«الموت في وهران}... قاموس الإرهاب
{الموت في وهران» عنوان أحدث روايات الأديب الجزائري الحبيب السائح التي صدرت أخيراً عن دار {العين للنشر} في القاهرة وتتناول المحنة التي تعرضت لها الجزائر على يد الإرهاب.
تستعرض رواية «الموت في طهران» التداعيات التي عاشتها الجزائر جراء الإرهاب الذي عصف بها، حيث يهيمن الشعور بالموت على أجواء الرواية، التي يعود فيها الحبيب السايح إلى الأيام الحالكة التي عرفتها الجزائر طيلة عشرية كاملة. ورغم ذلك تشعر بتطلع إلى حياة أفضل.صدرت الرواية مصحوبة بجزء من النص جاء فيه: «احتشد المارون في ساحة المغرب العربي (لاباستي) سابقا حتى حدود كنيسة الروح القدس المخرس بابها، على تذكار تفجيرٍ في ليلة صيفية كان شتت أشلاء جسدي أُسقفها كلافيري ومحمد سائقه الشخصي، وعند الأكشاك الأربعة، كأبراج رُكْنية لحصنٍ اندثرت أسواره: نساء ورجالاً، فتياناً وصبايا بأعمار متفتحة وأخرى آيلة إلى ذبول، في أزياء ربيعية وأخرى لا تزال تحمل آثار شتاء المدينة الساحلي، ومن شرفات بناية وهران بويلدينغ أطلت وجوه عتيقة لأزواج من بقايا الأقدام السوداء، تحتها، من حانة فالوريس (سابقا)، خرج بكؤوس قهوتهم المعصورة مَن تبقى من زبائن كانوا، قبل حوالي ثلث قرن، شبابا وكهولا متوثبين يحتسون البيرة فيها مع الڤَطعة بالمرڤاز والدولمْة والعصبان والسردينة المشوية والبصل والليم أو يشربون الپاستيس مع الكَمْية بالحمص والفول والببّوش بالملح والكمون وأنواع زيتون السيڤية الملحّم بألوانه الخضراء والسوداء والبنفسجية خاصة، أو هذا الشراب أو ذاك مع هذه الڤَطعة أو تلك الكَمْية، كانوا يرفعون كؤوسا أخرى، بشراب آخر، أنخابا لأيام أفراح غيّبها أفول زمانهم وخذلتهم فيها شيخوختهم ــ فإن عبدقا النڤريطو لم يكن حدّثني إلا قليلا مما يُبكي قلبه على زمن وهران».
إشارات بكاء يلاحظ القارئ منذ الصفحات الأولى إشارات بكاء على زمن مضى في وهران، وكأن بالكاتب يرثي لحال وصلت إليها الباهية ولم تعد إلا ذكريات يحملها الوجدان والجدران. كذلك يستعرض الكاتب عادات وخصائص تميز بها مجتمع وهران الشهير بحيويته وفرادته وتماسكه. لكن يد الموت تنثر الخوف والظلام في جوانب المدينة العتيقة كافة، حتى تصبح مرتعاً لكل أنواع العنف وأشكاله. هكذا لا يعود أحد يقوى على العيش في مدينة ميتة. تفاصيل كثيرة ولافتة توقف عندها الروائي معبراً عن أوجاع مجتمعه، وناقلاً ذكريات من زمن مضى ليدونها ويختم عليها بخاتم {غير قابل للنسيان}.بتشخيصه لداء الإرهاب الذي فتك بالجزائر وبحر دماء التسعينيات التي أغرقت البلاد، يؤكد الكاتب أن الإرهاب أصبح داء عالمياً تعانيه الشعوب كافة.الحبيب السائح من مواليد 1950 في منطقة سيدي عيسى ولاية معسكر، نشأ في مدينة سعيدة، تخرّج في جامعة وهران غادر الجزائر سنة 1994 متّجها نحو تونس حيث أقام بها نصف سنة قبل أن يشد الرحال نحو المغرب الأقصى ثم عاد بعد ذلك إلى الجزائر ليتفرّغ للإبداع الأدبي.من إصداراته: {القرار}- مجموعة قصصية ، {الصعود نحو الأسفل}- مجموعة قصصية، {زمن النمرود}، {ذاك الحنين}- رواية، {البهية تتزيّن لجلادها}- مجموعة قصصية، و{تماسخت}- رواية.