لا يمكن أن نكتفي برصد الواقع وتحليله دون محاولة تقديم حلول، وبالتأكيد لن يرضي الحل الجميع وسيرفضه البعض ولكن إذا لم يكن البحث عن حلول أولى مهام الكاتب فلا قيمة لما يكتب ويقول، وقبل الحديث عن الحل هناك مجموعة من الحقائق لا يمكن تجاهلها أو إنكارها:
* الوضع الحالي في مصر لا يرضي أحداً ولا يحقق طموحات المصريين وآمالهم بعد يناير 2011 ويصيبهم بالأسى والحسرة.* لم يستطع الانقلابيون إقناع دعاة الشرعية بصواب موقفهم كما أنهم يفقدون حماس المؤيدين وأعدادهم يوماً بعد آخر، وعلى الجانب الآخر كذلك لم ينجح دعاة الشرعية في إقناع الانقلابيين بإمكانية عودتها ويرونها مستحيلة كما تزداد أعداد القتلى والمصابين والمعتقلين بينهم.* الأغلبية التي يزعمها كلا الطرفين غير مؤكدة ولا محسومة.* لم يعد الخلاف "ثورة أم انقلاب؟"، بل اتسع ليشمل ما هو أكبر حكم مدني أم عسكري؟* الوضع الاقتصادي المصري يزداد سوءاً ومعاناة المواطن البسيط أكبر من أن يحتملها ومشاكله الحياتية اليومية لا تنتهي. (هنا الخطر الأكبر فالانفجار قادم).* الحل الأمني واستخدام القوة المفرطة (الغبية أحياناً) لم يجدِ نفعاً وأدى إلى المزيد من الانشقاق والخلاف والمزيد من الضحايا مما يؤدي إلى زيادة حده الرفض والتشنج والرغبة في الثأر.* العمليات الإرهابية في سيناء (رغم كل ما تم) لم تتوقف، تقل حيناً وتزداد حيناً، ولم ينجح كل ما قدمه الإعلام في تبرير ما يحدث داخل القاهرة بأنه وسيلة للقضاء على ما يحدث في سيناء. إذا كان هذا هو الوضع على الأرض كما يقولون فما الحل؟ يبدو الأمر صعبا، ولكن الصعوبة ليست في الحل، بل في تجرد الجميع من أحلامهم وطموحاتهم الشخصية ومصالحهم الذاتية وتقديم مصلحة الوطن والمواطن على أي شيء آخر، فالوطن باقٍ والأفراد زائلون مهما كانوا عظماء أو بسطاء، مهما كان موقعهم حكاماً ومحكومين أو قادة وأفراداً، فالكل زائل وستبقى مصر عزيزة كريمة إن شاء الله.تقول الديمقراطيات والدساتير في كل دول العالم إن السيادة والحكم للشعب، فهل لنا أن نعود إلى الشعب مرة أخرى؟ نعم الحل في العودة الحقيقية للشعب كله بأسلوب ديمقراطي سليم من خلال الاستفتاء.الشعب كله وليس كما يقول الإعلام الغبي "إنتو شعب وإحنا شعب". ويبقى السؤال متى؟ وكيف؟ .. اليوم قبل الغد والغد قبل الأسبوع القادم؛ لتنتهي تلك الحلقة المفرغة من الأزمات والقتل والتصعيد. ولكن كيف؟ وهذا الجزء الصعب من السؤال... فللأسف لا يمكن الاطمئنان إلى من يحكمون الآن في إجراء استفتاء ما فلا يمكن الوثوق بمن قتل وحرق وقطع أوصال المصريين واعتقلهم أن يكون أميناً ونزيهاً، فمن الضروري أن يطمئن جميع المصريين إلى نزاهة الاستفتاء وحياديته ليكون هناك اقتناع والتزام وإذعان كامل لنتيجة الاستفتاء مهما كانت ولن يتم هذا، (وأقولها بكل أسى وحزن) بدون إشراف دولي كامل تنظيماً ومراقبة وفرزاً ومراجعة وإعلاناً للنتائج وليحمل الاستفتاء سؤالاً واحداً: هل توافق على عودة الشرعية؟ ولا داعي للتلاعب بالألفاظ والمفردات والحديث بأن الشرعية- مثلاً- لم تذهب لتعود أو أن الوضع الحالي شرعي، فكل ذلك لا طائل منه ولن يغير شيئاً. فإما استفتاء حقيقي للشعب كله بلا استثناء ولا إقصاء لأحد، وإما الاستمرار في هذا المسلسل المكسيكي من العنف والرفض، فللأسف أصبح في كل بيت مصري شهيد- من الجانبين- وفي صدر كل مصري نار مؤججة للثأر قد ينجح الاستفتاء، والاستفتاء فقط في إخمادها، فهل يستجيب العقلاء من الحكام؟ أم لم يعد هناك عقلاء بينهم؟!وإلى مقال آخر إن كان للحرية متسع.
مقالات
ما الحل؟
18-10-2013