لبنى السحار: أحب أن أموت بين الكتب
لبنى السحار كاتبة فلسطينية مقيمة في السعودية تجرّب التعبير من خلال الكتابة، لها مزاجها الخاص في هذا المجال. بعد باكورتها {كوخ في عطارد} التي وضعتها في خانة الرسائل، هذا الحوار عن شخصيتها.
ما هو رأيك في البؤس؟
البؤس له أشكال كثيرة في رأيي، ولكن أبشعها أن يأتي الإنسان إلى هذه الحياة ويغادرها من دون أن يعيشها أو أن يتبع خطى الآخرين ويلتزم بالتعليمات حرفياً خوفاً من أن يخرج عن المعتاد فيعاقبه الناس. البائس باختصار هو الحي الميت.أين تفضلين العيش؟في بيت صغير وهادئ بجوار البحر في مدينة حية كإسطنبول.ما هي السعادة المثلى في هذه الدنيا؟لا توجد سعادة مثلى أو مطلقة لأن الإنسان بطبعه ملول وإن شعر بأنه سعيد في وقت معين لحصوله على شيء أو أشياء كان يتمناها أو لتحقيقه أهدافاً كانت بعيدة عنه، فإنه بمجرد أن يمر بعض الوقت ويألفها سيتغير شعوره وربما يصرح بأنه غير سعيد. الإنسان الطموح يستغل هذا الأمر كي يتقدم، يدرب نفسه على أن السعادة بعيدة ولا بد من أن يبذل الكثير كي يصلها. أما الكسول فيعتبر أن ذلك قدره وأقصى ما يمكن تحقيقه. وبالمفهوم العام، السعادة في نظري هي أن يعرفني ويحبني أكبر عدد من الناس وأن أترك أثراً في قلوبهم وحياتهم.أي أخطاء تظهرين تجاهها تسامحاً أكثر من سواها؟النسيان، التأخير وبعض الكذب الأبيض.من هم أبطال الروايات الذين تفضلينهم على سواهم؟ذلك الذي يعرف بأنه قريب جداً من الموت ويبدأ باحتساب أيامه الباقية فوق هذه الأرض ويتخيل شكل النهاية كل ساعة وكل دقيقة، المناضل الذي يحارب بكل شجاعة ويقول للموت أنا لست خائفاً منك فقضيتي أهم ومبادئي لا تقبل النقاش ولا التجزئة، اللاجئ في المنافي، وتلك التي أحبت من أعماقها وغاب عنها الحبيب سواء لأسباب أو من دون أسباب واضحة .من هي الشخصية التاريخية المفضلة لديك؟عمر بن الخطاب.من رسامك المفضل؟بيكاسو لأنه كان يرسم الإنسان في كثير من أعماله.ومؤلفك الموسيقي المفضل؟أحب الموسيقى بأشكالها كافة وأؤمن بأنها غذاء الروح، ولا يمكنني تفضيل أحد الموسيقيين على الآخر لأن لكل واحد منهم نكهة خاصة جداً تترك أثراً في نفسي. ولكن يمكنني القول إن موزارت هو الأقرب إلي. ومن العرب أحب الثلاثي جبران كثيراً.ما أفضل مزايا الرجل في نظرك؟الرجولة. أن يكون رجلاً بكل معنى الكلمة.ومزايا المرأة؟الحنان. المرأة الحنونة هي المرأة الحقيقية.ما هي فضيلتك المفضلة؟الرفق، ما نزع من شيء إلا شانه.ما هو أفضل عمل تقومين به؟أن أتأمل الكون والبشر بما فيهم أنا.لو لم تكوني أنت من تحبين أن تكوني؟أحب أنا أكون أنا (لبنى السحار) بجنونها وسخطها وعنفوانها.ما أبرز خطوط شخصيتك؟حالمة. لا أحب المنطق والنظريات العلمية البحتة. أقدس الحياة بتفاصيلها كافة وأرفض أن أعيشها انتظار. مجنونة إلى حد ما. لا أحب الروتين ولا أتقبل الواقع البارد الخاوي. يعجبني كل ما هو مدهش وغير مألوف. ما هو حلمك في السعادة؟