الأسهم الأوروبية تعطي قيمة أفضل من الأميركية

نشر في 12-09-2013 | 00:01
آخر تحديث 12-09-2013 | 00:01
No Image Caption
على أساس نسبي ووفقاً للمضاعفات السعرية المكلفة
الأرباح الأميركية الآن أعلى بنسبة 25 في المئة من معدل أرقامها المتوسطة على مدى عشر سنوات، بينما الأرباح الأوروبية أدنى بنسبة 10 في المئة عن اتجاهها العام.

أشير من قبل إلى أن الأسهم الأوروبية ليست رخيصة على النحو الذي تبدو عليه. لقد هبطت في السنوات القليلة الماضية بسبب أزمة السندات السيادية، ويظل من المعقول أن يضع المرء في الحسبان مخاطر تتعلق بمزيد من المتاعب الآتية من هذا الجانب. ومع أن الأسهم الأوروبية تبدو أرخص من الأسهم الأميركية، فإن السبب في ذلك إلى حد كبير هو أنها دائماً كذلك، فالمؤشرات الأميركية مليئة بشركات التكنولوجيا الرفيعة التي يجري تداولها بمضاعِفات مكلفة، في حين أن المؤشرات الأوروبية لديها كثير من شركات المنافع المملة التي تدفع أرباحاً على الأسهم.

لكن لايزال هناك مجال للمجادلة بوجود فرصة أوروبية للشراء. ماذا لو انطلقت الأرباح الأوروبية بسرعة؟ ليس هذا الأمل بعيد المنال كما يبدو، وقد دفع بموجة من الاهتمام بشراء الأسهم الأوروبية، في الوقت الذي تتحول فيه الصناديق إلى أسهم الاتحاد الأوروبي بناء على ضغط شركات الوساطة. ونستطيع أن نقيم حجة كهذه بالنظر أولاً إلى كيف تتحقق الأرباح الأوروبية على مدى الدورة. ويغلب على الأرباح على مدى الزمن أن تعود إلى الوسط، حيث تكون كل ذروة في الدورة أعلى من سابقتها. هذا ما حدث في الولايات المتحدة، حيث كانت الأرباح بحلول نهاية عام 2011 إلى مستوى أعلى من مستواها عند ذروة 2007.

سندات سيادية

وفي أوروبا عملت أزمة السندات السيادية على عرقلة الدورة. ففي أعقاب الهبوط الحاد بعد انهيار بنك ليمان براذرز، استطاعت الأرباح الأوروبية بالكاد العودة في 2010 إلى متوسطها على الأمد الطويل قبل أن تتراجع مرة أخرى.

انطلاقاً من هذا الاعتبار، نجد أن هناك فرقاً ملموساً مع السوق الأميركي. ووفقاً لأندرو لابثورب، من بنك سوسييتيه جنرال، الأرباح الأميركية الآن أعلى بنسبة 25 في المئة من معدل أرقامها المتوسطة على مدى عشر سنوات، في حين أن الأرباح الأوروبية أدنى بنسبة 10 في المئة عن اتجاهها العام.

والآن دعونا نتحدث عن الأسعار. المؤشرات الأميركية أغلى سعراً، لكن في الوقت الحاضر يجري تداول مؤشر ستاندار آند بورز 500 عند 0.7 مرة من القيمة الدفترية أكثر من مؤشر فايننشال تايمز يوروفيرست 300– إلى أن اندلعت أزمة السندات السيادية كان يغلب على هذه الفجوة أن تكون أقرب إلى 0.5 مرة. وفي حين يغلب على شركات الوساطة المالية أن تنزعج من نسب الأسعار إلى الأربح المعدلة دورياً (التي هي محور كثير من الجدل على صفحات "فايننشال تايمز" في الفترة الأخيرة)، إلا أن كثيراً منها سعيدة بالاستشهاد بها بالنسبة للأسهم الأوروبية، لأنها تجعل أوروبا تبدو رخيصة جداً. وفي حين أن النسبة تشير إلى أن الولايات المتحدة مكلفة بصورة لا يستهان بها على الأجل الطويل، إلا أنها تُظهِر أن الأسهم الأوروبية منحرفة معيارياً بمقياس كامل دون الوسط، وهو مستوى كان في الماضي مؤشراً موثوقاً على العوائد القوية في المستقبل.

