25 يناير بين الانتصار والانكسار
اليوم يمر عامان على ثورة يناير التي أذهلت العالم بسلميتها وقدرتها في 18 يوماً على إنهاء 30 عاماً من حكم نظام أغرق البلاد في متاهات الفساد ومحاولات التوريث والانهيار الاقتصادي والظلم الاجتماعي والانتقام البوليسي، فهل انتصرت الثورة أم انكسرت؟السؤال ليس بهذه البساطة ولا يمكن الإجابة عنه بكلمة واحدة تماماً كما سألني صديقي: بماذا تشعر مع اقتراب 25 يناير؟ هل تشعر بالخوف؟ أم بالراحة؟ أجبته لا يوجد شعور واحد لكنه مشاعر وإحساسات مختلطة، وبالتأكيد ليس بينها الخوف، فقد يكون هناك قلق ما، فأما الخوف فإنه يدفعك إلى تغيير طريقك واتخاذ مسار مختلف، أوما القلق فيدفعك إلى مزيد من الحيطة والحذر مع السير في ذات الطريق الذي اخترته، وأيضاً ليس بينها الراحة التي تؤدي إلى السكون والإحساس باكتمال العمل، ولكن هناك اطمئنان بأنك تسير في الطريق الصحيح، وإن لم تنته الثورة ولم تتخلص من كل المعوقات بعد.
هناك قلق له مبرراته، فمنذ 25 يناير 2011 إلى 30/ 6/ 2012 كانت القوى الثورية مجتمعة ومتوافقة بدرجة ما، صحيح كان بينها بعض الاختلافات والتباين في الرؤى المستقبلية لكنها في حدها الأدنى، وبعد تولي الرئيس مرسي وتشكيل "الإخوان" للحكومة زادت الخلافات واتسعت الانشقاقات إلى أن وصلت إلى الانفصال الكامل بتشكيل "جبهة الإنقاذ"، واستمر الشقاق يزداد تدريجياً مع كل فشل تُمنى به الجبهة، والذي كان متلاحقاً ولو تتبعناه زمنياً، فقد فشلت في إجبار الرئيس على التراجع عن الإعلان الدستوري وإعادة عبدالمجيد محمود، وكذلك في الدعوة إلى مقاطعة الاستفتاء، ثم في رفضه، وفوق كل ذلك فشلت في إقناع المواطن بجدية مواقفها وحرصها على مستقبل مصر مكتفية بمساندة الإعلام لها مما زاد الهوة بينها وبين الشعب، فزاد تشنجها وصراخها ورفضها، وأصبحت كمن فقد كل الحلول والسبل وظهره للحائط، فلا يمكن مناقشته أو الوصول معه إلى حل وسط- وهنا مبعث القلق- فماذا ستفعل في 25 يناير سوى المزيد من التهييج؟!والباعث الآخر على القلق هو الغباء السياسي لـ"الإخوان" فمنذ تولوا الحكم- سواء مجلس الشعب المنحل أو الرئيس مرسي- والقرارات السياسية الغبية تتوالى على رأس المواطن وكان آخرها بالأمس (قانون الانتخابات الذي يسمح للنائب بتغيير انتمائه الحزبي) وإذا كانت هذه حالهم طوال 6 أشهر، فماذا هم أيضا فاعلون في 25 يناير سوى المزيد من الغباء والطفولة السياسية؟أما الباعث على الاطمئنان، وإن كان واحداً، إلا أنه أقوى من كل بواعث القلق فيتمثل بالمواطن المصري- الذي طالما راهنت عليه ولم أخسر يوماً- الذي رفض وسيرفض بإصرار كل محاولات دفعه وإجباره على السير في طريق لا يريده... طريق يعيده إلى ما قبل 25 يناير... طريق يعيده إلى التناحر والتفاخر الكاذب والصراع الدموي على السلطة... طريق لا يتمناه إلا أعداء مصر داخلياً وعربياً ودولياً... فهل سيتغلب عامل الاطمئنان والانتصار على بواعث القلق والانكسار؟ إنّا لمنتظرون.