ذكر تقرير صادر عن الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية ان الاقتصاد السنغافوري تباطأ من معدل 1.5 في المئة على أساس سنوي في الربع الأخير من عام 2012، ليصل إلى معدل 0.2 في المئة خلال الربع الأول من هذا العام. وبالرغم من ضعف الأداء، جاءت هذه النتيجة مفاجئة للمحللين الذين كانوا يتوقعون أن يشهد الاقتصاد السنغافوري تقلصاً بسبب تراجع مستويات النشاط في القطاع الصناعي، وقطاعات مبيعات التجزئة ومبيعاتها الجملة، وفي ما يلي التفاصيل:

Ad

كان القطاع الصناعي الأكثر تأثراً، مع ضعف الطلب من كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، وانخفاض الطلب على الإلكترونيات التي تشكل الجزء الأكبر من القطاع الصناعي. إلا أن تحسن القطاع المالي، وقطاعات التأمين والإنشاءات، ساهم بتشجيع النمو. وحتى مع معدل النمو المحدود، لم يشرع البنك المركزي بطرح أي محفز نقدي، مع استمرار الضغوط التضخمية.

وخلال اجتماعها في أبريل، أقرت سلطة سنغافورة النقدية المحافظة على سياستها النقدية، والتركيز على السيطرة على التضخم بشكل رئيسي. وقد خفض البنك المركزي توقعاته لمعدل التضخم التي كانت تراوح بين 3.5 في المئة و4.5 في المئة، إلى ما بين 3 في المئة و4 في المئة، مع توقعات بانخفاض النمو في تكاليف المنازل والسيارات الخاصة.

قيود جديدة

وفرضت الحكومة ضرائب أعلى وقيوداً جديدة على الاقتراض في محاولة لخفض الأسعار. كما خفضت تكاليف الحصول على شهادات الاستحقاق التي يتمكن بموجبها مشتري السيارة من امتلاكها وتسجيلها واستخدامها، وذلك بهدف تخفيض التضخم في أسعار المواصلات الخاصة، وفرضت أيضاً قيوداً على القروض التي تمول شراء السيارات، مما دعا بائعي السيارات إلى تخفيض الأسعار لتشجيع الطلب.

واتضح انخفاض تكاليف المنازل والسيارات الخاصة في آخر بيانات التضخم، حيث انخفض التضخم من معدل 4.9 في المئة على أساس سنوي في فبراير إلى 3.5 في المئة في مارس. ولكن من غير المتوقع انخفاض الأسعار في وقت قريب حيث ترفع القوانين الجديدة الصارمة للعمالة الأجنبية من تكاليف الإنتاج، مما ينعكس على المستهلك من خلال ارتفاع الأسعار.

وفي اقتصاد منفتح تجارياً جداً مثل الاقتصاد السنغافوري، حيث تعادل الصادرات نسبة 200 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، تستخدم سلطة سنغافورة النقدية العملة المحلية بدلاً من التحكم بأسعار الفائدة كأداة للسياسة النقدية بهدف استقرار الأسعار، عبر رفع سعر صرف العملة.

ولم تتخذ سنغافورة أي إجراءات لتحسين النمو حتى الآن، حيث اختارت أن تتحكم بالأسعار، مما كان له أثر سلبي على النمو، وخصوصاً في القطاع الصناعي. وجاء ضعف القطاع الصناعي لعدة أسباب أولها، تباطؤ الطلب العالمي، وثانيها، الحدود المفروضة على قدرة البنك المركزي على الإقراض للقطاع الخاص، وثالثها، القيود على الهجرة. وأثر هذا الإجراء الأخير على الاستثمار وعلى خطط التوسع.

العمال الأجانب

وتستورد سنغافورة أغلب عمالتها من ذوي المهارات المتدنية من الخارج، لأنها أقل كلفة من العمالة المحلية، إلا أن التدفق الكبير للعمال الأجانب أدى إلى توترات اجتماعية واقتصادية بين السنغافوريين، الذين بدأوا بلوم المهاجرين إلى سنغافورة على قلة الوظائف المتوفرة، وعلى الازدحام، وارتفاع أسعار العقار. ونتيجة لذلك، بدأت الحكومة في وقت مبكر من عام 2012 بفرض قيود على العمالة الأجنبية، عبر فرض ضريبة على الشركات التي توظف الوافدين، وعبر رفع شروط الحصول على تأشيرات السفر للعمالة. وأدى هذا إلى ارتفاع تكلفة العمالة، وبالتالي ارتفاع تكاليف الإنتاج، التي من المرجح أن ينتقل معظمها إلى المستهلك على شكل ارتفاع في الأسعار.

وينبغي على الحكومة أن تأخذ الحذر، حيث من الممكن أن تعوق قوانين الهجرة الصارمة من الخطط الاستثمارية، وتزيد من استياء الشركات، التي قد تجد الانتقال إلى مكان آخر خياراً أفضل. وحتى الآن، يظل الاهتمام الأول لسنغافورة هو السيطرة على التضخم، لكن إذا ما استمر ضعف النمو، في عام 2013، قد تقرر سلطة سنغافورة النقدية تيسير سياستها النقدية عن طريق حد مكاسب العملة والسماح لسعر صرف العملة بالانخفاض، حتى تزيد من تنافسية صادراتها.

وقد تضطر الحكومة إلى تسهيل القيود على العمالة الأجنبية، إذا أرادت أن تتجنب انكماشاً في عام 2013. وحتى الآن حافظت سلطة سنغافورة النقدية على معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لهذا العام الذي يراوح بين 1 في المئة و3 في المئة على أمل تعافي الطلب. وبما أن سنغافورة تمتلك احد أكثر الاقتصادات انفتاحاً في العالم، فهي لن تتمكن من المحافظة على النمو حتى يتعافى الاقتصاد العالمي، ونحن لا نتوقع أن نرى ذلك حتى منتصف عام 2014 على الأقل.