من فات «طاشه» تاه
الإعلان الذي سبق لقاء نجم الكوميديا في الخليج صاحب التاريخ الطويل في العمل المسرحي والتلفزيوني، وأحد أعمدة الفن في الوطن العربي عبدالحسين عبدالرضا، والفنان الخليجي المحبوب الذي كرس اسمه في أحد الأعمال المهمة منذ أول انطلاقة لمسلسل "طاش ما طاش" ليقدم مجموعة من الشخصيات المتنوعة التي تدل على موهبة مجيدة ناصر القصبي، ذلك الإعلان كان يشكل ترقبا للكثيرين من عشاق الفنانين والمراقبين لمشوارهم الجميل رغم تباينه التاريخي. بالتأكيد كنا نتوقع عملا يليق بسمعة النجمين أولا، ويليق بسمعة التجربة الفنية في الخليج بعد سلسلة من الإخفاقات الطويلة في تقديم عمل يبقى في أذهان المتابعين، أو يعيد لنا الثقة بمقدرة اجتماع قطبين من نجوم الكوميديا على إعادة التاريخ الدرامي الذي يبدو أنه سيبقى لفترة طويلة مجرد تاريخ نتذكره بحسرة.بعد أكثر من ثلثي حلقات المسلسل الذي وافق النجمان على تقاسم أدواره أصبحت متابعته تصيبنا بأكثر من الإحباط والملل في محاولة سمجة لإجبارنا على الضحك. عقدة الفنان المخضرم عبدالحسين عبدالرضا في مسلسل "أبو الملايين" هي اتكاؤه على قدرته الذاتية في محاولة إعادة صياغة جمل كانت تصلح لجيل سابق وزمن سابق، دون أن ينتبه إلى أنها تكررت كثيرا في الكثير من أعماله، وفقدت سطوتها السابقة وقدرتها على الإضحاك، بالذات حين يكون الهدف من تلك الجمل إنقاذ نص غير متماسك. أما عقدة القصبي فتبدو أكبر بكثير من عقد زميله المخضرم، فهو لم يستطع خلال هذه المدة القصيرة أن يخرج من عباءة مسلسله الأشهر "طاش ما طاش"، ومجموعة الشخصيات التي برز في أدائها لأعوام طويلة.
في لقاء سابق بين نجمي مسلسل "طاش ما طاش" ناصر القصبي وعبدالله السدحان اختلف النجمان على استمرارية المسلسل. كان رأي السدحان أن يستمر المسلسل طالما يقدم نجاحا ويجد قبولا من الجمهور، بينما كان رأي القصبي هو أن يتوقف المسلسل وأن يخرج من إطار الشخصيات التي قدمها. كان القصبي على حق في الحوار المذكور، فليس من المقبول لفنان أن يضع نفسه في إطار ثابت يحدد قدراته ويحد من تنوع أدواره في أعمال يستطيع من خلالها الانتقال من الكوميدي الى التراجيدي، والابتعاد عن الشخصيات النمطية التي كررها في المسلسل. وكان القصبي يتجه اتجاها صحيحا في مغامرة الخروج من شهرة المسلسل وسطوته، وأن يحاول تأكيد جدارته في مختلف الأدوار التي يقدمها. لكنه للأسف وقع هو تحت النمطية التي اعتاد تقديمها.لا نناقش هنا المساحات الضيقة في النص، والتي حددت حركة أداء القصبي، كما حددت حوارات عبدالحسين عبدالرضا، إنما نناقش أداء النجمين اللذين وقعا في فخ الأداء المكرر. لم يستطع أي منهما أن يكون مقنعا بأدائه للدور، ولجأ الاثنان إلى مهارات سابقة وكأن خط الأداء قد توقف عند حدود التجارب السابقة ولم يعد بالإمكان تجاوزها. ونحن لا نبرئ النص المكتوب في عدم قدرته على الخروج من سطوة هذه الخبرات السابقة إذا كان المؤلف يعرف أن عمله مقدم للنجمين تحديدا وليس لاختيار مخرج العمل كما كان يجب أن يكون عليه الأمر. ولكننا أيضا لا نجد ما يغفر للنجمين من الدخول في تجربة يعلمان أنها ليست إضافة لتاريخ عبدالحسين عبدالرضا، وليست ثوبا جديدا يخرج به ناصر القصبي من عباءة طاش ما طاش.يبدو أن على القصبي تحديدا أن ينتظر طويلا حتى يترك إرث طاش ما طاش، الذي يحمله على كاهل إبداعه أو يستمع إلى رأي رفيق دربه السدحان ويعود اليه.