هل يتكرر سيناريو عامي 2008 و2009 مجددا هذا العام، فتعتمد المحكمة الدستورية نتائج وزارة الداخلية التي تغيِّر النتائج المعلنة للفائزين بعضوية مجلس الامة في الدائرتين الاولى والثالثة، أم ستعتمد الدستورية النتائج الحالية للجان القضائية؟

Ad

ففي عامي 2008 أصدرت «الدستورية» حكمين ببطلان عضوية نائبين، هما مبارك الوعلان وعبدالله العجمي، ودخل مكانهما عسكر العنزي وسعدون حماد، وفي عام 2009 تم إبطال عضوية بادي الدوسري ودخل مكانه خالد العدوة، وذلك بعد أن أعادت المحكمة الجمع مجددا، فقررت إعلان الفائزين، بعد أن جاءت نتائج «الداخلية» مطابقة لعملية الجمع، بخلاف ما أعلنته اللجان القضائية المشرفة على النتائج في تلك الدوائر.

ويأتي هذا التساؤل على خلفية ما كشفته نتائج وزارة الداخلية التي أرسلتها إلى المحكمة الدستورية الأسبوع الماضي بشأن وجود أخطاء في أسماء الفائزين بالدائرة الانتخابية الأولى، حيث تقضي النتائج الجديدة بدخول عبدالحميد دشتي بدلاً من النائبة معصومة المبارك، وفي الدائرة الثالثة بدخول نبيل الفضل بدلاً من النائب أسامة الطاحوس، لتقرر وزارة الداخلية بذلك أن هناك خللاً أصاب عملية الجمع من قبل اللجان المشرفة على العملية الانتخابية!

من المسؤول؟

وتفتح مثل تلك الأخطاء الجسيمة باب التساؤلات عن المسؤول عن وقوعها ومن يتحمل تبعاتها، خاصة أن تلك الاخطاء ليست الأولى، بل ستكون هذه، إذا اعتمدت «الدستورية» كشوف «الداخلية»، هي المرة الثالثة التي تخطئ فيها اللجان المشرفة على العملية الانتخابية في احتساب الارقام الحاصل عليها المرشحون في عدة دوائر انتخابية، وتتسبب في نجاح مرشحين يثبت لاحقا عدم صحة نتائج فوزهم، وهو ما عكسته أحكام المحكمة الدستورية عندما فصلت في عامي 2008 و2009 في الطعون الانتخابية المقامة في الدائرتين الرابعة والخامسة مرتين متتاليين، ببطلان النتائج وإعلان الفائزين فيهما.

غير أن السؤال الأهم الذي تطرحه الأوساط القانونية: إلى متى ستظل اللجان القضائية المشرفة على إدارة العملية الانتخابية تعتمد على الفرز اليدوي دون الاستعانة بالتطور التكنولوجي الحديث والذي استعانت بها دول ديمقرطية عديدة؟ وإلى متى ستظل اللجان القضائية المشرفة على سير العملية الانتخابية تخطئ في جمع الارقام الخاصة بمحاضر التجميع، والتي تتسبب في عضوية البعض لأشهر، ليشارك في تحديد العديد من المراكز القانونية المسؤولة عنها السلطة التشريعية بتصويته ومشاركته، ثم يثبت لاحقاً عدم سلامة عضويته في المجلس لأخطاء شابت التجميع!

ورغم أن الحكومة عالجت أمر مراجعة أرقام ونتائج العملية الانتخابية بمرسوم قانون إنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات، والذي أعطى للجان القضائية أمر مراجعة النتائج وإعلان الفائز بعد 72 ساعة من صدورها، كما أعطى القانون للطاعنين حق التظلم أمام اللجان من النتائج المعلنة، إلا أن هذا صدور المرسوم شهد خطأ جسيماً، لكونه صدر بغياب مجلس الأمة على شكل مرسوم ضرورة، وجاءت المحكمة الدستورية في 14 من يونيو الماضي بالحكم بعدم دستوريته لمخالفته نص المادة 71 من الدستور، وبالتالي فقد تقرر التعامل مع الأمر وفق قانون الانتخاب بعد إلغاء مرسوم اللجنة الوطنية العليا من قبل المحكمة الدستورية.

وإلى أن تأتي الحكومة بمشروع جديد أو يتحرك مجلس الأمة لاستصدار قانون يواكب العملية الديمقرطية ويعالج القصور الذي تعانيه، ينبغي على اللجنة القضائية العليا المشرفة على سير العملية الانتخابية أن تعيد النظر في طريقة فرز النتائج الانتخابية، وإعلان نتائج الفائزين بعد توخي أقصى درجات الدقة في مطابقة أرقام المرشحين مع محاضر التجميع الواردة من كل اللجان.

الاستعانة بالمحاسبين

ليس ذلك فحسب، بل يتعين أن تخطو اللجان القضائية المشرفة على العملية الانتخابية خطوات في استخدام التكنولوجيا الحديثة إلى جانب «اليدوية»، لتكون هي البديل مستقبلا، فضلا عن ضرورة الاستعانة بعدد من المحاسبين من إدارة الخبراء التابعين لوزارة العدل فقط في عملية جمع الارقام في اللجان، وكذلك تجميع الارقام لدى اللجنة الرئيسية، ويكون ذلك بحضور مندوبي المرشحين، على أن يسمح للخبراء المحاسبين فقط بمراجعة الارقام في حينها دون أن يكون لهم أي دور في الفرز أو إعداد المحاضر الخاصة بعملية الانتخاب، لكونها مسألة مرتبطة باللجان القضائية المشرفة على سير العملية الانتخابية

وللاستعانة بالخبراء المحاسبين التابعين لوزارة العدل أكثر من غاية، أولاها أن من يقبل هؤلاء المحاسبين، ومن يحاكمهم ويؤدون القسم أمامه هم أعضاء السلطة القضائية، وبالتالي فإنهم يخضعون لإجراءات مشددة في تعيينهم ومحاكمتهم، فضلا عن أنهم مؤتمنون على ملفات الدعاوى القضائية التي تحال اليهم من المحاكم والتي تعتمدها المحاكم بعد أن تنتهي منها، وبالتالي فإن الاستعانة بهم ستمثل إضافة مهمة للعملية الانتخابية، من شانها أن تقلل اخطاء عملية جمع النتائج، والتي قد تحدث بسبب عدم وجود الاعداد الكافية من القضاة في الاشراف الانتخابي، إضافة إلى ضغط اليوم الانتخابي الطويل الذي لا يخلو من أخطاء مادية قد تمتد حتى إلى عدم إدراج بعض الجداول الخاصة بالعملية الانتخابية!

الأخطاء في عملية الجمع لمحاضر التجميع ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة إذا لم تقم اللجنة العليا للانتخابات بإعادة النظر في حماية العملية الانتخابية من جميع جوانبها ومنها عملية الجمع، والتي يتعين لحمايتها زيادة عدد القضاة المشرفين على سير العملية الانتخابية، علاوة على تزويد اللجان بمحاسبين معتمدين مهمتهم مراجعة الكشوف الحسابية، وهو أمر لا يتعارض مع المهمة الموكلة لأعضاء السلطة القضائية بالإشراف على الانتخابات العامة.