معرض أثير موسوي... لن تثيرني أبداً لأنك لن تقتلني أبداً

نشر في 01-10-2013 | 00:04
آخر تحديث 01-10-2013 | 00:04
تقدم غاليري «أيام» في بيروت معرض «لن تثيرني أبداً لأنك لن تقتلني أبداً» للفنان العراقي أثير موسوي (مواليد 1982)، الذي يستكشف ويكشف في مجموعة أعماله الجديدة رموز الأمّة، النزوح والصراع.
غالبا ما يركِّز أثير موسوي المقيم بين باريس ولندن واسطنبول، في أعماله الفنية على بلده العراق وعلاقته المشتتة به، ضمن لوحاته شبه التجريدية النابضة بالحياة والتي تذكرنا بأعمال الفنان العراقي ضياء العزاوي، ويدمج الفنان في طبقات بين الهندسة الإسلامية وبين الأشكال الرمزية العضوية التي تنفصل بدورها لتكشف عن منطقة حدّية تبدو وكأنها خارج سطح الصورة.

إدمان على الصراع

يركز أثير في أعماله الأخيرة في غاليري «أيام» بيروت على ما يعتبره إدماناً على الصراع في العالم العربي، حتى في المناطق التي لم تشارك في الصراع، ويحدد الإدمان في الرغبة المستمرة سواء في مناقشة الموت والدمار، أو تشرُّب صوره ومشاهده. ولا يرى أثير ذلك في سلوك سائر أعضاء الشتات العربي فحسب، بل في ذاته أيضاً. فانشغاله الشخصي يعكس على حد سواء رغبته في الشعور بصلة مع المنطقة وتخفيف الذنب الذي يشعر به بسبب عدم مشاركته في أي صراعات بعد رحيله إلى أوروبا قبل حرب الخليج.

تنبع أعماله في مجموعة «النسر» (2012) من انعدام اليقين الراهن والذي يحكم قبضته في العالم العربي، وتستمر هذه الأعمال بطرح هوس الفنان المتواصل في «نسر صلاح الدين». باعتبار أن النسر رمز منتشر على نطاق واسع للقومية العربية وذو صلة بصلاح الدين، أول سلطان لمصر وسورية، فإن ما أثير لا يصور هذا النسر كبيضة أو كطائر بل يصوره في طوره الأميبي، فهو يرى ازدواجية في رمز النسر: من جهة ملصق بمكر على العملات النقدية وعلى جواز السفر العراقي وعلى الرايات والبيارق وشعارات الجيش، ممثلا بذلك كذبة، ولكن النسر من جهة أخرى مجرد كائن حي، خاضع لدورة الولادة والموت كبقية الكائنات الأخرى.

من ضمن مجموعته من المطبوعات الكبيرة الحجم، يتخذ أثير في «تدمير كذبة» (2012) تدمير الرموز الزائفة بعين الاعتبار ويتساءل عن إمكان إزالة ما هو غير ملموس على رغم تأصله. أما في لوحته الثلاثية المنفذة على قماش بعنوان «أثرني» (2012)، فيروي أثير سلسلة حلم من خلال مجموعة من الأشكال التجريدية الملتوية.

غلغامش

في عمله «يمكن اصطياد كل صياد»، يجمع أثير بين الرمزية القديمة وبين الرمزية الحديثة، دامجاً لوحة لغلغامش، الملك والصياد العراقي الذي يعود حكمه إلى حوالى عام 2500 قبل الميلاد، مع نسر صلاح الدين الموجود في كل مكان. ناهضاً من تحت نهر الفرات يحاول الملك المغطى بعباءة أن يتخذ وضعيه القوة التي عادة ما يتم تصويره فيها كجزء من النقوش الأشورية القديمة. ولكن مكانته كرمز للقوة والوحدة قد قوضت في لوحة أثير، حيث يظهر وقد التهم جسده من الأسود والنسور التي فرض عليها هيمنته في ما مضى، فيتفكك غلغامش إلى العدم بينما تسحق نجمة شمس المشوهة ذات المحاور الثمانية والتي يحملها على سارية.

هكذا يرسم الموسوي الأسطورة العربية والعراقية، وتبدو اللوحات السوداء من أعماله أكثر سحراً وتعبيرية وفيها طيف الأسطورة بامتياز، الأساطير التي يهتم بها موسوي تشكل جزءاً بسيطاً من أساطير لا تزال تلتهم ثقافتنا وحياتنا اليومية وأنماط تفكيرنا، كأن كل ما يحيط بنا يستند إلى خرافات وأساطير لا نقدر أن نخرج منها، سواء في الدين أو الحياة العادية أو حتى الطب والعمل.

back to top