«الجمعية العامة» تنطلق... وإيران وسورية تتصدران الكلمات
أوباما: لا يمكن للأسد أن يكتسب الشرعية مجدداً... ولا بد من اختبار المسار الدبلوماسي مع إيران
هيمنت قضية الملف النووي الإيراني والحرب الدائرة في سورية والاضطرابات المستمرة في الشرق الأوسط على كلمات قادة العالم في افتتاح الدورة الـ68 للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي انطلقت في نيويورك أمس، وسط ترقب لتداعيات الانفتاح التاريخي في العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران بعد أكثر من 30 عاماً من القطيعة.
بدت الدورة الـ68 للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي انطلقت أعمالها أمس ومن المقرر أن تستمر فعاليات اجتماعاتها على مدار 10 أيام، فرصة تاريخية أمام قادة العالم لإعادة الدبلوماسية من الطريق المسدود الذي وصلت إليه، خصوصاً في الشرق الأوسط. ففي الوقت الذي حبست فيه المنطقة الأنفاس ترقباً لضربة عقابية من الولايات المتحدة للنظام السوري، ظهر بصيص أمل لتجنب حرب كبرى بالاتفاق الأميركي - الروسي على تفكيك ترسانة دمشق من السلاح الكيماوي، قابلته خطوة أخرى لا تقل أهمية وهي الانفراج في أزمة الملف النووي الإيراني، الذي يهدد بضربة عسكرية مماثلة، هددت بها مراراً إسرائيل، العدو اللدود للجمهورية الإسلامية. وبينما بقيت الأنظار مشدودة أمس إلى الرئيسين الأميركي باراك أوباما والإيراني حسن روحاني حيث جمعتهما أروقة الأمم المتحدة في وقت واحد تقريباً، بدأ «أسبوع القادة» في الجمعية العامة نقاشاً بحضور زعماء العالم، استهلته الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف بانتقاد الولايات المتحدة بشدة بسبب أنشطة التجسس التي تقوم بها وكالة الأمن القومي (إن إس ايه) في بلادها. وقالت روسيف إن «التجسس على بيانات اتصالاتها الشخصية وكذا بيانات الاتصال لدبلوماسيين وشركات أمر غير مقبول تماما وغير مشروع»، موضحة أن الأمر يتعلق «بانتهاك خطير لحقوق الإنسان والحريات المدنية»، كما رأت في هذه الأنشطة كذلك انتهاكا لسيادة بلادها، مطالبة الأمم المتحدة بإعداد قاعدة تنظيمية جديدة للاستخدام الدولي لشبكة الإنترنت. عصر الفرص واستبق الأمين العام للمنظمة بان كي مون، الكلمة المرتقبة للرئيس الأميركي، بالمطالبة بقرار ملزم للقضاء على الأسلحة الكيميائية في سورية، داعياً مجلس الأمن إلى تبني القرار في أقرب وقت ممكن، وكذلك اتخاذ إجراءات يمكن أن ترسل بمساعدات إنسانية إلى الشعب السوري. وقال بان، في كلمة افتتاحية بدورة الأمم المتحدة السنوية، إنه يتعين على قادة العالم العمل على تحقيق الأهداف الإنمائية لمساعدة الناس حول العالم، مضيفاً: «هذا عصر الفرص الرائعة. فبإمكان جيلنا أن يقضي على الفقر في العالم». وأشار بان إلى أن الناس حول العالم يريدون معرفة ما يقوم به قادة العالم لحل المشكلات التي تتنوع من تغير المناخ والفقر إلى إنهاء النزاعات. مأساة سورية بدوره، اتهم أوباما المجتمع الدولي بأنه لم يكن على المستوى المطلوب أمام المأساة في سورية، مشدداً على ضرورة إصدار قرار «حازم» عن مجلس الأمن حول إزالة الأسلحة الكيماوية السورية. وقال أوباما، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: «لا بد من قرار حازم يصدر عن مجلس الأمن للتأكد من أن نظام الأسد يلتزم بتعهداته». وحذّر من أن الفشل في إدراج هذه العواقب، سيعني أن الأمم المتحدة غير قادرة على تطبيق متطلبات مماثلة، معتبراً أن «الأدلة المتوافرة تشير إلى استخدام نظام (الرئيس السوري بشّار) الأسد للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين». وأشار أوباما إلى أن التهديد العسكري دفع مجلس الأمن للتحرك، مشدداً على أنه يفضل دائماً حلاً دبلوماسياً للأزمة «فقد توصّلنا إلى اتفاق لوضع حد للأسلحة الكيماوية