إياك أن تستسلم للكآبة

نشر في 04-05-2013 | 00:01
آخر تحديث 04-05-2013 | 00:01
No Image Caption
تعاني نسبة كبيرة من الناس التعب. يصيب الإرهاق الجسدي مختلف الشرائح العمرية، لا سيما الشباب. تتنوع الأسباب التي تزيد من انزعاجك كالعودة إلى العمل بعد عطلة الأعياد، الطقس البارد، ساعات النهار القصيرة، قلة شروق الشمس... هذا ولم نأت بعد على ذكر الكآبة أو الضغط.
أشارت إحدى الدراسات الحديثة إلى أن التعب يصيب مختلف الشرائح العملية فكثرٌ هم الأشخاص الذين يؤكدون أنهم شعروا بالتعب خلال أسبوع أو أسبوعين من السنة وحوالى ثلث النساء يشرن إلى أنهن عانين التعب مرات عدة خلال الفترة عينها، ما يعني أن الكآبة طاولت نسبة كبيرة من الناس.

يظهر التعب واضحاً من خلال الغضب والعصبية والإرهاق وآلام الشقيقة والقلق وقد تأخذ النتائج أحياناً منحىً خطيراً لتصل إلى حد تقرح المعدة وجلطات الشريان التاجي وارتفاع الضغط. يتدخل نوعان من الأجهزة في ردود الفعل هذه: الجهاز العصبي الذي يؤدي تحفيزه إلى إفراز سريع ومفاجئ جداً لهرمونات الكاتيكولامينات، لا سيما ذلك المعروف باسم الأدرينالين، وجهاز الغدد الصماء الذي يفرز عند الاستجابات البطيئة مادة الكورتيزون. يثير نشاط الجهازين ردود فعل القلب والأوعية الدموية والجهاز الهضمي وعملية الأيض. وتتميز النتائج التي تصيب القلب والأوعية الدموية بشكلٍ خاص بتسارع في دقات القلب وزيادة تدفق الدم.

الضغط يؤدي إلى الضعف

يؤثر الضغط على آليات الدفاع في الجسم ومصادر المناعة. أشارت الدراسات إلى أن معدل الدمّ والخلايا اللمفاوية التي تفرز أجساماً مضادة ينخفض لدى الأشخاص الذين يشكون من ضغطٍ شديد (وفاة شريك أو بطالة...) فيكونون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض. يمكنك بكلّ بساطة أن تلاحظ الأمر على جسمك: حين تكون مستاءً وغير مرتاح ومعرضاً للضغط تلتقط سريعاً فيروسات الرشح أو الزكام أو التهاب الجيوب، وعلى العكس من ذلك، تحصّن نفسك بشدة من الأمراض حين تكون بحالٍ جيدة حتى وإن أصاب المرض المحيطين بك جميعهم.

تتفاوت أشكال أعراض التعب بشكلٍ واسع. عندما تشعر بالتعب تعبر عن شعور عام بالحزن والإرهاق من دون أن تتمكن من تحديد ما تشكو منه بالضبط. ولكن في بعض الأحيان، قد تشكو من أعراض أشبه بأعراض التعب من دون تدرك أصلاً أن التعب قد أخذ من جسدك كلّ مأخذ. أما أعراض التعب الأكثر شيوعاً فهي:

• مشاكل عضلية: ألم في العضلات، تشنج، رجفان، تراجع مقاومة الجهد.  

• مشاكل في النوم: صعوبة في النوم، أرق أو نوم مفرط و نوم متقلب.

• مشاكل فكرية: تراجع المردود الفكري وصعوبة في التركيز ومشاكل في الذاكرة والانتباه.

• مشاكل جنسية: تراجع الرغبة العاطفية الحميمة أو فقدانها، تراجع النشاط العاطفي الحميمي، عجز أو برودة.

• مشاكل هضمية: إسهال، إمساك، تغير في النمط الغذائي وتشنج معوي.

• مشاكل مزاجية: عصبية، انفعال شديد، حساسية مفرطة، تراجع روح المبادرة، عدم القدرة على تحمّل الضجيج.

• قلق، حزن، تشاؤم وفقدان الطموح والاندفاع.  

• مشاكل جسدية: ألم الحنجرة، تلعثم، ضعف النظر.

