تتناول رواية «رجل الثلاثاء» رحلة حياة شخصية من أبرز الشخصيات العربية التي شغلت العالم واحتلت تفكيره على مدار عقد كامل، ولا تزال تحمل كثيراً من الأسرار التي لم تتكشف بعد حول أسامة بن لادن وارتباطه بأحداث يوم الثلاثاء 11 سبتمبر من عام 2001.

Ad

بن لادن هو الشخصية المحورية، ولكن ليس البطل الوحيد، فيوجد الملا محمد عمر والظواهري وعبدالله عزام وأبو مصعب الزرقاوي وغيرهم.

اعتمد الأديب صبحي موسى حيلة فنية تقوم على تخيل إملاء بن لادن مذكراته على صبي يرافقه في رحلة هروبه في الجبال والكهوف المهجورة في أفغانستان على الحدود الباكستانية وذلك قبل وفاته، حيث يملي على الصبي جميع الأحداث والشخصيات التي شهدها والتقاها بعدما شهد بعينيه انهيار العالم الذي سعى إلى بنائه على مدار سنوات. تتقاطع أحداث الرواية مع اللحظات الفارقة في التاريخ الإسلامي والتي تختلط في ذهن الشخصية البطل في النص، وهو يحكي عن كيفية تحوله من شاب عابث لاه يعيش في القصور، إلى مجاهد يحمل السلاح ويضع الخطط الحربية ويقود الرجال على قمم الجبال.

ترصد الرواية أيضاً كيفية تشكيل وبروز الجماعات الإسلامية قديماً وحديثاً، وتحكي عن جماعة «الإخوان المسلمين»، وكيف تم صنع جماعة «القاعدة» بموافقة بعض الدول العربية، بالإضافة إلى تمويل «القاعدة» من الأنظمة العالمية كأميركا وفرنسا وألمانيا، وتذكر الرواية تفاصيل تمويل تنظيم «القاعدة»، وتروي كيف أنه جاء من المخدرات وغسيل الأموال.

حولت الرواية بن لادن إلى راو، فيروي تفاصيل حياته وتجربته مع جماعة «القاعدة» التي مثلت خلاصة الإسلام الراديكالي المتطرف، وهي التجربة التي قال عنها الناقد والكاتب محمد الحمامصي خلال قراءته للرواية إنها المرتكز الأول لبناء النص الذي رصد الحرب على أفغانستان وتم تدمير جانب كبير من قوات «القاعدة» وطالبان، ما أودى بزعيمها إلى نوبة من الهذيان والعزلة في كهف على الحدود الأفغانية ليتأمل تجربته العريضة في الجهاد، وتجربة الخيانات التي حدثت له وكيف تحول حلمه بإسقاط أميركا إلى لعبة أطفال ينهار خلالها برجا مركز التجارة العالمي.

أدق التفاصيل

لا يتناول موسى في روايته ما جرى لجماعات الإسلام الراديكالي كتطبيق حرفي لما هو متاح من معلومات، لكنه بحث عن أدق التفاصيل لينسج منها عالماً ثرياً يمزج بين الأسطورة والواقع، ويقدم علاقات بين الدول والأفراد وأجهزة الاستخبارات الكثيرة لأجل إنتاج هذه التنظيمات السرية، ويفضح من خلالها أدوار الحكومات العربية والأنظمة المصرية والغربية في السماح لهذه الجماعات بالنمو والتكاثر.

وحسب تصريحات موسى عن الرواية أنها تعرضت لبعض الحقائق التاريخية المسكوت عنها، وهي علاقة كثير من الأنظمة العربية بجماعة «القاعدة»، والجماعات المتشددة سواء بالتمويل أو الرعاية، كذلك ترصد تاريخ المقاتلين العرب في أفغانستان وعلاقتهم بجماعة «طالبان»، مع الإشارة إلى أن المشهد الأبرز في الرواية هو التحضير لعملية الاعتداء على أميركا في أحداث سبتمبر 2001، بالإضافة إلى كثير من الأسرار السياسية والعسكرية التي تعرضت الرواية للكشف عنها عبر شخصيات جماعة «القاعدة»، وفي مقدمهم بن لادن والظواهري ومحمد عمر. ويلفت الكاتب إلى أنه اطلع على أكثر من 120 مرجعاً لصياغة أجواء الرواية التي انتهت بتنبؤ منه أن بن لادن رحل بطريقة غامضة، وهو ما حدث فعلاً.

تزخر الرواية بكثير من رموز تيار الإسلام الراديكالي التي شغلت الرأي العام ورصدت كيفية بدء تجربة الإسلام السياسي من جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، مروراً برشيد رضا وحسن البنا والتلمساني والهضيبي وسيد قطب ومصطفى مشهور وناجح إبراهيم وسالم رحال وعبد الرحمن السندي الذي أسس النظام الخاص لجماعة «الإخوان المسلمين»، والذي انهار نظامه إثر حادث عبثي لسيارة جيب مكشوفة على سفح المقطم وجد بها الكشوف الرسمية لأعضاء التنظيم، ما جعل النقراشي يأمر بحل الجماعة وتقديم أوراق التنظيم إلى المحكمة، وهو ما دعا الجماعة إلى اغتيال النقراشي ومحاولة تفجير قاعة المحكمة.

بدأ موسى كتابة روايته عام 2005 كمشروع للتفرغ استمر ثلاث سنوات، وهي العمل الرابع بعد ثلاث روايات هي «صمت الكهنة»، «حمامة بيضاء»، «المؤلف»، وخمسة أعمال شعرية: «يرفرف بجانبها وحده»، «قصائد الغرفة المغلقة»، «هانيبال»، «لهذا أرحل»، و«في وداع المحبة».