كتّاب كويتيون: نكتب جزءاً بسيطاً من تضحياتهن
يحتفل العالم اليوم بعيد الأم، عرفاناً بدورها في بناء المجتمع وتكريماً لعطائها وتضحياتها المنوعة في تكوين كيان أسري يقدم نماذج مثالية للمجتمع.
«الجريدة» استطلعت آراء بعض الكتاب الشباب حول دور الأم في إنتاجهم الإبداعي، وفي ما يلي التفاصيل.
«الجريدة» استطلعت آراء بعض الكتاب الشباب حول دور الأم في إنتاجهم الإبداعي، وفي ما يلي التفاصيل.
يلفت القاص خالد النصرالله إلى أن الشكل الإبداعي يبدو متشابهاً في التعبير عن عاطفة الابن تجاه والدته، بينما ثمة كتاب ينسجون أفكارهم بشكل مغاير مقدمين نتاجاً أدبياً يعتمد على التقاطات شخصية مدعمة بلغة شفيفة تتواءم مع مكانة الأم وتضحياتها، متخلصين من الوقوع في مطب التكرار، لا سيما أن فكرة الكتابة عن الأمومة ليست بحديثة.يوضح النصر الله أنه يطرح في أعماله أفكاراً منوعة، متناولاً شخصية الأم في حكاياته، إذ جسد شكل هذه العلاقة بين الابن ووالدته من خلال حضور شخصية الجدة تحت مسمى الأم، معتبراً أن هذه النوعية من الكتابة لا تحتاج إلى الترميز لأنها تفقد جمالها وروحها وألقها، منوهاً إلى أنه في بعض القصص كتب عن شخصية الأم بشكل عام.
اكتسب النصرالله خبرات حياتية من أجواء البيت، مبيناً أن أفراد عائلته ليست لديهم اهتمامات أدبية، لذلك اقتصرت المكتسبات على أمور في الشأن الحياتي التي ربما تشكل مخزوناً معرفياً يعينه في نتاجه السردي.عطاء متدفقالأم بالنسبة إلى القاص سعد جاسر تعني المشاعر الإنسانية النبيلة، فهي تحتضن أولادها في الظروف كافة بغض النظر عن صحتها ونفسيتها، مكرسةً اهتمامها لرعايتهم بلا اكتراث بالأمور الأخرى. ويعتبر جاسر أن الكلمات مهما اتسع مضمونها وتنوعت معانيها تبقى رسماً كتابياً بلا مشاعر إنسانية كالتي تمنحها الأم بلا حساب.يؤكد جاسر أن إصداره الأول «أوقف هذا القطار» أهداه إلى والدته فهي تستحق الكثير، لافتاً إلى أن حداثة تجربته الإبداعية تدفعه إلى التنوع في الإنتاج لذلك حينما يكتب في الحب فهو يكتب عن والدته وحينما يرصد المشاعر الإنسانية يضع ملامح لمسات الأمومة وحنانها.ويضيف جاسر: «لا أستطيع المفاضلة بين التصريح والترميز حتى أكتب، فالنص في رأيي هو الذي يختار شكله، فأنا لا أزال أبحث عن لغتي وعن أدواتي. أكتب عن أمي بطريقة ما لا أعرفها، لذلك جاء إهداء إصداري الأول لأمي».وفي شأن سيطرة العاطفة أثناء الكتابة، قال ضمن هذا السياق: «حين أكتب قصة قصيرة فأنا لست أكتب قصة واقعية ذاتية، والشخصية في النص تخضع لظروف أدبية موضوعية. بالتالي، لا أظن أني في محل تجنب أو استسلام».وعن تأثير الأم في كتاباته، يرى أن ثمة الكثير من المؤثرات في تجربة الكاتب، ويضيف: «أعتقد أن هذه المؤثرات هي مكونات القريحة الأدبية. بالتالي، يصبح التجريد والبحث عن مهمة مؤثر بعينه عملية صعبة بالنسبة إلي على الأقل، أشعر أن أمي حاضرة في كل مواقع الحنين والحب لأي نص أكتبه، وحين تجود عاطفتي ببعض المشاعر والأحاسيس أعلم أن أمي كانت هنا، في النص». نفور المتلقيتؤكد القاصة نورا بوغيث أن شخصية الأم حاضرة في أعمالها القصصية، لا سيما أنها أحد أهم مكونات المجتمع، متجنبة تكرار تناولها لأنها تخشى من نفور المتلقي من الكتابة ضمن هذا الاتجاه، واتساقاً مع ذلك ينسج بعض المبدعين خيوط حكاياتهم المفعمة بالحب أو المضمرة بالألم مجسدين واقع الحياة التي يعيشونها، فترصد هذه الكتابات تضحيات الأم وألمها وسعادتها وفرحها، لكن ليس بالضرورة تقديم هذه المشاعر بشكل مباشر عبر خطاب أدبي.تعتبر بوغيث أن الكتابة عن الأم تكون تكريماً لعطائها وتضحياتها، مبينة أن الأعمال الموجهة إلى الأم مباشرة أو بالترميز تأتي تكريساً لعاطفة الابن تجاه والدته، ومن هنا يهديها البعض آخر إصداره، مشيرة إلى أن هذا التكريم لا يوفيها جزءاً بسيطاً من تضحياتها.لا تجد بوغيث وصفا بليغاً يفي الأم حقها، فهي المربية الفاضلة والحاضنة الرءوم التي تكرس جل وقتها لأبنائها، مؤجلة بعض أولوياتها خشية تأثير انشغالها بأمورها الخاصة على تربية أولادها.نبع العاطفةأما الشاعر سالم الرميضي فقد اعتبر والدته نبع العاطفة المتدفق الذي لا ينضب أبداً، مشيراً إلى أن الأم هي مصدر الإلهام لدى الشعراء، فمن خلال صلابتها يستمد الجلد ومن رقتها يكتب عن الحب، كذلك ينهل من ينبوع عطائها صوراً شعرية يغيب عنها الخيال أحياناً.ويورد الرميضي جانباً من تجربته الشخصية، مبيناً أنه قدم لوالدته قصيدة تُقرأ بالفصحى والشعبي في آن ومن أجوائها: «من الأطياب والأنسام أحلى/ ومن زهر تفتح بالروابي/ تبسم وجه أمي في صباحي/ اذا ابتسمت يفرج كل ما بي». وعبر هذه الأبيات يختصر الرميضي شكل علاقته بأمه معتبراً أنها أجمل ما في الدنيا فابتسامتها تزيل همومه.ويضيف الرميضي: «عموماً، أتوقع أن النص يجب أن يوافق من يوجه إليه، والشاعر عليه ألا يغرق في المباشرة ولا يتوغل في الترميز بل يكون بين ذلك قواما، لا سيما أن والدته في رأيه، أكبر من الشعر والقصيدة مهما كتبت وكتبت فلن أجاوز حقها علي، فدعم والدتي اللامحدود لي هو أبرز الأسباب التي تدفعني دائماً إلى التميز والإبداع».