• كيف تنظر إلى الخطاب الإسلامي الحالي في ضوء محاولات البعض اختزال الإسلام في نظام العقوبات والحدود؟

Ad

أولاً، لابد أن نعلم أن مفاهيم القرآن في نظام الحكم، تدور كلها حول إقرار مبادئ العدل، وكذلك أسماء الله الحسنى فيها الغفور الرحيم الودود... إلخ، وفيها القهار المنتقم الجبار، وأن خطأ الخطاب الإسلامي الحالي هو تسلط كثير من الناطقين باسم الدين تبعاً للإرادة السياسية، وحديثهم مع المسلمين بخطاب الوعيد والترهيب، مقتصرين على اتجاه «الجبار المنتقم القهار» فقط، ويجب أن يقوم الخطاب الإسلامي على التربية الصحيحة، ولذا فإنني أعتبر أن خطيب الجمعة الذي لا يحمل دبلوماً تربوياً فهو مذنب ولا يؤدي دوره التربوي الإسلامي الصحيح، وهذا هو بداية التغيير الصحيح للخطاب الإسلامي، لأن الخطيب إذا استطاع الوصول إلى الأسرة المسلمة وتوعيتها بشكل صحيح، فسنصل إلى تشكيل أمة مختلفة تماماً، لأن صلاح الأسرة فيه صلاح الأمة ومستقبلها، والمطلوب الآن هو القيام بإصلاح عقدي فكري لأبناء الأمة والتربية الصحيحة لهم.

• يرى البعض أن خلاص البشرية من أمراضها يكمن في نهضة المسلمين، كيف برأيك يتم ذلك؟

إن استيقاظ ونهضة العالم الإسلامي ليس إنقاذاً لخمس البشرية فقط، لكنه إنقاذ لمستقبل الإنسان ولحضارة الإنسانية التي تتهددها وحشية الغاب وتعاظم طاقات الخراب والدمار، وهذا يتطلب عملا وجهدا علميا منهجيا منضبطا منظما، يؤدي إلى تنقية الإسلام مما شاب فهمه وثقافته على مدى تاريخ شعوبنا من موروثاتها الثقافية الغابرة وتقاليدها البالية وانحراف ممارساتها وظلامات تعدياتها، وما لحق بهذه الشعوب من خرافات آبائها وشعوذات كهانها وأكاذيب أصحاب الأغراض الدنيئة وافتراءاتهم.

• وكيف تستطيع الأمة الحفاظ على هويتها وسط المخاطر التي تواجهها داخلياً وخارجياً؟

الأمل كبير وموجود، هذا الدين كالشمس والقمر إذا غابت الشمس والقمر قامت القيامة، وهذه سُنة كونية، وليس في كلامي أن هذا الدين دين المواجهات العنيفة، بل هو دين إقامة الجسور مع كل شعوب الأرض، ونحن نعتقد أن إسلامنا رسالة رحمة للعالمين، لذا فهو باقٍ.

• يتردد أن جماعات التبشير الديني تستغل الوضع في اليمن لنشر إرسالياتها، فما مدى صحة ذلك؟

هذا صحيح إلى حد بعيد، والكل يعرف أن الحملات التنصيرية تنطلق من مفهوم خيري في تنصير فقراء العالم، والدليل على ذلك أننا لم نسمع يوماً عن ثري من الأثرياء أو مفكر من المفكرين اعتنق المسيحية، بعكس الإسلام حيث يفاجأ الناس بين الحين والآخر برمز كبير سواء في عالم المال أو الفكر ينطق بالشهادتين، وهذا يدل على أن انتشار الإسلام لا علاقة له بالماديات أو بالإغراءات، أياً كان نوعها، بعكس الحال مع حملات التبشير التي تستخدم المال لإغراء الفقراء والمحتاجين.

• كيف نواجه جهل الكثير من مواطني الغرب بالإسلام وقيمه؟

لابد من وضع استراتيجية شاملة يرصد لها العالم الإسلامي، حكومات وأفرادا ومنظمات، مبالغ كافية، من أجل تحسين صورة الإسلام في الغرب، بحيث ننشر من خلالها ثقافتنا العربية والإسلامية، ونوضح للشعوب الغربية حقيقة الإسلام وسماحته، وقدرته على التواصل مع ثقافة ودين الآخر بسلاسة شديدة، ومن دون أدنى دعوة للصراع.

• وكيف يمكننا التعامل مع الآخر؟

السؤال الذي يطرح هنا هو كيف تستفيد في ظل ثورة الاتصالات من الوصول إلى العالم، والتأثير فيه، مثلما يريد هو أن يؤثر فينا؟ يدور الكلام حول الغزو الفكري وهذا من كلام القرن الماضي، أما الآن فعندك الإنترنت تستطيع أن تلاحظ وأن تؤثر في شباب في أميركا، وعندك فضائيات تستطيع أن تؤثر في شتى التطورات والعكس صحيح، وبالتالي فإن دور الدعاة ودور العالم العربي، ودور كل واحد فينا هو كيف نستغل ثورة الاتصالات في الوصول بصوتنا وتأثيرنا وقيمنا، وأخلاقنا، ومفاهيمنا الصحيحة إلى العالم الغربي.

• أفهم من حديثك تأييدك لحوار الحضارات... فما رأيك في المؤتمرات الدولية العديدة التي عقدت تحت هذا الشعار؟

لم أشارك في أي مؤتمر من هذا النوع، لكننا نعرف من نبينا (صلى الله عليه وسلم) أنه ناقش وحاور وفد نصارى نجران، الأمر يتوقف على المراد من هذه الحوارات، وما هي النوايا وما المطلوب من ورائها، نحن كمسلمين ديننا يعلمنا الحوار، ولدينا مساحة كبيرة للحوار مع الآخر، والتعايش معه.

• الانفلات الأخلاقي ظاهرة سلبية تنتشر في مجتمعاتنا بشكل مؤسف فكيف نواجهها؟

لابد من إشباع الشباب بأصول الإسلام وقواعده وتبيان الحلال والحرام، ولكي يكون الإنسان محصناً لابد من إيجاد برامج بديلة، الشاب يريد أن يستخدم الإنترنت وأن يستغل وقت فراغه فيما يسليه، ويسعى إلى السفر حول العالم لأغراض مشابهة، فلابد أن نقدم برامج بديلة وقوية منافسة، بحيث نتبع أسلوب التجديد والانفتاح على العالم مع المحافظة في الوقت ذاته على الثوابت، ولابد أن نجدد في أساليب الدعوة وأساليب التربية وأساليب مخاطبة هؤلاء الشباب ونوجد برامج إعلامية قوية.