الولايات المتحدة وشركاؤها يعدون عرضاً متواضعاً لإيران
عقب الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأ المسؤولون الأميركيون يدرسون عرضاً أكثر سخاء، إلا أنهم عادوا في النهاية إلى التمسك بموقف محافظ، فمن المتوقع أن تقبل إيران ببعض التنازلات حتى قبل أن تعرف بالتحديد ما ستحصل عليه في المقابل.
أدت أسابيع من التداول بين الولايات المتحدة وسائر المفاوضين إلى عرض يقدمونه لإيران لا يختلف كثيراً عن الرزمة التي رفضتها طهران الصيف الأخير، ما يثير الشكوك حول فرص كسر حالة الجمود التي بلغتها المحادثات بشأن برنامج إيران النووي.يشمل هذا الاقتراح "الذي جُدّد"، حسبما علم الموقع الإعلامي Al-Monitor، منح إيران قطع غيار لطائراتها الغربية القديمة (وسيلة إغراء ما زالت معتمدة) وتقديم المساعدة للبنى التحتية النووية المدنية الإيرانية. إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تخفيف العقوبات المفروضة على إيران.
ولهذا السبب على الأرجح لا يبدو المسؤولون الإيرانيون متحمسين للاتفاق على تاريخ لاستئناف المحادثات مع مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، فضلاً عن ألمانيا.عقب الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأ المسؤولون الأميركيون يدرسون عرضاً أكثر سخاء، إلا أنهم عادوا في النهاية إلى التمسك بموقف محافظ. فمن المتوقع أن تقبل إيران ببعض التنازلات حتى قبل أن تعرف بالتحديد ما ستحصل عليه في المقابل.تعمدت إيران توجيه إشارات غير واضحة قبل انطلاق المحادثات الجديدة. فقد أعلن وزير خارجيتها علي أكبر صالحي يوم الاثنين 17 ديسمبر: "استخلص كلا الطرفين... أن عليهما الخروج من حالة الجمود الراهنة" وأن "إيران تريد ما هو حقها الشرعي والقانوني لا أكثر".لكن فريدون عباسي دافاني، رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، ذكر في اليوم التالي (الثلاثاء 18 ديسمبر) أن إيران لن توقف تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20%، علما أن هذا مطلب دولي. ومن العوامل الأخرى التي تحد من توقعاتنا لما قد تحققه المفاوضات المقبلة تردد إيران حتى الآن في القبول بلقاء مباشر مع الولايات المتحدة قد تكون فيه إدارة أوباما أكثر تعاوناً، مقارنة بالاجتماعات المتعددة الأطراف. لا يبدو كلا الطرفين مستعدَين للإقدام على مخاطرات كبيرة، ما يقلل احتمال تحقيق إنجاز يُذكر في المفاوضات المقبلة أو حتى احتمال تعطلها النهائي. تشعر الولايات المتحدة وشركاؤها، على ما يبدو، أن الوقت ما زال حليفهم، بينما تواصل العقوبات الاقتصادية تقويض الاقتصاد الإيراني. غير أن إيران، في هذه الأثناء، تكدس كميات كبيرة من اليورانيوم المنخفض التخصيب، الذي يمنحها موقفا أقوى خلال أي صفقة قد تعقدها في المستقبل. علاوة على ذلك، يمر كلا البلدين في مرحلة انتقالية. صحيح أن أوباما انتُخب لولاية ثانية في البيت الأبيض، بيد أنه عين وزير خارجية جديد وبصدد تعيين وزير للدفاع قريباً، وقد يتشكل فريق تفاوض أميركي جديد.أما إيران، فبدأت تعدّ العدة لانتخاباتها الرئاسية السنة القادمة، فاشتعل الخلاف بين النخبة المحافظة حول هوية مَن سيخلف محمود أحمدي نجاد، رغم ذلك، يبقى القرار النهائي بيد القائد الأعلى آية الله علي خامنئي.ذكر باتريك كلوسون، باحث متخصص في الشأن الإيراني في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أنه علم أن إدارة أوباما "عاقدة العزم على ألا تسمح لهذه المرحلة الانتقالية في الولايات المتحدة بأن تبطئ مسيرة المحادثات". لكن عدداً من أعضاء فريق المفاوضين الأميركيين سيتركون مناصبهم، مع أن كبيرة المفاوضين، نائبة وزيرة الخارجية وندي شيرمان، قد تبقى لفترة، فضلاً عن أنها تتمتع بعلاقة جيدة مع السيناتور جون كيري (ممثل ماساتشوستس الديمقراطي في مجلس الشيوخ)، الذي رُشح ليحل محل هيلاري كلينتون كوزير للخارجية.يتطلب تقديم عرض جريء لإيران من أوباما أن يستخدم جزءاً كبيراً من رصيده السياسي الذي يفضل تخصيصه لأهداف أخرى، منها تفادي ما يُدعى "الهاوية المالية"، الحصول على موافقة الكونغرس على مرشحيه للإدارة الجديدة، والحدّ من انتشار الأسلحة عقب عملية إطلاق النار المأساوية التي وقعت في إحدى مدارس كونكتيكت.* باربارا سلافين