فاجأ رئيس الحكومة اللبناني السابق سعد الحريري مختلف الأوساط بموقف متقدم، إذ أيد السماح بالزواج المدني الاختياري، وانتقد بحدة موقف مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني متسائلاً: «كيف يكفر سماحة المفتي أكثر من 700 مليون مسلم في العالم اختاروا الزواج المدني؟ وهل هؤلاء كفار؟».
ووصف الحريري كلام المفتي بأنه «غير مقبول»، وقال: «في لبنان انقسام حيال هذا الموضوع، وأنا شخصياً أتمنى أن يسير هذا الموضوع في الطريق الى الدولة المدنية ولو انني لا أتزوج زواجاً مدنياً ولا أقبل أن يتزوج أولادي زواجاً مدنياً»، داعياً الى وقف «المغالاة والتطرف» في التعامل مع هذا الموضوع.وقد بدا الحريري جازما في رفضه مشروع «اللقاء الارثوذكسي» ومنفتحا في الوقت عينه على الجهود التي باشرها رئيس مجلس النواب نبيه بري سعيا الى بلورة بديل توافقي. لكن جوهر اطلالة الحريري تمثل في بعدين: اطلاق المبادرة التي تتضمن طرح «تيار المستقبل» للمرة الاولى حيال مأزق قانون الانتخاب وتبديد الانطباعات عن تشرذم قوى 14 آذار وانقساماتها في ظل تباينات مكوناتها حيال قانون الانتخاب.وتضمنت المبادرة أربع نقاط «متكاملة وفق الاولويات» كما وصفها الحريري، وهي: اجراء الانتخابات في موعدها على أساس الدوائر الصغرى التي تضمن صحة التمثيل لكل المناطق والفئات والمجموعات الروحية، وانشاء مجلس شيوخ كما نص اتفاق الطائف بعد اجراء تعديل دستوري يعلق شرط إلغاء الطائفية السياسية فترة يتم التوافق عليها، واعتماد فوري لما نص عليه اتفاق الطائف في خصوص اللامركزية الادارية الموسعة، وتأمين الضمان الدستوري للاجماع الذي تضمنه «إعلان بعبدا» الذي نص على تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الاقليمية والدولية.وفي تبريره لرفضه مشروع «اللقاء الارثوذكسي»، قال الحريري: «أنا أعتبر نفسي ابن 14 آذار وولدت سياسيا على مشهد وطني ومشهد كارثي (…) ولدت في لحظة قال فيها جبران تويني: «سنبقى مسلمين ومسيحيين الى أبد الآبدين»... هل تريدونني في هذه اللحظة التاريخية ايضا ان أتخلى عن كل هذا؟» لكنه شدد في المقابل على وجوب معالجة الهواجس «والظلم لدى المسيحيين والمسلمين بحل حقيقي». واعتبر ان من شأن مشروع «اللقاء الارثوكسي» ان «يعود بلبنان الى عام 1840 ويمزق مجتمعنا»، موضحا «أننا نطرح انشاء مجلس الشيوخ على أساس المشروع الارثوذكسي ويقوم مجلس النواب على دوائر صغرى» لم يمانع في ان يكون عددها ما بين 36 و50 دائرة. وأعلن «اننا لن نختلف مع حلفائنا، وإذا كان هناك من يحاول التفريق بين سعد الحريري وحلفائنا فلن ينجح». واذ دعا الجميع الى «التواضع»، أضاف: «انا مستعد للتضحية. ولنفترض ان المشروع الارثوذكسي مرّ في مجلس النواب، فنحن سنشارك في الانتخابات لاننا نحترم القوانين بينما الفريق الآخر يقول إنه سيعطل الانتخابات، وقالها ميشال عون». واعتبر ان الرئيس بري «يعمل على توحيد الجهود للخروج بقانون انتخاب ويقوم بعمل وطني ويحاول التقريب بين وجهات النظر».وشدد على أن ثوابت وطنية تجمع 14 آذار «وكلنا لانزال على هذه الثوابت، وقال الدكتور جعجع والرئيس الجميل إن لا مستقبل من دون المستقبل وأنا أقول لا مستقبل من دون 14 آذار». وأكد الحريري انه سيعود الى لبنان و»أكيد قبل الانتخابات». ورأى ان حكومته سقطت لأنه قال لا لمشروع «حزب الله» في الدولة ورفض أن يقوم بما يقوم به الحزب الآن. وقال إن النظام السوري لن يبقى «ولو كان لبشار الأسد شوية عقل لترك سورية للشعب السوري».نقولافي السياق، ردّ عضو تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب نبيل نقولا في تصريح لـ«الجريدة»، على المبادرة التي طرحها الحريري، قائلا: «كلنا متفقون على إجراء الانتخابات بموعدها، ومن يطمح لذلك لا يجب ان يعطِّل مجلس النواب». وأضاف: «كما ان الحريري يرفض النسبية، فنحن نرفض النظام الأكثري».واعتبر نقولا انه «بالدوائر الصغرى هناك سرقة لأكثر من 17 نائباً مسيحياً بأصوات غير مسيحية»، واصفاً هذه العملية بـ«الاحتيالية».ورأى نقولا أنه «يجب الاختيار بين حلّين: إمّا اعتماد المشروع الأرثوذكسي أو اي قانون آخر يتمّ التوافق عليه ويؤمن 64 نائباً مسيحياً يتم اختيارهم بأصوات مسيحية فقط»، مجدداً «الرفض التام لمشروع الدوائر الصغرى»، ومذكراً بأن «هذا المشروع كان مطروحاً في السابق من قبل القوات اللبنانية لكنه رُفض في اللجنة».وعن تأييد الرئيس الحريري للزاوج المدني وانتقاده مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، تساءل نقولا:» سعد الحريري ووالده كانا رئيسين للحكومة وفي عهديهما كان هذا القانون موضوعاً في الجارور، فلماذا لم يتمّ إقراره مادام سعد الحريري يؤيّد الزواج المدني؟» قائلاً: «كلام الحريري مزايدة شكلية، وهو أصولي أكثر من غيره».
دوليات
«مفاجأة» الحريري: الموافقة على الزواج المدني الاختياري
02-02-2013