الشاعرة اللبنانية نسرين بلوط: كينونتي في قصائدي

نشر في 28-07-2013 | 00:01
آخر تحديث 28-07-2013 | 00:01
No Image Caption
البيئة اللبنانية والطبيعة الخلابة لها التأثير الأكبر على الشاعرة نسرين بلوط، لذا تأتي كتابتها محلقة في أفاق الجمال ولكن من دون تجاهل واقعها، وتنحاز دوماً إلى القضايا الحياتية المعاشة. توضح أن أسلوبها الشاعري ينسحب على كتابتها للرواية، وترى أن لكل إنسان بصمته، مؤكد أن المرأة كائن فاعل كالرجل بعطائها وإبداعاتها ومخيلتها.
كيف لنا أن نتعرف إلى الشاعرة والأديبة نسرين بلوط؟

قصائدي تترجم كينونتي كلها، فمعها أرتقي عن كل ما قد يدنس روحي من كره أو شر. معها تبلورت طفولتي وبها فرحت وحزنت... بكيت وابتسمت أحببت وابتعدت.

ولدت نسرين من رحم القصيدة، التي بزغت في حواشي زمني ومكاني بكل نبض من الحنين والتوق والشغف، وعندما أعرف عادة عن نفسي أعرف بها بقصيدة «يا ملكة الغروب»، حيث أقول:

غدر الحب كرحى الظلام فدعيه.

دعيه لعالمه الفولاذي..

ليجاذبه أطراف ريائه.

وعودي عودي

يا ملكة الغروب لرحيق الزهر.

كيف ترين الحالة الأدبية في لبنان راهناً؟

من يعشق الشعر أو يكتبه أو يطلبه لا يحده في مكان أو زمان، لهذا فالمشهد الثقافي لا يتغير إلا بتغير الناس وميولهم. ومن نشأ على حب الكلمة سواء في لبنان أو غيره من البلدان لا يغير من طقوس هذا الشغف الروحي للأدب والشعر. ما زال الوضع الثقافي بخير، لكنه بحاجة في بلادنا العربية كافة إلى دعم من الحكومة وتشجيع أكثر لأن جماليات الكلمة لا حدود لها، تثقف الذات والروح وتعلو بنا إلى أعلى المقامات.

صدر لك «أرجوان الشاطئ و»رؤيا في بحر الشوق» و{مهربة كلماتي إليك»، كيف تقيمين هذه الأعمال وأيها الأقرب إليك؟

اختصرت في «أرجوان الشاطئ» غربتي عن وطني وجرحي من الحبيب وألمي لفقداني الأب والأم في سن مبكرة، فتلون بصبغة من الأسى على رغم تدفق الحس فيه.

في ديواني الثاني «رؤيا في بحر الشوق»، تغير هذا المسار ليعبر من الجوى إلى الهوى، من الظلام إلى الأحلام، من علو السور إلى روعة النور، فجاءت مثلاً قصيدة «لا تجفل» لتترجم كل تلك المشاعر حيث أقول:

لا تجفل... فالصبح قريب..

والسهد يعبر بك إلى متاهات الظلام..

فتتكي نفسك المنهكة على أمد حالك..

دع عنك الحزن وعانق النجم السنيّ..

فيزدهي أمدك بالمنى..

ويسيل رونقا» عابقا»..

يمتطي بك أشرعة الأحلام..

تنشق الأمل وامضي..

روعك الدجى بأزقته..

 يرخي على أهدابك ستائره..

فانتفض لكربك... وتدلى في سريرة الدهر..

كالروض يحفه الورد.. ويسبل أجفانه للحب..

لا تجفل.. الصبح يأتي.. كما يرحل المساء..

ماذا عن روايتك، وهل ثمة تعارض بين كتابة الشعر والرواية؟

لدي رواية انتهيت منها لم أضع لها عنواناً بعد، ورواية جديدة بدأت من أيام كتابتها. بالطبع، ثمة تعارض بين الشعر والرواية، فالقصيدة انبثاق شعري يبرق في لمح البصر. هي تشبه البرق الآسر الخاطف. أما الرواية فهي إسهاب في السرد وفي التلاعب بالأحداث ومصير أناس كثيرين. نستطيع أن نرتب منها أجزاء إن كانت الأحداث تتوالى بشكل معقول لا يمل القارئ منه.

