لابد لنا اليوم من إعادة إحياء الوسط الديمقراطي، كما كان سابقاً، كياناً حراً جريئاً واضحاً يستقرئ الأحداث، ويبني المواقف دون خوف أو تردد، لا يجامل ولا يداري حقيقته، يفاخر بمدنيته، يحارب إقحام الدين أو العائلة أو القبيلة في العمل الجماعي، ويدافع بشراسة عن حرية التعبير بكل الأشكال ضمن إطار الدولة والدستور.
الوسط الديمقراطي مدرسة أدين لها بالفضل الكبير في صقل شخصيتي وتوعيتي بالواجبات الوطنية بشكل أفضل مما كنت عليه قبل انضمامي إلى تلك القائمة في فترة الدراسة الجامعية.ولأنني مدين لهذه القائمة وسأظل كذلك طوال حياتي، فإنني أجد أن من الواجب عليّ أن أقدم لأعضائها اليوم ما أراه حول حال هذا الكيان الجميل الراقي، بل المدرسة التي ساهمت في تخريج أجيال مميزة من أبناء وبنات الكويت ساهموا ومازالوا يساهمون في بناء هذا الوطن.لأبدأ بكيف أرى الوسط الديمقراطي ككيان بمعزل عن متغيرات السنين، فأنا أجد أن هذه القائمة النموذج الذي يجب أن تحتذي به كل الكويت في سبيل الوصول إلى واقع أفضل، فهي قائمة مدنية تحارب أي شكل من أشكال التعصب والتمييز، وتقدم طرحاً مدنياً راقياً يرفض أن يتم فرض معتقد أو دين على العمل الجماعي في الكويت بأي شكل من الأشكال، كما أنها تتخذ ما تراه صائباً من مواقف بتجرد من أي ظروف قد تساهم في تقليل فرص نجاحها، وهو ما حدث في أكثر من مناسبة، كالمطالبة الطويلة بإقرار الحق السياسي للمرأة رغم تخوين المنافسين لهم، إلا أن المحصلة كانت خضوع المنافسين لموقف الوسط الديمقراطي قبيل تحقيقه، كما أن صلابة موقفها في مسألة المساواة بين الجنسين في التعليم والدعوة الدائمة للتعليم المشترك أثبتت الأيام أنها الدعوة السليمة، ففصل التعليم، كما طالب المنافسون، عرقل المسيرة التعليمية بشكل واضح، عطفاً على موقفهم الرائع في محاربة سراق المال العام في الوقت الذي ارتمى فيه المنافس الأساسي في أحضان اللصوص. هكذا أرى مدرسة الوسط الديمقراطي بتجرد من المتغيرات التي تسير عليها القائمة اليوم كما أتابع.فقد اختفت هوية الوسط الحقيقية للأسف، وبات الأعضاء يفاخرون بالتاريخ الجميل للوسط الديمقراطي دون السعي إلى استمرار صنع التاريخ من خلال المواقف الصلبة والإبداع في إيصال رسالتهم للطلبة، كما أن تكرار الجمل الانهزامية النمطية ("مو مهم الفوز"، "يكفينا فخراً بعدد محدود من الأصوات المقتنعة"، إلخ ) قتل طموح النجاح لدى الأعضاء للأسف، فباتوا أسرى لتلك العبارات التي تجعل القائمة تضعف سنة تلو الأخرى في ظل تصاعد أرقام المتنافسين، فضلاً عن بعض اعتبارات التخوف من الهجوم قبل اتخاذ أي موقف، وهو ما لم يكن له وجود في الماضي، كما دللت بمثال المطالبة بالحق السياسي للمرأة والدعوة إلى التعليم المشترك، ومحاربة سراق المال العام وغيرها.لابد لنا اليوم من إعادة إحياء الوسط الديمقراطي، كما كان سابقاً، كياناً حر جريئاً واضحاً يستقرئ الأحداث، ويبني المواقف دون خوف أو تردد، لا يجامل ولا يداري حقيقته، يفاخر بمدنيته، يحارب إقحام الدين أو العائلة أو القبيلة في العمل الجماعي، ويدافع بشراسة عن حرية التعبير بكل الأشكال ضمن إطار الدولة والدستور.كما ذكرت في بداية المقال تظل قائمة الوسط الديمقراطي إحدى أهم المدارس التي دخلتها، ولأنني مدين لها، فإنني لن أتردد في أي محاولة لتقويم المسار، فإن استمر الوضع القائم فلا جدوى أبداً من الاستمرار في التغزل بالماضي الجميل دون عمل بالحاضر.خارج نطاق التغطية:لا أخفي إعجابي الشديد بتبني النائب راكان النصف لملف الإسكان، إذ عكست أولويات المواطنين في الاستبيان أخيراً أنه يعتلي هرم الأولويات، وأنا متفائل جداً بأن راكان سيكون أحد المفاتيح الحقيقية للمساهمة في حل هذه الأزمة.
مقالات
«دين برقبتي»
18-09-2013