كوخ دافئ وشريك مجنون وحنون وطفلة تشبهني، وأن أصير يوماً ما أريد.ما هو في نظرك أفدح أنواع الشقاء؟أن تمنع من ممارسة الحياة لأنه يجب عليك أن تنتظر شيئاً ما أو حدثاً أو شخصاً، وأن تعيش بلا هوية وبلا وطن .لونك المفضل؟الأزرق، لون البحر والسماء والصفاء والأحلام.زهرتك المفضلة؟التوليب، غامضة ومغرورة .عصفورك المفضل؟أحب العصافير كلها لأنها تحلق وقتما تشاء وترى الأشياء من أعلى، والمشهد من أعلى دائماً أجمل .أي الأسماء تفضلينها؟الغريبة والنادرة ذات المعاني غير التقليدية ولكن الشخصية هي التي تغلب. القلب والعقل وطريقة التعامل والرؤية أهم من أي اسم .ماذا تكرهين أكثر من أي شيء آخر؟تشعرني الأفكار الرجعية بالاشمئزاز.أي شخصية تاريخية تحتقرينها أكثر من سواها؟لا توجد شخصية محددة ولكن كل من تسبب في إفساد الأرض سواء بقتل أو هدم أو حرق أو تشريد. كل من أفسد العقول البشرية بأفكاره العفنة أكرهه، وأتمنى لو أجري معه حواراً لأسأله عن وجهة نظره والأسباب التي دفعته إلى فعل ما فعل. وإن لم يقنعني يستحق أن أكرهه وتكرهه البشرية جمعاء .ما هو الحدث العسكري (الحربي) الذي تعجبين به أكثر من سواه؟الغزوات والفتوحات في عهد الفاروق عمر.أي الهبات الطبيعية تفضلينها على سواها؟أحب المطر كثيراً وأشعر أنه يغسل روحي ويسقي المناطق الصحراوية في داخلي، فتنبت الورود بالآلاف داخلي بمجرد أن أمشي تحته.كيف تودين أن تموتي؟بين الكتب وبين أحبائي، والأهم أن أموت هناك بعيداً عن بلاد القهر والكبت، بعيداً عن مدينتنا التي شبعت من الموت كما يقول العظيم نزار قباني.في أية حالة ذهنية أنت الآن؟ذهني صافٍ الآن مع أنه نادراً ما يصفو.ما هو شعورك في هذه الحياة؟يمكنني القول يائسة ولكنني أرى شعاعاً في آخر الطريق.كوخ في عطاردأصدرت لبنى السحار باكورتها {كوخ في عطارد} عن منشورات {ضفاف} و{الاختلاف}. كتاب يمكن أن يقرأ بوجوه متعددة شعراً أو نثراً أو أقصوصة. جميع تلاوين الحياة تجمعها المؤلفة في كتاب تتكلم فيه عن البشر بطريقة أدبية فنية على مستوى عال من الرهافة والحس النبيل. حتى كتابات للمرأة وعنها تمتد على امتداد الحياة التي تحياها، تعبر عنها السحار في مقدمة العمل بقولها: {... إذ ما صيغ هنا هو عبارة عن كلمات شبه متقاطعة خرجت من مكان ما في ظرف ما نتيجة حدث ما أو انفعال ما في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، أو ربما صدفة بحتة كرد فعل عن اللاشيء المحيط بي، كل ما قمت به هو أني أذنت لها بالانطلاق والتحرر من كل الأغلال والعادات والقيود الموروثة، لم أحاول أبداً أن أُجملها أو أن أهيئ لها الأجواء المناسبة، تركتها تسرح وتمرح بينكم على أمل أن تستقبلوها بحفاوة}.يضم الكتاب قصائد ومقالات ونصوصاً متنوعة هي نزهة المؤلفة في رياض الحب وسهول المعرفة والكلمة الحرة.