كيف تعتدي الحكومة على المال العام؟

نشر في 13-01-2013
آخر تحديث 13-01-2013 | 00:01
بذل مجلس الأمة جهداً كبيراً لسنّ قانون حماية المال العام، وخاض بعض نواب مجالس التسعينيات حربا ضروساً للوقوف في وجه الفساد، لكن مشكلة الهدر والإهمال والاستهتار في تحصيل المال العام لم تأخذ كفايتها من الاهتمام رغم الجهد السنوي الذي يقوم به ديوان المحاسبة في كشف تلك الممارسات في تقاريره.
 مظفّر عبدالله أول العمود:

"بدون" ينتحر حرقاً، ملفّ غير محددي الجنسية يتقدم إلى الأمام.

***

الحديث عن سرقة المال العام والعبث به ازدهر بشكل ملفت بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي، ويمتد الحديث عنه إلى اليوم بفعل الوفرة المالية التي لم تجد قنوات كافية لتصريفها رغم وجود ما يسمى بخطة التنمية، لكن هناك مرض آخر يفتك بمالية الدولة لا تنتبه إليه الحكومة ولا المجلس، أو يتجاهلانه، وهو مرض الهدر والإهمال بكل صوره وأشكاله، وبما يعد سرقة وعبثاً من نوع آخر. حرائق منشآت البترول التي تكلف الخزينة ملايين الدنانير، والتراخي في تحصيل فواتير الكهرباء والماء (311 مليون دينار خلال 3 سنوات مضت)، والمخالفات المرورية (47 مليون دينار منذ عام 2000)، صرف مكافآت وسيارات ومعاشات استثنائية  لموظفي الدولة من دون وجه حق أو بالمخالفة لقوانين الرقابة المالية، كل ذلك يعدّ شكلاً من أشكال السرقة، لكنها تأتي من منافذ الإهمال والتراخي في تحصيل أموال الدولة.

بذل مجلس الأمة جهداً كبيراً لسنّ قانون حماية المال العام، وخاض بعض نواب مجالس التسعينيات حربا ضروساً للوقوف في وجه الفساد، لكن مشكلة الهدر والإهمال والاستهتار في تحصيل المال العام لم تأخذ كفايتها من الاهتمام رغم الجهد السنوي الذي يقوم به ديوان المحاسبة في كشف تلك الممارسات في تقاريره.

 وقد بلغ ببعض الجهات الحكومية إلى اعتماد التفافات قانونية من أجل النأي ببعض أوجه الصرف عن الرقابة المالية كعملية تجزئة بعض المشتريات التي تكلف مبالغ ضخمة، إلى عمليات شراء صغيرة وعلى دفعات. (شراء هدايا بـ5 ملايين لمجلس الوزراء وبشكل مجزأ كما في تقرير ديوان المحاسبة الأخير).

إن عملية العبث وسوء الاستهلاك للخدمات كالأدوية، وهدر المياه (3% من إنتاجها أهدر في 3 أعوام مضت)، والكهرباء في المؤسسات الحكومية، وتأخر تسليم الكثير من المشروعات في موعدها المقرر، والتراخي في فرض عقوبات على المقاولين بسبب ذلك، تأتي كدليل على ضعف أوجه الرقابة المالية، والصرف على العلاج في الخارج، وترهل الجهاز الإداري الممثل بالوزارات والهيئات الحكومية التي يطلب منها بشكل مثير للشفقة أن تنجز خطة التنمية!!

المال العام في الكويت يعاني مرضاً لأنه يسرق، أو يهمل، أو لا يوظف كما يجب، لكننا نعتقد دوما أن السرقة هي المرض الوحيد الذي يفتك به، والحكومة لأنها المتصرف الوحيد في الثروة والمال العام فهي مسؤولة عن جميع مظاهر عدم الاكتراث به.

back to top