كيف تكتشف إصابتك بكآبة حقيقية؟

القلق الأول الذي يشغل بال الشخص المتعب يتجسد في مشاكل النوم، ولكن لحسن الحظ لا ضرورة إلى أن تكون مشاكل مماثلة دليلاً على الكآبة والاكتئاب، فكثيرون لا يحظون بنومٍ جيد ويعانون الأرق نتيجة مزاجهم المتقلب أو التعب الدائم من دون أن تكون معنوياتهم سيئة. لذلك من الضروري أن تراقب حالتك من دون أن تحصر تفكيرك بمسألة النوم وما يصيبها من مشاكل.

يكشف تراجع الحيوية والاندفاع عن إصابتك بالتعب. تتغير الشخصية، تصعب الأمور فتبدو الأمور البسيطة هائلة جداً صعبة التنفيذ فتئن ومن حولك من ثقلها. يميل الجميع بمن فيهم أنت إلى لوم قلة النوم وضغط العمل أو الحاجة إلى استراحة أو عطلة طويلة.  

ولكن لا بدّ من أن تبدأ بطرح الأسئلة. قد تتراجع معنوياتك موقتاً نتيجة لحدثٍ محفزٍ. في حالات الاكتئاب، يتراجع نشاطك وتشعر بتعب من كلّ ما يحيط بك بين ليلةٍ وضحاها، فتلازم فراشك حتى أثناء النهار وتفقد الاهتمام بالعمل أو بالأمور اليومية.  

تترافق الأعراض المذكورة أعلاه أو إحداها مع إصابتك بالانفعال الشديد وبتقلّب مزاجك فتغضب من كلّ شيء وتعجز عن تحمل صغير الأمور وتثور لأسخف الأسباب. مجدداً، لا يمكن القول إنك تعاني الاكتئاب، لا سيما أنك على غرار غيرك من الناس قد تمر ببعض الفترات الصعبة. لذلك من الضروري أن تنتبه إلى نفسك وإلى الآخرين حين تكون متعباً أو مكتئباً أو متضايقاً من الآخرين أو من نفسك. في حالات مشابهة، لا جدوى من التشخيص الذاتي فاحرص على التوقف عن الظنّ والتفكير في حالتك واقصد اختصاصياً لتتأكد من أمورك أو لتحظى بفرصة الحديث إلى شخصٍ تثق به.  

حذار الاكتئاب الموسمي

رغم أن فصل الشتاء هو المسؤول غالباً عن حالات الاكتئاب، فإن الأخير قد يستمر في الخريف والربيع علماً أنها قد تكون أحياناً ظاهرة وأحياناً أخرى مبطنة. تتشابه الأعراض أياً كانت الحالة وتتجلى في عجزٍ عن القيام بالواجبات اليومية العادية. وتختلف حالات الاكتئاب الشديد عن تلك التي قد تصيبك بفعل تغيّر الطقس والتي تمنعك من القيام بمهامك اليومية حتى وإن شعرت أنك مزاجك متعكر.

الاكتئاب الموسمي مرض على غرار الاكتئاب العادي ويزيد عدد من العوامل من حدّته كتراجع الضوء وساعات النهار القصيرة. ويُعالج الاكتئاب الموسمي كغيره من أنواع الاكتئاب عبر المعالجة بالضوء (لا تعتمد على الأشعة فوق البنفسجية بل على النور) لتعزيز المعنويات ودعمها علماً أن نتائجها لن تظهر جلية ما لم تترافق مع علاجٍ شامل، فإذا شعرت بتحسن على أثر خضوعك لجلسات علاج بالضوء، تأكد أن حالتك لا تتعدى الاكتئاب الشتوي.

تسهل مقاومة الكآبة ومواجهتها، المهم أن تتجه إلى الحلول المناسبة التي من شأنها مساعدتك على التخلص منها أو من الاكتئاب الدائم. تتعدد النصائح والتمارين الهادفة التي يمكنك أن تستفيد منها لتحسين عاداتك أو للعمل بدلاً الاستسلام: حلول علاجية لطيفة، نمط حياة صحي... فلم لا تستفيد منها لتخطي متاعبك البسيطة أو الكبيرة.

back to top