أكتب الرواية بأسلوب شعري وهذا لا مانع فيه في خصوصيات الرواية... ولا يوجد أي عائق بالتعبير في رسم الصور بأسلوب يميل إلى الشعر. لكن لكل فن نزعته ونكهته وشروطه، فالشعر يشتعل من فتيلة الميثيولجيا أما الرواية فترتكز على الواقع المطعم بالخيال والمبالغة والتمادي في الأحداث كي لا تصل إلى المتلقي بشكل جاف.

كان الشعر حاضراً في ميادين الثورات العربية الأخيرة، هل ترين أنه سيستعيد مكانته وأن قارئ الشعر ما زال موجوداً؟

الشعر مكانته راسخة وحاضرة في كل زمان ومكان ومهما كانت الأحوال والظروف. من يبحث عن القصيدة الحقيقية سيظل يبحث عنها مهما برز في ميدان الشعر من شعراء يزعمون أنهم شعراء حقيقيون، وهم في الحقيقة سراب ووهم وباحثون عن الشهرة الزائلة التي لن ينالوها مهما سعوا إليها، لأن القلم لا يكذب مهما حاولوا هم الكذب أو التحايل عليه، أو شحنه بإغراءات الخطاب والصراخ، فيكشف عن صيرورة الكاتب الإبداعية أو الأسلوبية، لأن روح الشاعر أو الأديب في حلق القلم.

البعض يقول إننا نعيش عصر الرواية لأنها طغت على الألوان الأدبية الأخرى، فما رأيك؟

لا أبداً... في الموسيقى، إن عزفنا على القيثارة لا نستطيع أن نستغني عن الناي.. لكل من هذه القطع الموسيقية من يحبها ويتذوقها ويعشقها. الشعر ذاكرة راسخة على مر العصور وكذلك الرواية... لكل قيمته وكينونته.

أين الوطن من كتابتك؟

الوطن حاضر دائماً في قلمي وفي روحي كالهذيان، هو توأمي لأني لطالما شبهت نفسي به، بخيباته وجروحه وشموخه وقوته. الوطن أنا وأنا هو، ومن لا يتماهى في الانصهار في وطنه لا جذور له ولا أصل ولا حياة.

ما رأيك بالمبادرات التي تقام لدعم الشعر في الوطن العربي؟

المبادرات قليلة. أعتقد أن باستطاعة كل حكومة في كل بلد عربي أن تنشط من فعاليات مهرجاناتها وتكثفها وتدعمها بشكل أفضل.

ماذا عن الروافد والتجارب التي شكلت وعيكّ الإبداعي وصقلت موهبتك الأدبية؟

فقدان الأهل في مرحلة الطفولة وجرح الوطن والغربة والطبيعة في وطني من أشجار وأنهار وشلالات ووديان وجبال وصوت المؤذن وحفيف الأغصان... كلها عناصر تضافرت لتشكل هويتي وإبداعي وترسم آفاق قلمي ونزعاته.

بمن تأثرتِ في كتاباتك الشعرية والأدبية عربياً وعالمياً؟

تأثرت أولاً بأمي رحمها الله، فقد كانت شاعرة لم يتح لها القدر أن تبرز إلى النور، وهي من حثني على القراءة والمثابرة. تأثرت بجبران خليل جبران، بدر شاكر السياب، نجيب محفوظ، ميخائيل نعيمة، محمود درويش، وقرأت لنجيب محفوظ  ويوسف إدريس وغيرهم من عمالقة الشعر والأدب والرواية، ولشعراء وأدباء غربيين مثل لوركا وغوته وجورج صاند وكفافي وشكسبير، وفيكتور هيغو.

تأثرت أيضاً بفكر أبي القاسم الشابي مما حثني على زيارة مدينته توزر ووقفت على ضريحه وكتبت له قصيدة من القلب هذا مطلعها:

وهناكْ.. رَقَصَتْ...

كلماتٌ هرَّبها قلبٌ باتَ عليلا...

للرابيةِ الخضراءْ...

جَلَسَتْ في عرْشِ سُهادٍ..

رَسَمَتْ لسنابلِ نهرٍ...

عرشاً... ماءً... وسبيلا...

ومعكْ... هَتَفَتْ...

للشابي معها قصصٌ... قبلٌ...

تنهالُ مواويلا...

ما هو جديدك في الفترة المقبلة؟

ديوان شعري جديد موزون، ورواية انتهيت منها لكني لم أطبعها بعد.

back to top