السورية». وقال إنه لا يؤمن بأن أميركا أو أي دولة أخرى «يجب أن تقرر للسوريين من يحكمهم»، لكنه قال إن «رئيساً قتل مواطنيه وسمم أطفالا بالغاز حتى الموت لا يمكنه ان يكتسب مجددا الشرعية لقيادة بلاد منقسمة في شكل خطير»، موضحاً أن بلاده عملت على تبني المعارضة المعتدلة، ولكن المتطرفين بدأوا ينتشرون اليوم. خلافات لا تحل وإذ ذكر أوباما ضحايا الأسلحة الكيماوية الإيرانيين، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بقوله إن الإجماع العالمي ضد استخدام الكيماوي عززته ذكريات «الجنود الذين يعانون في الخنادق واليهود الذين قتلوا في غرف الغاز والإيرانيين الذي تعرض عشرات الآلاف منهم لهجمات بالغاز السام»، دعا إلى «تجربة طريق الدبلوماسية» مع إيران، مشدداً في الوقت نفسه على أن الخلافات بين الولايات المتحدة وإيران لن تحل «بين ليلة وضحاها». ومضى أوباما في كلمته، التي حظيت بمتابعة عن كثب في ضوء الفرصة الدبلوماسية التي قدمها الرئيس روحاني بتأكيده أن الولايات المتحدة تريد حل القضية النووية مع إيران سلمياً، لكنه مصرّ على منعها من تطوير سلاح نووي. وقال: «قد يتضح أن العقبات أكبر من أن يمكن التغلب عليها لكنني أعتقد بقوة أنه لا بد من اختبار المسار الدبلوماسي»، غير أنه أقرّ أنه رغم الخلافات العميقة فإن واشنطن «لا تسعى لتغيير النظام في إيران». وكشف الرئيس الأميركي عن توجيهه وزير الخارجية جون كيري لمواصلة الجهود الدبلوماسية مع دول أخرى لحل الخلافات بشأن البرنامج النووي الإيراني، مشيراً إلى اعتقاده بأنه «إذا تمكنا من حل موضوع البرنامج النووي الإيراني فإن ذلك يمكن أن يكون خطوة كبيرة على طريق طويل نحو علاقات مختلفة مع إيران». وفي هذا الصدد أشار إلى تصريحات لقادة إيران، لكنه قال إنه من أجل نجاح هذا الأمر لابد أن ترتبط «كلمات الاسترضاء بأفعال تتسم بالشفافية ويمكن التحقق منها». مصر وإسرائيل ومن جهة أخرى، حذر الرئيس الأميركي من أن استمرار الدعم لمصر يتوقف على تقدمها نحو العودة إلى الديمقراطية، كاشفاً عن تعمد الولايات المتحدة «تجنبت الوقوف مع أي جانب». وأعرب أوباما بصورة غير مباشرة عن تأييده للإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي، قائلا إن «مرسي لم يكن قادراً على تحقيق مطالب المجتمع المصري». إلى ذلك، طالب الرئيس الأميركي المجتمع الدولي بتقديم الدعم «لمسعى تحقيق السلام» بين إسرائيل والفلسطينيين، قائلا إن «قادة كلا الجانبين على استعداد «لتحمل مخاطر سياسية كبيرة»، موضحاً أن تحقيق انفراجة على صعيد السلام الإسرائيلي الفلسطيني سيكون له «تأثير عميق وإيجابي على المنطقة كلها». حوار مباشر في المقابل، وفيما اعتبرت أن وقت إجراء الحوار المباشر بين المسؤولين الإيرانيين ونظرائهم الأميركيين لم يحن بعد، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية أمس أن اجتماعاً يعقد غداً الخميس بين كبار الدبلوماسيين الإيرانيين والقوى العالمية «5+1» في الأمم المتحدة سيدشن «عهداً جديداً» في جهود إنهاء النزاع مع الغرب حول البرنامج النووي الإيراني. ولم تلمح الوزارة إلى أي تنازلات من جانب طهران قد تؤدي إلى مزيد من الانتقادات من قبل جماعات متشددة عبرت عن مخاوفها من علامات على تقارب محتمل مع الولايات المتحدة، أكده أوباما بإعلان حضور الوزير كيري لهذا الاجتماع. وقالت المتحدثة باسم الخارجية مرضية أفخم، في مؤتمر صحافي: «هذه المحادثات هي بداية عهد جديد. عرضت الجمهورية الإسلامية آراءها بوضوح في ما يتعلق بحقوقها في الحصول على الطاقة النووية السلمية وحق تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية»، مبينة أن «هذا الاجتماع التزاماً جدياً من جانب الأطراف الأجنبية بالتوصل إلى حل وفقا لجدول زمني محدد». (نيويورك - أ ف ب، يو بي آي، رويترز، د ب أ)