دعوني الآن أجمع جوانب الموضوع من خلال بعض التحليل الفني التقريبي. "شراء الأسهم الأميركية على أمل الربح، وشراء الأسهم الأوروبية على المكشوف" كانت تداولات ناجحة بشكل مذهل، لكنها تبدو الآن كأنها تجاوزت حدودها. ومنذ فجر أزمة الائتمان في أوائل 2007، تغلب مؤشر ستاندار آند بورز على مؤشر فايننشال تايمز يوروفيرست بنسبة 52 في المئة. وحتى بعد الموجة الأخيرة من الاهتمام في أوروبا، تفوقت الأسهم الأميركية على الأوروبية بنسبة 9 في المئة تقريباً حتى الوقت الحاضر من هذا العام. ويبدو أن الاتجاه العام في سبيله إلى الانقلاب.

حجج مذكورة

هذه هي إذن الحجج. لكن يظل هناك رد يتلخص في كلمة واحدة، هي اليابان. فالنمو الأوروبي في حالة جمود وأغلبية القارة غارقة في ركود عميق. وتعتمد جميع الحجج المذكورة أعلاه على عودة الأرباح الأوروبية إلى مستوى الوسط. لكن في اليابان، بعد أن وصل اقتصادها إلى الذروة عام 1989، هبطت أرباح الشركات على مدى العقدين الماضيين، واندفع المستثمرون إلى اليابان معتمدين إلى حد كبير على الحجة الاستثمارية نفسها التي تُطرح من أجل أوروبا، لكن النتيجة كانت خيبة أملهم.

هذه نقطة بالغة الأهمية، وفي الأسبوع الماضي لفتت كارين أولني، من يو بي إس، أنظاراً كثيرة بمذكرة من خمس نقاط حول "السبب في أن أوروبا ليست اليابان". النقطة الأولى تشير إلى أن أوروبا تبدو غير معرضة لخطر يذكر في ما يتعلق بالانزلاق نحو انكماش اقتصادي، مثلما حدث مع اليابان.

وعند النظر إلى أوروبا باعتبارها قارة، لم يسبق لها قط أن عانت فقاعة عقارات مماثلة تشبه اليابان ولو من بعيد (باستثناء بلدان مثل إسبانيا). كذلك ديون الشركات التي تبلغ 40 في المئة من حقوق الملكية أدنى بكثير من نسبة 123 في المئة التي سجلتها الشركات اليابانية بعد أربع سنوات من الهبوط. ووصلت النفقات الرأسمالية الذروة عند 22 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي قبيل الأزمة– مقارنة بنسبة 33 في المئة في اليابان عام 1989– وبالتالي لا توجد التركة نفسها في ما يتعلق بالاستثمار المفرط.

كما أن اليابان، من خلال أي مقياس معقول، بدأت بأسعار مكلفة جداً، لكن أوروبا لم تفعل. فإذا افترضنا أن أوروبا لن تقع في فوضى على الطريقة اليابانية، تشير أولني إلى أن نمو الأرباح بنسبة 8 في المائة سنوياً على مدى السنوات الثلاث المقبلة -وهو ليس بالرقم الكبير- سيكون كافياً لإعادة أوروبا إلى ذروة الأرباح المتضمَّنة في الدورة المعتادة للعودة إلى الوسط.

أساس نسبي

وهذه حجج معقولة. فعلى أساس نسبي، تعطي الأسهم الأوروبية قيمة أفضل من الأميركية. (هناك استثناءات، لكن هذه الصورة الموجهة من الأعلى إلى الأدنى سليمة). لكن يظل هناك سبب يجعل أوروبا رخيصة. فشراء الأسهم الأوروبية على أي شيء خلاف الأساس طويل الأجل يظل مع ذلك منطوياً على رهان بأن السياسيين الأوروبيين سينفذون الإصلاحات المؤسسية الضرورية في الاتحاد الأوروبي دون إشعال فتيل جانب آخر من الأزمة. وحتى الآن لا يعد هذا الرهان واضحاً، لكن إذا تحقق هناك فرصة جيدة للشركات الأوروبية لأن تسجل انتعاشاً في الربحية.

* (فايننشال تايمز)

back to top