اللافت في شعر الأديب اللبناني عبد الله غانم أنه يجمع بين الحكمي والفلسفي، بين الهم اليومي والهم الوجودي، وهو أفرد للقرية والطبيعة حيزاً كبيراً في شعره، وكانت اللغة العامية الأداة التي عززت محاكاة الشاعر للأجواء الريفية.

Ad

في ندوة جاءت تكريماً له في مركزُ التراث اللبناني} في الجامعة اللبنانية الأَميركية في بيروت، شارك كل من الشاعر شوقي بزَيْع الذي قرأ كلمة بعنوان {فردوس الحواس وجحيم الداخل}، والكاتب أَلِكْسندر نجَّار الذي سأل: كيف نقرأُ اليوم عبدالله غانم؟ والدكتور غالب غانم سائلاً أيضاً: هل من جديد بَعـدُ أَقولُهُ فيه؟ الى جانب قراءات من شِعـره قدمها الممثل جهاد الأَندري.

ولد عبدالله غانم في بسكتنا (جبل لبنان) عام 1895 وكان لطبيعة هذه البلدة الجبلية الشاعرة تأثيرها على شعره ونشأته على حبه للأدب واللغة، ومزاولته تدريس اللغة والأدب العربي فيها.

عام 1929 أصدر جريدة {صنين} الأسبوعية الأدبية الاجتماعية الجامعة، التي استمرَّت سنتَين (حتى 1931). وفي هذه المرحلة أصدر مسرحية {شيطان البُرج}، عمل نثري حاز رواجاً بتمثيله مراراً على مسارح عدة. ومن ثم أصدر مجلة {الدَّهر} الشهرية التي نشرَت باقات من روايات وأَساطير ونصوصاً أَدبيةً واجتماعية. ولا ننسى {كتاب الأجيال}، وفيه لمحات عن تاريخ بعض الشعوب القديمة وأساطيرها، ومجموعة {العندليب} بالمحكيّة اللبنانية (صدرَت لها طبعة ثانية سنة 1959)، وقصة {جبل النُّسّاك} و{بعد الخطيئة}، مجموعة تسع قصص قصيرة من مواضيع الطبيعة اللبنانية وإِنسانها. وتوفي عام 1959 .

غنّت من قصائده مجموعةُ أَصوات: فيروز، نور الهدى، كارم محمود، زكيّة حمدان، صابر الصفح. وصدرَت بعد غيابه في ثلاثة أَجزاء مجموعة مؤلفاته الكاملة المطبوعة والمخطوطة شِعراً ونثراً. من شِعرِه:

دَقِّتْ على صَدْري وقالتْلي: افْتَحو

تَ شُوف قلبي انْ كان بَعْدُو مَطْرَحُو

واِنْ صَحّ ظَنّي وشِفْتْلُو عِندَك رفاقْ

بِستَرجعُو وما بْعُود خَلّيك تِلْمَحُو

واِنْ صَحّ ظَنّي وشِفْتْلُو عِندَك رفاقْ

بِسترجعُو... وبِنْسَى ليالينا العتاقْ

قلبي، انْ هَجَرْتَكْ، يِدْبَحُو مَرَّه الفراقْ

واِنْ ضَلّ عنْدَكْ... كلّ يَوم بْتِدْبَحُو

***

هَـون اْشْلَحيني... هَون حَدّ الوكْر

بـ{ضَهْر الحصَيْن} مَلفَى الخيال والشِعر

عندي زْهُور من هَون للوادي

لا  تِتْعْبي  قلبك بِباقِة زهْر

هَون اْشْلحيني... ولا تقولي {راح}

ما تْكَوَّنِتْ - لولا الفساد - الراح

وْلا تْخَمّنيني بْحالتي مَتْعُوب    

حطَّاب نَزَّل حَمْلْتو وارتاح

***

أَتَرِنُّ  الأَوتارُ في غيرِ  لبنانَ رنينَ الأَوتار في لبنانِ؟

أَجميعُ البقاع فجرٌ من الأَلماس في دُغشةٍ كَفَيْءِ الزمانِ؟

فوقَ أَكتافه مَشالحُ تاريخٍ... وفي جِيدِهِ عُقُود بَيانِ

مَسَحَتْهُ أُلُوهَةُ الأَرض بالحُسْن وَلَفَّتْهُ بالهَوى السكرانِ

بَلَدي مرتَع الزُّهى، ومراعي الحُبّ غابي، وعَرْفُهُ بُستاني

أَيكونُ الجمالُ في غيرِ لبنانَ شَقيقَ الجمال في لبنانِ؟

***

هوذا مغرِبُ النُّجوم فهيّا نَرقَب الصُّبحَ في انْـطـفـاءِ الثُّريّا

وإِلى قُبلة البَراءةِ والصَّفح تَعالَوا بِرهْبَةٍ يا بَنِيّـا

كلُّ ما كُنتُمُ: مقاطعُ من حُبّي ولَونُ الخُلود في مُقلَتَيّا

كلُّ ما أَنتُمُ: عَزاءٌ على قلبي ولحنُ الـرَّجاء في أُذُنَيّا

أَنا ما زلتُ عندكُمْ فالذي كُنتُ: هو الفِكْرُ لا عَجـينُ الترابِ

وإِذا ما سُئِلْتُمُ عن مَكاني فأَجيبُوا: هُناكَ فوقَ الضَّبابِ