أن يفوز أحمد فؤاد نجم بجائزة {الأمير كلاوس} تلك هي المفارقة الكبيرة، في اجتماع اسم الشاعر الذي لطالما ارتبط بالصعلكة مع جائزة اسمها الأمير.
ولكن إمارة كلاوس في الجائزة ليست سلطوية ولا تنم عن سلطان أو جاه، فهذه الجائزة الرمزية تبدو أبعد ما تكون عن لقبها، فهي أدبية ثقافية بامتياز، وأن يفوز بها أحمد فؤاد نجم، تكون بذلك قد أعطت رمزية أخرى لنفسها. فهذا الشاعر الذي اشتهر بالتمرد والسخط، بقي طوال سنوات مجده اليساري مع المغني الضرير الشيخ إمام، منبوذين من وسائل الإعلام الرسمية المصرية. لم يكن مسموحاً لأغانيهما أن تبث على الشاشة أو عبر الراديو أيام السادات أو حسني مبارك. ربما كان مرحباً بهما بشكل دائم في السجن. كان الكاسيت وسيلتهما للانتشار في الوسط اليساري. قدم نجم الكلمة الساخرة والمريرة التي تقلق الأنظمة ورموزها، وقدم الشيخ أمام تلك الكلمات بصوته التجويدي وموسيقاه المتقشفة، وثمة من وصف غناءه بأنه {بلوز} لكن على العود. كان يغني بتجويد ثوري في مواجهة التجويد العاطفي لأم كلثوم، كان مغني الحانة والمتشردين واليساريين والصعاليك وكانت أم كلثوم مغنية السلطان والأمة والجماهير.زمن الميديامنذ رحل الشيخ إمام بقي نجم بمفرده، لم يجد مغنياً لكلمته، رحل الشيخ إمام وكان على خلاف مع شاعره الذي بدأ في مرحلة يخرج من مسار الصعلكة وإن كان يلبس ثوبها. أتى زمن الميديا والتسعينيات، ليتحول نجم من شاعر الحانة إلى نجم تلفزيوني يتسابق مقدمو برامج التوك شو على استضافته، كان همهم ليس كلمته الشعرية بل مواقفه الشعبوية والصلفة والعشوائية سواء في رأيه بالفنانات أو الراقصات أو مواقفه السياسية أو العسكر. لم ينج نجم من موجة الاستهلاك الإعلامي في السنوات الأخيرة، لكن هذا لا يعني أنه ليس ظاهرة لها حضورها وتستحق التقدير، فقد ذكر موقع الإذاعة الهولندية {هنا أمستردام} في إطار الاحتفال بفوز نجم بجائزة الأمير كلاوس أن أعماله الشعرية تميزت بالأصالة وبالحس النقدي الساخر والمستقل، والتي شكلت بدورها إضافة مهمة لسعي المصريين المتصل إلى الحرية والعدالة الاجتماعية. وأشارت إلى أن نجم نشر أولى قصائده في خمسينيات القرن الماضي، {ولم يكف منذ ذلك الوقت عن الانتقاد الساخر والمرير للأنظمة السياسية كافة والنخب السياسية في مصر لنفاقهم وفسادهم وسوء استخدامهم للسلطة}، وذلك بـ{استخدام لغة شعبية بسيطة وقوية وحمالة لأطياف من المعاني الجادة والساخرة ونفاذة إلى قلب الحياة اليومية العادية لبسطاء المصريين. منح نجم محبيه الأمل والعزم والثقة في المستقبل. واعتبرت الإذاعة الهولندية أنه تمكن خلال العقد الماضي من فرض موهبته وحسه الساخر على التيار الرئيس في الإعلام العربي والوصول إلى ملايين الشباب العرب الذين استلهموا أشعاره على رغم فارق العمر. ولفتت إلى أنه خاص في السبعينيات تجربة مثيرة مع المغني اليساري الشيخ إمام وقدما معاً عشرات العروض المشتركة التي وصلت إلى جمهور واسع عبر الكاسيت والقنوات غير الحكومية. يشار إلى أن الأمير الراحل كلاوس هو والد العاهل الهولندي وليام ألكساندر. وسبق أن فاز بهذه الجائزة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش والمفكر السوري صادق جلال العظم والرسام السوداني إبراهيم الصلحي والكاتب المسرحي المصري لينين الرملي والمسرحي اللبناني ربيع مروة والكاتب السوري ياسين الحاج صالح، وعدد آخر من المبدعين العرب.
توابل - ثقافات
أحمد فؤاد نجم... «الصعلوك» يفوز بجائزة «الأمير»
10-09-2013