الحريري أعطى حلفاءه بالجملة ما يطالبون به بالمفرق
تبدي مصادر قيادية في «قوى 14 آذار» اعتقادها أن الخلافات في وجهات النظر حيال قانون الانتخابات بين تيار المستقبل وحزبي الأحرار والكتلة الوطنية ومستقلي «14 آذار» المسيحيين من جهة، والقوات اللبنانية وحزب الكتائب من جهة مقابلة، قابلة للتسوية في ضوء الخطاب الذي ألقاه الرئيس سعد الحريري في الذكرى السنوية الثامنة لاغتيال والده الرئيس رفيق الحريري.وتنطلق هذه القيادات في وجهة نظرها من مضمون الخطاب، لاسيما لناحية النقاط المحورية الآتية:
1 - تمسك تيار المستقبل بمحورية مواجهة السلاح غير الشرعي المتمثل بسلاح «حزب الله» وكل التنظيمات اللبنانية وغير اللبنانية من دون استثناء. ومن شأن هذه المواجهة أن تطمئن المسيحيين إلى أنهم لن يكونوا في يوم من الأيام ضحية تسوية سنية - شيعية تجعلهم كبش محرقة سياسية تنتقص من دورهم وحضورهم في الحياة السياسية اللبنانية. 2 - مضي الرئيس سعد الحريري قدماً في شعاره الجديد: «تحييد لبنان» ودعوته إلى تكريس هذا الحياد في المقدمة الميثاقية للدستور اللبناني، علماً أن شعار تحييد لبنان هو في الأساس شعار مسيحي لطالما رفعه القادة المسيحيون التاريخيون أمثال بيار الجميل وكميل شمعون وغيرهم من قادة الجبهة اللبنانية والبطريركية المارونية. وتأتي أهمية طرح الرئيس الحريري «تحييد لبنان» دستورياً من كونه لا يهدف إلى عزل لبنان عن المحور السوري – الإيراني فحسب، وإنما من كونه يأتي في ظرف عربي تمسك فيه التيارات السنية بالسلطة تباعاً في دول الربيع العربي. ويعني شعار «تحييد لبنان» في هذه المرحلة بالذات تعبيرا واضحا وصريحا من تيار المستقبل بما يمثله على الساحة السنية اللبنانية بالتصدي لكل المخاوف والهواجس المسيحية التي تخشى من أن ينسحب إمساك التيارات الإسلامية السنية بالسلطة في الدول العربية المحيطة على النظام السياسي في لبنان.3 - تشديد الرئيس سعد الحريري على علمانية تيار المستقبل واعتداله وانفتاحه على المسيحيين خصوصا واللبنانيين عموما، وهو ما يترجم عملياً رغبته في الشراكة الفعلية مع المسيحيين اللبنانيين، ولو على حساب فئة من الطائفة السنية التي تتطلع إلى الربيع العربي كمناسبة لتعزيز الحضور الإسلامي في السلطة اللبنانية على حساب المسيحيين. وقد أرفق الرئيس سعد الحريري تمسكه بعلمانية تياره، بدعوة إلى تعديل الدستور على نحو يكرس المناصفة بين المسيحيين والمسلمين ويؤجل إلغاء الطائفية السياسية على نحو يزيد في طمأنة المسيحيين اللبنانيين إلى دورهم وحضورهم في تركيبة النظام السياسي اللبناني.وترى قيادات «قوى 14 آذار» أن استباق الحريري خطابه بمشروع قانون للانتخابات على أساس الخلط بين النظامين الأكثري والنسبي يهدف الى مزيد من إراحة شركائه المسيحيين في «قوى 14 آذار»، وإعطائهم ما يحتاجون إليه من أوراق لمواجهة الحرب الإعلامية التي يخوضها النائب ميشال عون بالتحالف مع «حزب الله» لتظهيرهم في صورة التبعية لتيار المستقبل، والمفرطين بحقوق المسيحيين في تمثيل عادل ومناصفة حقيقية في المؤسسات الدستورية والتشريعية والتنفيذية والإدارية كافة.وتخلص القيادات المذكورة إلى التأكيد أن الحريري بطرحه حياد لبنان وإرجاء إلغاء الطائفية السياسية والتأكيد على مرجعية الدولة الحصرية بالنسبة إلى السلاح، عالج كل الهواجس المسيحية على المستوى الاستراتيجي. ذلك أن دعوة المسيحيين الى انتخاب كل طائفة لنوابها يهدف إلى الحفاظ على الدور المسيحي في النظام السياسي اللبناني انطلاقا من رؤية المسيحيين لمفهوم الكيان اللبناني. وقد جاءت طروحات الحريري لتختصر المسافات وتوصل المسيحيين إلى ما يتطلعون اليه بمعزل عن نائب إضافي من هنا، ووزير إضافي من هناك، وبالتالي فإن قانون الانتخاب بات تفصيلا يمكن إيجاد صيغة مشتركة يتفق عليها فرقاء «14 آذار»، بما يعيد تصحيح بوصلة الصراع على الساحة اللبنانية على النحو الطبيعي المتمثل برفض «قوى 8 آذار» بقيادة «حزب الله» قيام الدولة الحرة السيدة المستقلة وفقاً للأسس التي نادت بها «قوى 14 آذار» ولا تزال، بعيدا عن الصراع على السلطة والمحاصصات التي ترافقها.