من نصدِّق... كيري أم كلابر؟!

نشر في 15-03-2013
آخر تحديث 15-03-2013 | 00:01
 صالح القلاب هذه هي الدولة التي تعتبر القطب الأوحد في العالم فعلاً، والتي لها كل هذه المصالح الحيوية في الشرق الأوسط، وأيضاً التي لها إسرائيل التي تضرب بكل القرارات الدولية عرض الحائط، وتنتهك حقوق الإنسان الفلسطيني بالطول والعرض وتحتل الأرض الفلسطينية وتصادرها وتزنرها بالمستوطنات، ومع ذلك تبقى واشنطن صامتة ذليلة تجتر عجزها، بينما يستطيع بنيامين نتياهو أنْ يدمي أنف رئيسها، هذا الرئيس والذي قبله والذي قبل الذي قبله، دون أن يرفَّ له جفن أو ترتجف له فريصة؟

هل إن هذه دول عظمى لها كل هذه المصالح الاستراتيجية والحيوية في الشرق الأوسط عندما يقول رئيس مخابراتها جيمس كلابر: إنَّ وتيرة تآكل نظام بشار الأسد تتسارع، وهذا الكلام لم يكن تصريحاً عابراً وإنما أمام اللجنة المختارة للاستخبارات في مجلس الشيوخ. وقد جاء فيه أيضاً: إنه مع تزايد قوة المعارضة السورية فإن النظام السوري يواجه عجزاً في عدد الأفراد والإمدادات اللوجستية.

وفي الوقت ذاته بل وفي اليوم نفسه، أعلن وزير الخارجية جون كيري خلال جولته البائسة والفاشلة الأخيرة في الشرق الأوسط، التي بدا فيها كـ"الأطرش في الزَّفة"، رغبته في رؤية بشار الأسد والمعارضة على مائدة حوار واحدة، فهل هذا كلام عقلاء؟ وأليْس من العار والعيب أن يقوله وزير خارجية دولة من المفترض أنها تعرف أهمية ومركزية ومحورية سورية في هذه المنطقة التي يبدو أنها بعد نحو قرنٍ من انهيار الامبراطورية العثمانية بدأت تدخل مرحلة تغيّر الخرائط السياسية واستبدال الأنظمة الحالية التي أكلها العفن بأنظمة جديدة لاتزال لم تتضح ملامحها بعد؟!.

فمن نصدق؟ وهل إن رئيس الاستخبارات جيمس كلابر هو الذي يمثل السياسة الأميركية ويعكس حقيقة الموقف الأميركي خصوصاً تجاه سورية أم انه وزير الخارجية جون كيري الذي تقزمت رغبته التي من المفترض أنها، على اعتبار أنه وزير الخارجية، رغبة الولايات المتحدة التي إن هي لا تعرف أنه تحول دون تحقيق هذه الرغبة أرواح أكثر من سبعين ألف سوري، حسب تقديرات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى أضعاف هذا العدد من الجرحى والمفقودين، فضلاً عن ملايين المهجرين، وهذا الدمار والخراب الذي عمَّ هذا البلد من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه.

لقد كان الأفضل لوزير خارجية الولايات المتحدة، الدولة التي لولا ترددها ولولا ميوعة مواقفها لما وصلت الأمور، لا في سورية ولا في المنطقة، إلى ما وصلت إليه، لقد كان الأفضل له ولدولته، مادام أنه سمع ما سمع ورأى ما رأى خلال جولته البائسة الأخيرة هذه في المنطقة، إن بالنسبة لسورية، وإن بالنسبة لمصر واليمن وتونس وليبيا، وقبل كل هذا إن بالنسبة للقضية الفسطينية، أن يذهب إلى دمشق، وأن يعلن بعد أن يُشْبِع بشار الأسد ضماً وعناقاً وتقبيلاً رغبته في رؤيته يجلس هو والمعارضة على مائدة حوارٍ واحدة وجهاً لوجه، وكفى الله المؤمنين القتال.

إن المفترض أن جون كيري، هذا الذي جاء إلى هذه المنطقة الملتهبة يجترُّ ذكريات جميلة عن لقاءات سابقة مع بشار الأسد، قد قرأ ملفات وتقارير المخابرات الأميركية جيداً، وأنه عرف وفقاً لهذه الملفات أن الرئيس السوري لا يعترف بهذه المعارضة، وأنه يعتبرها عصابات إرهابية مسلحة، وأنه لا يقبل بتوبتها، حتى إن هي أرادت أن تتوب وتفتح صفحة جديدة، إلا بعد أن تتخلى عن أسلحتها، وبعد أن تستسلم استسلاماً كاملاً بدون أي شروط لا مسبقة ولا متأخرة، فهل هذا ما يريده وزير خارجية الدولة الأكبر التي تعتبر الشرق الأوسط بالنسبة إليها منطقة مصالح حيوية واستراتيجية؟!.

back to top