إحصاءات إيطاليا تجعلها أقرب إلى دول العالم الثالث!
قال التقرير السنوي لمكتب الإحصاء الوطني «إستات» إن البطالة تسجل أعلى المعدلات (36.5%) بين العمال الشباب تحت سن الـ24 : أكثر من مليون شخص في هذه الفئة العمرية أصبحوا عاطلين عن العمل. ما يثير العجب هو أن الحائزين شهادات جامعية هم أكثر عرضة لمشكلة البطالة مقارنة بذوي المستويات التعليمية الأقل.
قد تكون إيطاليا غنية بالإرث الثقافي وقد تكون سابع أكبر اقتصاد في العالم، لكن تتماشى الإحصاءات الاجتماعية في هذا البلد مع تلك السمات التي تطبع دول العالم الثالث. في جميع القطاعات تقريباً، بدءاً من حقوق المرأة ومعدلات البطالة بين الشباب، تسجل إيطاليا نتائج دون المستوى المطلوب. كثرت أعباء هذا البلد بسبب مشكلة الركود، لكن لا يمكن لوم الوضع المالي وحده على هذه الحالة، فقد تحسن الوضع الاقتصادي في إيطاليا بوتيرة ثابتة بقيادة رئيس الوزراء التكنوقراطي ماريو مونتي، لكن البلد تلقى رغم ذلك وابلاً من الانتقادات العالمية في الآونة الأخيرة.قال التقرير السنوي لمكتب الإحصاء الوطني "إستات"، إن البطالة تسجل أعلى المعدلات (36.5%) بين العمال الشباب تحت سن الرابعة والعشرين: أكثر من مليون شخص في هذه الفئة العمرية أصبحوا عاطلين عن العمل، فما يثير العجب هو أن الحائزين شهادات جامعية هم أكثر عرضة لمشكلة البطالة من الأشخاص الذين يتسربون من المدرسة أو لا يرتادون الجامعة لأن هذه الفئة الأخيرة تكون مستعدة للعمل من دون عقود في قطاعات لا تستلزم خبرات مهمة. تسجل النساء معدلات أسوأ من الرجال في هذا المجال. لا تنخفض معدلاتهن مقارنةً بالرجال بنسبة 15% فحسب، بل إن فرصة حصولهن على العمل سيئة (في المناطق الجنوبية من البلد، خرجت ست نساء من أصل عشر من سوق العمل). يواجه بعضهن وضعاً سيئاً يطرح خطراً على حياتهن: قُتلت أكثر من 120 امرأة إيطالية بسبب أعمال عنف محلية في عام 2012، بمعدل جريمة قتل واحدة كل ثلاثة أيام. كان الوضع مزرياً لهذه الدرجة في الخريف الماضي، ما دفع مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلى تحذير إيطاليا وحثها على وضع العنف المحلي على رأس الأجندة الوطنية، لكن تقل السياسات التي تحاول إعادة تأهيل الرجال كي يفهموا أن المرأة مساوية لهم أو تسعى إلى تطوير البرامج الاجتماعية وضمان سلامة النساء.
حتى معايير المعيشة الأساسية تفتقر إلى الكثير مع أن 72.4% من العائلات الإيطالية تملك المنازل التي تعيش فيها، لكن في المقابل، تملك 56% من العائلات الإيطالية فقط حاسوباً في المنزل، و45.3% منها تملك آلة لغسل الأواني، و33.4% منها تملك مكيفاً للهواء مع أن فصل الصيف في إيطاليا يُعتبر واحداً من أكثر المواسم حراً في أوروبا.لسوء الحظ، لا يبدو المستقبل مشرقاً. بين عامي 2011 و2012، تراجع معدل التسجيل في الجامعات والمدارس الثانوية. يُعتبر معدل التسرب من المدارس الثانوية في إيطاليا رابع أعلى معدل في أوروبا وهو يصل إلى 18.8%. أما الأشخاص الذين يرتادون الجامعة فلا يكمّلون تعليمهم حتى النهاية. يحصل 56 طالباً جامعياً فقط من أصل 100 شاب على الشهادة وفق تقرير مكتب "إستات". على صعيد آخر، يعيش غير الإيطاليين حياة فقر أيضاً. في شهر ديسمبر، أدانت منظمة العفو الدولية إيطاليا بسبب انتشار ظاهرة الاستغلال العنصري للوافدين. يتلقى هؤلاء رواتب أقل من الإيطاليين بنسبة 40% (إذا حصلوا على رواتب أصلاً!). كذلك، تنتشر ظاهرة السخرة والعبودية في أنحاء البلد، إذ يعمل الوافدون في ظروف غير إنسانية. يعيش الكثيرون هناك بطريقة غير شرعية، ما يعني أنهم لا يجرؤون على طلب المساعدة من الشرطة أو الحصول على الرعاية الطبية حين يمرضون أو يتعرضون للإصابات. تشير تقديرات منظمة العفو الدولية إلى أن نصف مليون مواطن أجنبي تقريباً يعيشون بطريقة غير شرعية في إيطاليا. اعتبر الرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو أن ذلك التقرير غير دقيق قائلاً: "الوافدون جزء أساسي من الشعب واليد العاملة هم مصدر الطاقة الحيوية في أي مجتمع مسنّ. مع ذلك، يجب أن نبذل الكثير لتحسين الحياة هنا".حاول رينزو روسو، مؤسس دار "ديزل جينز"، بث الحماس لإحداث تغيير في البلد فقال: "الوضع في إيطاليا ليس سهلاً. تكثر مراكز السلطة حيث يعيق الجميع كل شيء. لا تعمل البنى التحتية بالشكل المطلوب لدينا وينتشر الفساد في كل مكان".سيحصل التغيير حتماً ولكنه لن يضمن أي تحسن فعلي، إذ بقيت إيطاليا من دون أي زعيم منتخب منذ نوفمبر 2011، حين استقال سيلفيو بيرلسكوني وعُيّن مونتي لقيادة البلد. سيتوجه الناخبون الإيطاليون إلى صناديق الاقتراع في فبراير 2013 لانتخاب زعيم جديد، لكن من المستبعد أن يكون تحسين مستوى المعيشة جزءاً من أجندة العمل المقبلة بما أن الإحصائيين وحدهم يتحدثون عن هذه المشكلة حتى الآن.Barbie Nadeau