لست من رواد أو أنصار نظرية المؤامرة، لذا لم أر في الاتفاقية الأمنية الخليجية والإصرار عليها من مجلس التعاون الخليجي أي معنى أو مبرر.

Ad

فأسلوب دولنا الخليجية يرتكز على مفاهيم الفزعة والشرهة، لا على قيم الاتفاقيات والمواد المكتوبة والمؤسسات، فحكام الخليج عموماً يتعاملون مع منظمتهم الخليجية تعاملاً عائلياً بحتاً، وهذا أمر مفهوم وموثق وتدعمه بذلك تصريحات كثيرة لها أول وليس لها آخر، سواء من قادة المجلس أو من الإدارة العليا لمجلس التعاون.

هذه واحدة أما الثانية فهي أن كل ما يتخوف منه الناس من نتائج لتلك الاتفاقية هو ممارسات تتم على الأرض حالياً وسابقاً وستستمر مستقبلاً، على مستوى ثنائي أو ثلاثي أو رباعي أو خماسي أو حتى سداسي، مثل تسليم المطلوبين متهمين كانوا أو مدانين، لا فرق، أو تبادل المعلومات الاستخباراتية عن الأشخاص، أو غير ذلك من التفاصيل المذكورة بالاتفاقية.

أما ثالثة الأثافي، فإن دول الخليج أثبتت أنها قادرة على أن "تتخارج" بسهولة وسلاسة من أي اتفاقية لا تعجبها حتى ولو كانت قد صادقت عليها، وبالتالي فهي من الناحية النظرية حبر على ورق، ومن الناحية العملية غير مطبقة، حتى مع المصادقة عليها، إلا في كل حالة على حدة.

بالمصادقة على الاتفاقية لن يتغير في الأمر شيء، ولن تزيد الملاحقات، والتنسيق الأمني، ومنع تنقل المواطنين الخليجيين أكثر مما هي عليه الآن، فالتنسيق الأمني الخليجي يعيش أزهى عصوره، ولا يحتاج إلى اتفاقية أمنية ليصبح أكثر زهاءً.

أما من حيث الأمن العسكري فهناك اتفاقية دفاع مشترك كافية ووافية، كما أن دول الخليج الخمس الأخرى مع كل محبتنا وتقديرنا لها لا تحتاج إلى تغيير شيء، ولا مخالفة دستور، ولا تعديل في قانون، ولا عودة لبرلمان ولا التزام بالمادة ٧٠ من الدستور. فقط هي الكويت الخاسرة، حيث إنها ستستخدم الحكومة أغلبيتها لفرض مخالفة الدستور قسراً من أجل اتفاقية تحصيل حاصل، ومواد يتم تطبيقها على الأرض ليلاً ونهاراً، فلماذا نخسر ذلك، مقابل اتفاقية أمر واقع؟