فجر يوم جديد: ليال بلا نوم!
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
اعتذر أسعد عن جرائمه، لكنه ما زال يحتفظ في ركن ما في منزله بالمسدس الكريستال، ويرفض الإدلاء بما لديه من معلومات غاية في الأهمية، وعلى رغم انكساره ونظراته الحزينة التي لا نعرف معها إن كان صادقاً في توبته أم أنه مراوغ و{كاذب محترف» بحكم المهنة؛ فإنه يعجز عن مواجهة «مريم سعيدي» التي تبحث عن ابنها الشاب الذي راح ضحية الصراع بين الأطراف المتناحرة (القوات اللبنانية وحركة أمل) في موقعة كلية العلوم، وترفض طوال ثلاثين عاماً أن تصدق أن ابنها مات إلا إذا عرفت ظروف وفاته أو دلها أحد على مكان جثته، وهو الاتهام الذي يظل معلقاً برقبة الجميع. غير أن «مريم» وجدت نفسها مُطالبة بألا تستمر في التحريض على فتح الملفات «القديمة»، أو تُلح في الدعوة إلى إقرار العدالة، لكنها أبت إلا أن تواجه «الجلاد»، ورفضت أن تدخل معه في حوار عقيم ما لم يدلها على مكان ابنها. في هذه الأجواء المشحونة بالغضب، توظف المخرجة ببراعة ووعي كلمات أغنية «يا مسافر وحدك»، تحديداً المقطع الذي تقول فيه نجاة الصغيرة: «على نار الشوق أنا ح استنى وأصبر قلبي وأتمنى على بال ما تجيني... واتهنى»، ثم تُقدم لقطة مؤثرة لصور المفقودين والمخطوفين في حقيبة شاحنة تنقلهم من المعرض، وعيونهم تتطلع فينا، وكأنها تستصرخنا أن نتحرك لتحديد مصائرهم أو تتوجه إلينا بأصابع الاتهام بأننا السبب في ما حل بهم!منحت المخرجة الفرصة للجلاد ليعلن تبرؤه من ماضيه، لكنها لم تتوقف عن ملاحقته بالأسئلة القاسية كي لا يراوغ أو يتملص؛ فالمخرجة تُدرك أنه يُخفي جانباً من الحقيقة (عبرت عن المعنى بمشهد في المرآة يظهر فيه بوجهين)، وأنه يستدر عواطف الناس. ولكنها لم تكتف بإدانة «الرجل الثاني»، بل لاحقت رفاقه في الميليشيات، وأقنعت قيادي سابق، رفض الكشف عن وجهه، بالإدلاء بما لديه من معلومات خطيرة تقودها والكاميرا إلى ساحة ملحقة بكلية العلوم تضم رفات الضحايا.فتحت إليان ملفاً شائكاً ووظفت سلاح السينما لفهم الواقع الملتبس؛ إذ أدركت أن «الصفح» أو «العفو» لا يعني نسيان الضحايا أو تجاهل مصير المخطوفين والمفقودين، وسعت إلى الكشف عن الجوانب الخفية في الحرب الأهلية، وبحث تداعيات الحرب على حاضر المجتمع اللبناني ومستقبله، والأهم اجتثاث الأزمة من جذورها قبل أن تنمو وتستفحل من جديد!