بعد أن انتهت جلسة المحاكمة الأولى للنائب السابق مسلم البراك أمام محكمة الاستئناف والتي انتهت فيها المحكمة إلى وقف حكم محكمة أول درجة بحبسه 5 سنوات مع الشغل والنفاذ بعد سداده كفالة قدرها 5 آلاف دينار مع منعه من السفر، وتحديد جلسة أخرى لاستكمال محاكمته يتعين النظر جديا إلى الإجراءات التي عنيت بها الجلسة الأولى من قبل المسؤولين، والتي أجريت وفق إجراءات استثنائية لم يعهدها المرفق القضائي في تاريخه لمجرد أن من يحاكم فيها شخص قد يثير مؤيدوه الشغب داخل المبنى!

Ad

لا يمكن القبول بأي حال من الاحوال أن يمنع المتقاضي العادي من الدخول إلى مبنى قصر العدل أو الموظف أو المحامي غير الحاملين للهوية الدالة على ذلك من قبل رجال الامن، بسبب محاكمة مواطن آخر في إحدى قاعات المحكمة بحجة اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة، وخشية عدم وقوع أي أضرار من مؤيديه، ولا يمكن القبول ان يحظى مواطن بمحاكمة قانونية وسط إجراءات أمنية كالتي أجريت في يوم محاكمة النائب السابق البراك أمام محكمة الاستئناف.

في أشد المحاكمات التي شهدها مبنى قصر العدل لدى محاكمة رئيس ما يسمى بالحكومة المؤقتة علاء حسين والمحبوس بالسجن المؤبد حاليا على ذمة تهم التآمر مع النظام العراقي البائد شكل رئيس المحكمة الكلية في عام 2000 دائرة خاصة لمحاكمته برئاسة المستشار نايف المطيرات وعضوية المستشارين عويد الرشيدي وعادل الكندري، ولم تتخذ أية تدابير أمنية سوى إحضار المتهم بثلاث سيارات للقوات الخاصة وكانت العلاقات الكويتية مع النظام العراقي البائد يسودها التوتر إلا أن المحكمة عقدت واجريت واستدعت وزير الاعلام حينها د. سعد بن طفلة ثم انتقلت إلى لندن للاستماع إلى الشاهدين وفيق السامرائي وسعد البزاز ثم استكملت المحكمة جلساتها أمام الاستئناف ومن بعدها التمييز لأكثر من عام ونصف العام ولم تتخذ أي إجراءات استثنائية!

وفي عام 2005 احالت النيابة العامة أكثر من 32 متهما إلى محكمة الجنايات بتهم القتل العمد لرجال أمن الدولة ومواطن بحريني وحيازة أسلحة وذخائر وإحداث الرعب في البلاد لأكثر من أسبوعين من قبل خلية ما يسمى «أسود الجزيرة»، والتي توفي زعيمها بعد القبض عليها، بعد ارتباطها بتنظيم القاعدة الإرهابي، وأجرت المحكمة محاكمتهم وسط إجراءات أمنية بجلبهم عن طريق سيارات القوات الخاصة وصدرت بحق 7 منهم أحكام بالإعدام، ثم عدلت لاحقا إلى المؤبد، ومازال المتهمون المحكومون بالسجن قابعين لتنفيذ العقوبة، بل وأعلنت إدارة المؤسسات الاصلاحيات قبل أسبوعين أنها تخضعهم لبرامج علاجية ولم تجر بمحاكمتهم أي إجراءات استثنائية!

والنواب السابقون، فلاح الصواغ وخالد الطاحوس وبدر الداهوم، بعد صدور أحكام بسجنهم  ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ بعد إدانتهم من محكمة أول درجة بتهم المساس بذات الامير والعيب على صلاحياته والطعن بمسند الامارة حضروا إلى جلسة الاستئناف ولم تتخذ أية إجراءات استثنائية سوى منع أي متقاض ليست له جلسة من التواجد بجانب القاعة مع السماح لكل المتقاضين بدخول مبنى قصر العدل، وصدر قرار من المحكمة بإطلاقهم بعد سدادهم كفالة مالية كالتي قررتها المحكمة بحق السيد البراك.

لذلك يجب أن تكون الجلسات المقبلة للنائب السابق البراك أو لغيره من المتهمين عادية وألا تأخذ شكلا خاصا أو وضعا استثنائيا أو تسن لها قيود من شأنها أن تحرم المتقاضي العادي من ممارسة حقه في رفع الدعاوى أو حتى متابعة ملفه بإدارة التنفيذ، وكذلك إشعار المتهم ذاته بأنه سيحاكم وسط أجواء هادئة كالتي يحاكم  فيها غيره من المتهمين!