رئيس مجلس وزراء شعبي مادام انا حي، أبي أسألكم هل هذا الامر بيده؟»، مضيفا «إنني أنا مع الأسرة وما قلت لهم شي، هم اللي ضروني وجابوا أخواني وعيال عمي من السعودية أنا شقلت!! بس قلت انا ضد المرسوم».

وتحدث النائب السابق مسلم البراك فقال: «أقول للصواغ لا تخاطب الداخلية لانهم غير كفء، اليوم تركوا كل شي واتوا لمحاسبتنا باسم القانون، سمعنا من تكلم على السعودية وتطاول على الملك عبدالله ولم تتحرك حكومة الخيبة، وتكلموا على دول الخليج قطر والسعودية وغيرها. نحن نطالب بالدستور. وحكم اليوم على الاخوان النواب باطل... وأنا ذاهب الى القدر الذي اخترته، وأقول طز في سجنكم. رؤوسنا مرفوعة وكرامتنا محفوظة وسنخرج مسيرات وهذا حقنا».

ومع انتهاء الكلمات انطلقت مسيرة راجلة في اتجاه ديوان الطاحوس لإعلان التضامن معه.