المستشرق المجري د. شاندور فودور لـ الجريدة: المستشرقون لعبوا دوراً مهماً في الحفاظ على الحضارة الإسلامية

نشر في 05-08-2013 | 00:02
آخر تحديث 05-08-2013 | 00:02
المجر تسمح للجالية المسلمة بممارسة شعائرها دون قيود

يرى المستشرق المجري د. شاندور فودور أستاذ الآداب العربية والحضارة الإسلامية بكلية الآداب جامعة بودابست وعضو مجمع اللغة العربية في القاهرة أن الفنون الإسلامية إذا أحسنا استغلالها وعرضها في الخارج ستنجح فيما فشلت فيه كل الوسائل الأخرى بخصوص قضية تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام والمسلمين لدى المواطن الغربي، "الجريدة" التقته في هذا الحوار أثناء زيارته الأخيرة للقاهرة.
• ما دور الاستشراق المجري في تناول القضايا الإسلامية؟

المجر قدمت مستشرقين ساهموا في تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام والمسلمين لدى الغرب، وأبرزهم المستشرق الكبير عبدالكريم جرمانوس، فهو من الشخصيات البارزة في مجال الدراسات العربية والإسلامية في المجر وكان عضو مجمع اللغة العربية في القاهرة ومن فرط عشقه للإسلام أعلن إسلامه وأدى فريضة الحج ثلاث مرات في حياته.

• إلى أي مدى كان له تأثير عليك؟

كان جرمانوس أستاذي في الجامعة، وطبعاً تأثرت كثيراً به من خلال كتبه عن الإسلام والفكر الإسلامي والعربي ورحلاته إلى البلدان العربية، وقد بدأ اهتمامي بالحضارة العربية والإسلامية بسبب قراءاتي لمؤلفاته.

• كيف ترى جهود الحركات الاستشراقية؟

أعتقد أن جهود المستشرقين لعبت دوراً مهماً في الحفاظ على الحضارة العربية والإسلامية.

• وبِمَ تفسر التأثير السلبي على رجل الشارع الأوروبي بسبب بعض المستشرقين؟

التأثير السلبي ليس سببه الباحثين الجادين والمستعربين، لكن أعتقد أن هذا التشويه والتأثير السلبي يعود إلى بعض العناصر السلفية المتشددة.

• حدثني عن الجالية المسلمة في المجر؟

عددها ليس كبيراً بالمقارنة بالجاليات الإسلامية في البلدان الأوروبية الأخرى، حيث لا يتعدى حجم الجالية الإسلامية في المجر بضعة آلاف فقط بعضهم من بلدان إسلامية هاجروا واستقروا في المجر وبعضهم من المجريين الأصليين، وهم يمارسون حياتهم مثل المواطنين الأصليين، والدين الإسلامي معترف به قانونياً في المجر ومسموح بممارسة شعائره دون أي مشاكل أو قيود، وطبعاً المسلمون يبذلون كل الجهود من أجل نشر معلومات عن الثقافة الإسلامية وأصبح في المجر إقبال كبير على قراءة كل ما يخص الثقافة العربية والإسلامية.

• لكن يُقال إنه تم هدم عدد من المساجد في المجر... بماذا تفسر ذلك؟

حرية العقيدة والعبادة مكفولة في المجر وحقيقة الأمر أنه كانت هناك كنائس تم تحويلها إلى مساجد في العصر العثماني، وبعد انتهاء هذا العصر تحولت مجدداً إلى كنائس، وهذه عددها بسيط جداً.

• ما الوسائل المطلوبة من وجهة نظرك لتعريف الغرب بقيم الإسلام؟

هناك وسائل كثيرة أبرزها الإعلام وتنظيم محاضرات لتوضيح حقيقة الإسلام ولأنني متخصص في الفنون الإسلامية أرى أنها وسيلة مهمة وجذابة وجيدة لتعريف المواطن الغربي بحقيقة الإسلام، وبخاصة أن مواطني الغرب يعشقون الفنون لهذا فإن عرض الفنون الإسلامية سوف يساهم في توضيح قيم ومبادئ الإسلام وأرى أن العالم الإسلامي مطالب في الوقت الراهن بإقامة المعارض الخاصة بالفنون الإسلامية وبلا شك فإن تلك المعارض سوف تؤثر في المواطن الغربي وتجعله يقرأ عن الإسلام وعندها يفاجأ بكذب المعلومات المشوهة التي تقدمها وسائل الإعلام الغربية عن الإسلام والمسلمين.

