كما يقال الشعر ديوان العرب، وقد استخدم في جميع مجالات الحياة، ولعل أروعها مجال الشعر الغزلي الذي يخاطب المشاعر ويلامس شغاف القلوب، ويبرز في هذا المجال شعراء كثر، ولعل أروع ما قرأت في هذا المجال هذه الأبيات التي قالها الشاعر الفارس عنترة بن شداد عندما تذكر محبوبته عبلة:

Ad

ولقد ذكرتك والرماح نواهل          مني وبيض الهند تقطر من دمي

فوددت تقبيل السيوف لأنها           لمعت كـبارق ثـغرك المتبسم

ولا ننسى في هذا المجال قول الشاعر العاشق المجنون وما هو بمجنون لكنه صريع الهوى قيس بن الملوح حين يقول:

فما طلع النجم الذي يهتدى به        ولا الصبح إلا هيجا ذكرها ليا

أراني إذا صليت يممت نحوها        بوجهي وإن كان المصلى ورائيا

وما بي إشراك ولكن حبها وعظم     الجوى أعيا الطبيب المداويا

وللشعر الشعبي الكويتي نصيب رائع في وصف المجتمع الكويتي، خصوصاً عندما تفجر من أرضها المباركة الخير، فاندثرت مهنة الغوص والسفر، واتجه أهلها إلى العمل في شركة النفط، كما شهدت البلاد هجرات بشرية من المناطق والدول المجاورة استوطنت الكويت، وغدت جزءاً منها مما أدى بالضرورة إلى تغيير التركيبة السكانية، وكان لهذا التغيير آثاره على بعض أهل الكويت الذين شعروا بالغبن نتيجة إحساسهم بأنهم قد أُهملوا بعد أن كانت الكويت تقوم على أكتافهم، ولم يتركوها في أيام العسرة، بل جابوا الدنيا من أجل أن يجلبوا الخير لها، فانبرى لهذا الوضع الشاعر محمد عبدالعزيز الضويحي بقوله:

يا حسين لا تطري ذاك اليوم واخباره

عقب الشقا والعنا والغوص واسفاره

أمسي غريب يتيم منسي بداره

يا حسين وقت مضى ما تضوي أنواره

مير انه ما ينمحي بالعقل تذكاره

أما الشاعر صالح النصرالله فقد انبرى لعتاب حبيبته الكويت على هذا الإهمال الذي تعرض له وأمثاله ممن كان لهم الفخر ببناء هذا الوطن الغالي والمحافظة على ترابه وكيانه بقصيدة رائعة نقتبس منها:

يا كويت بالمرة عليّ لا تعتبين

لأني بمنك ولا إنتي يا كويت مني

ناس ارغدوا وأثروا وهم مستريحين

واللي شقوا ما حصلوا إلا الهبني

يوم السفر والغوص وبيوتك الطين

روحي اسألي الهيرات يا كويت عني

نقطع غييب تهدر كالبراكين

عقل الذليل يكاد منها يجن

كله لعينك بس نبغيك ترضين

بدعي العمار الغالية يرخصني

ما ينفعك يا كويت بالعسر واللين

إلا عيالك وخذي العلم مني

هم عزوتك وهم غناتك عن الدين

وهم الذرى لين الليالي اظلمني

وعلى نفس السياق يعبر الشاعر المبدع الصديق حمود البغيلي عن عتاب رقيق للديرة بقوله:

يا كويت ما عاد حنا اللي عرفتينا

تغير الغيص والطواش والدانة

يا كويت شوفي مراكبنا بلا مينا

والبحر يبكي على دره ومرجانه

يا كويت زاد العجاج وقام يعمينا

حرك عصاه العدو وثار دخانه

ويعود الشاعر محمد عبدالعزيز الضويحي ليتلمس بعض المشاكل التي تعانيها البلاد، مذكراً بأن الكويت أقوى من كل الأعاصير والخطوب فشعبها الذي أحبها سيحافظ عليها، ويشهد التاريخ ودم الشهيد على ذلك، فيقول في قصيدة رائعة نقتبس منها:

يا كويت شلي صار بين جيلين

شلي غير الأحوال شلي قلبها

ردت وبانت ضحكة اصرار بالعين

يوم انطقت شفت الشموخ بصدرها

لا تحاتي شعبي يا ولدي وابخصه زين

ما شفت ديرة مثلي يحبها شعبها

واللي طمع في أرضنا وينه الحين

اسأل أهل الصريف مع حمض هم وين

والجهراء تظل شامخة مع قصرها

وأسأل منو اللي راح في بيت القرين

واسأل شهيداً ليش روحه هدرها

يا ولدي شعبي اعرفه وابخصه زين

ما شفت ديرة مثلي يحبها شعبها

ومع كل هذا العتب سواء كان رقيقاً أو قاسياً تبقى الكويت في قلوبنا ووجداننا هي حبيبتنا ومعشوقتنا التي نتغنى بها.

حفظ الله الكويت وقيادتها وشعبها من كل مكروه.