إعاقة التدويل
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
ولم يكن يدور بخلد "المؤسسين" أن التغيير قادم، وأن الساحة الدولية ستشهد لاعبين جدداً يسعون إلى أخذ وضعهم وتأثيرهم، وأن اللاعبين المؤثرين لن يكونوا دولاً فقط بل قضايا كبرى، ومنظمات دولية غير حكومية، ورأي عام دولي، إلا أن صراع القضايا الكبرى كالبيئة وحقوق الإنسان والديمقراطية تأجَّل بفعل فاعل، وحل محله صراع التحرر من الاستعمار، الذي دخل فكرياً في أتون الحرب الباردة بين القطبين الكبيرين ومساعديهما على الضفتين الأميركية والسوفييتية، هكذا مثلاً تم التعامل مع قضية الانقلاب الدموي الذي قاده ديكتاتور تشيلي أوغستوس بينوشيت كقضية حرب باردة، لا تثبيتاً لقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.مشاهد لها سوابق في براغ ودومينيكان وغيرهما لم يكن المزاج الدولي يستوعب قضايا حقوق الإنسان كعنصر مؤثر تدفع به منظمات غير حكومية حقوقية ليست مرتبطة سياسياً بهذا الفريق أو ذاك، بل إن المعسكرين الشرقي والغربي كافحا بكل وسائلهما لمنع تحويل قضايا عامة للساحة الدولية إلا حسب مصالحهما. ولذا كان واضحاً ما جرى من إعاقة الاتفاقيات الدولية الداعمة لحقوق الإنسان، ولكن حيث إن الثابت الوحيد في السياسة هو التغيير، فإن العالم شهد تغييرات جذرية جعلت من التدويل أمراً واقعاً لقضايا إنسانية وبيئية وغيرها، بل إن واقعاً جديداً قد جاء، وانتهت الحرب الباردة، وتفكك الاتحاد السوفييتي إلى غير رجعة، ودخلت إلى الساحة الدولية "محركات جديدة" كما سنرى.