• هل الفنون الإسلامية تستطيع إنجاز ما فشلت فيه الوسائل الأخرى؟

بالطبع لأنني أرى أن تأثير الفنون الإسلامية على شعوب الدول غير الإسلامية يعتبر وسيلة مهمة جدا لنقل قيم الحضارة العربية الإسلامية إلى هذه الشعوب.

• أي الفنون الإسلامية أكثر تأثيرا على المواطن الأوروبي؟

أعتقد أن أبرز هذه الفنون هو الخط العربي لأنه يلعب دوراً مهما ليس فقط لقيمته الجمالية ولكن لأن الخط العربي ينقل رسالة أخلاقية ورسالة دينية فاللغة العربية بجمالياتها الفريدة تحتوي على كثير من الفن كما أن لوحات الخطوط العربية التي تحتوى على آيات قرآنية وأحاديث نبوية تنال اهتمام المواطن في الغرب في حال الاهتمام بها ومن ثم تجعله يعمل على معرفة ترجمة معاني الآية التي تضمها اللوحة وبهذا يكتشف بنفسه عظمة القيم الإنسانية للإسلام وحقيقة زيف وسائل الإعلام الغربية ذات التوجهات المعادية للإسلام.

• كيف تقيم صورة الإسلام في وسائل الإعلام الغربية؟

معروف أن هناك صورة سلبية إلى حد ما عن الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام الغربية، وهذا بالطبع ليس في مصلحة الغرب وضد الرأي العام الغربي وأعتقد أن السبب في ذلك الجهل، لأننا لا نعرف ما هي الحضارة الإسلامية والقيم الإنسانية لهذه الحضارة وأعتقد لو نجحنا في نقل الفن الإسلامي وقيمه وهو لا يحتاج إلى مترجم لأن الفن لغة عالمية إلى المواطن الغربي وإلى وسائل الإعلام الغربية سوف يكتشف حقيقة القيم التي تحويها الحضارة الإسلامية.

• ننتقل إلى مؤلفاتك ما أهمها؟

أنا مؤلف بحوث علمية ولدي اهتمام خاص بالفنون الإسلامية، فكتبت مقالات ودراسات وكتبت عن الفنون الإسلامية وأنظم في المجر بالتعاون مع أصدقائي معارض للفنون الإسلامية وبصفة خاصة الخط العربي والإسلامي.

• على ضوء ذلك ما تقييمك للثقافة الإسلامية؟

طبعا أنا متفائل جدا بخصوص مستقبل الحضارة الإسلامية ومستقبل اللغة العربية طبعا في القرون الوسطى هذه الحضارة كانت رائدة في العلم على مستوى العالم بمعنى أن هذه الثقافة العظيمة نقلت قيم العلوم والفنون إلى أوروبا لكن الظروف تتغير ورغم ذلك أنا متفائل جدا من قدرة هذه الثقافة على الارتقاء واستعادة مكانتها الحضارية.

• برأيك متى يوجد حوار بنّاء بين الأديان والحضارات؟

إذا توافرت الثقة بين أتباع كل دين ونظرائهم في الآخر، لذا يجب أولاً تصحيح صورة الإسلام السلبية العالقة في ذهن الأوروبيين ولابد أن يقوم بذلك كل صاحب رأي منصف من الأكاديميين والمستعربين والمستشرقين ووسائل الإعلام المنصفة بنقل تفاصيل الحضارة الإسلامية وإسهاماتها في بناء الحضارة الغربية وتكثيف الجهود لتحقيق التواصل المفقود بين الحضارة الغربية المسيحية والحضارة الإسلامية.

back to top