فيتا ساكفيل ويست
فيتا ساكفيل ويست، كاتبة وشاعرة وروائية وبستانية، وبالدرجة الأولى سيدة ارستقراطية، والدها كان ابن عم للملكة اليزابث التي أعطته قلعة نول المحاطة بحدائق غابات الغزلان في مقاطعة كنت الرائعة، وفي هذه القلعة ولدت فيتا ساكفيل وعاشت فيها حتى زواجها الأسطوري بعمر 21 عاماً من سير هارولد نيكلسون الدبلوماسي، ثم انتقلت ملكية القلعة إلى عمها حيث كان قانون الوراثة في ذاك الوقت يسمح بنقل الملكية للابن الأكبر من الذكور، وحيث إنها كانت وحيدة أبويها، تم نقل الملكية إلى عمها، مما أحزنها وترك في قلبها جرحا لم يندمل رغم امتلاكها لقلعة "سيسنجهارست جاردن" الرائعة المميزة بأنواع زهورها ونباتاتها وطرز حدائقها المنسقة وفق الأساليب الحديثة، وألفت عنها كتبا نالت جوائز.لكن بقيت ذاكرة قلعة "نول" حلم حياتها، فهذه القلعة بحد ذاتها حكاية أسطورية عظيمة يُكتب فيها مجلدات من قصص وروايات عن الأمراء والنبلاء والملوك والمشاهير الذين عاشوا فيها أو زاروها على مدى 400 عام من عمرها، وهي بحجم مدينة مقامة على مساحة 1000 هكتار أي ما يساوي أكثر من مليوني متر مربع، وفيها ولدت قصص العشق والخيانات والدسائس والمؤامرات على مدى عمر الأجيال التي عاشت فيها، ومنها قصة الحب المثلية الأولى لفيتا ساكفيل وعلاقتها بعشيقة الملك إدوارد الذي له غرفة مخصوصة في قلعتهم، ففي غرف القلعة الـ365 المسماة بالرزنامة فكل غرفة لها يوم يحكى، ولدت رواية "أورلاندو" التي حكتها فيتا لصديقتها وخليلتها "فرجينيا ولف" وكتبتها وحققت نجاحا كبيرا من ورائها.
علاقة فيتا ساكفيل بفرجينيا ولف علاقة حميمة وخاصة جدا بالرغم من أن كلا منهما متزوجة من رجل تحبه، ومع هذا كانت بينهن علاقة حب مثلية استمرت طوال معرفتهن، وربما أثرت هذه العلاقة على شهرة كل منهما، خاصة فيتا ساكفيل التي لا يأتي اسمها من دون أن يحضر اسم فرجينيا ولف ويلفها بظلاله ويطغى على سيرتها، فعلى الرغم من العلاقات المثلية المتعددة لفيتا ساكفيل إلا أن علاقتها بفرجينيا ولف هي الأشهر والأكثر تداولا في سيرتها، خاصة بعد أن نشر ابنها نيجل نيكلسون رسائلها ومذكراتها التي وردت فيها رسائلها لفرجينيا، ومنها تلك الرسالة الشهيرة من فرجينيا التي تقول فيها: "فيتا، اسمعيني جيدا، اهجري رجلك وتعالي، سنذهب أنا وأنت إلى هامتون، هناك سنتغدى ونتمشى على ضفاف النهر معا، سنتنزه تحت ضوء القمر في الحدائق، وسنرجع إلى البيت في ساعة متأخرة، قارورة النبيذ ستكون في انتظارنا وسنغدو منتشيتين، سأخبرك بكل ما يختلج في صدري، الآلاف منها بل الملايين، لن نتكلم في تلك الأمور في النهار، بل في حلكة الليل وعند النهر فقط، فكري في الأمر، أقول لك مرة أخرى، تخلي عنه وتعالي". وهذه رسالة فيتا لفرجينيا: "كل رغباتي تنحصر في واحدة وهي فرجينيا، في سويعات الأرق الطويلة كتبت لك مكتوبا جميلا لكن سرعان ما محاه الليل وكوابيسه، أتوق إليك، هكذا وببساطة نعم، كيف حدث وكتبت لي كلمات بسيطة؟ فكل رسائلك في السابق كتبتها بحذلقة، ربما لم تقصدي وأنت تخطين لي ذات العبارات التي تبدو متكلفة حتى انه يصعب تصديقها، لكن معك أنا جدية تماما وواضحة، أتوق إليك، كنت أعرف على أي حال بأني سأشتاق إليك كل هذا الشوق، أكتب إليك وأنا أنتحب من الألم، فقط لو تعرفي كم غدوت مهمة بالنسبة لي، أنت اعتدت ربما على سماع كلام مثل هذا من الآخرين، تبا لك أيتها المخلوقة المدللة، لن أطلب منك أن تحبينني أكثر من أن أهبك في كل مرة نفسي وبهذه الطريقة، لكن آه يا عزيزتي، معك لن يمكن أن أكون فطنة ومتحفظة، أحبك من أجل هذا، لا يمكن أن تتصوري مقدار تحفظي مع الآخرين، معك الأمر يختلف تماما، أنا سلمت أمري لك، أعترف بأني معك أنا مهزومة تماما".فيتا ساكفيل امرأة مزدوجة في علاقاتها العاطفية والجنسية، لكنها تملك روحا ذات حساسية عالية وذوقا فنيا أدبيا رهيفا، الفت روايات ودواوين شعر، كما كتبت مقالات وكتبا عن تربية الزهور والنباتات.ولدت فيتا ساكفيل في 9 مارس 1892 وتوفت في 2 يونيو 1962.* ترجمة الرسائل ليلى قصراني