تكمن معضلة رئاسة أوباما في جوانبها المميزة في أن الرئيس قد يكون متردداً بشأن قضايا مهمة (زيادة عدد الجنود في أفغانستان، والتدخل في سورية، وإصلاح المخصصات، وإلغاء الاقتطاعات في الموازنة، وإعادة فتح الحكومة الفدرالية، حتى "الاستدارة نحو المحيط الهادئ" التي اختفت سريعاً، إلا أنه بدا حاسماً إلى أبعد الحدود في إعطاء الأوامر بشأن ضربات الطائرات بدون طيار وتنفيذ قوات العمليات الخاصة هجمات ضد أهداف إرهابية.

Ad

نتيجة لذلك، يُعتبر أوباما الرئيس الأكثر تقرباً من قوات العمليات الخاصة في الولايات المتحدة.

خلال نهاية الأسبوع الماضي، نزلت فرقة من القوات العمليات الخاصة، بأمر من الرئيس الأميركي، على شواطئ الصومال وليبيا. في ليبيا، ألقى هذا الفريق القبض على نزيه عبدالحميد الرقيعي المعروف بأبي أنس الليبي والمطلوب بتهمة تفجير سفارتين في أفريقيا عام 1998.

أما في الصومال، فاستهدفت قوات العمليات الخاصة الأميركية قائداً بارزا في "الشباب"، مجموعة إسلامية إرهابية مسؤولة عن مجزرة مركز "ويست غيت" التجاري في نيروبي. لم يتضح ما إذا كان هذا الفريق قد نجح في تحقيق هدفه في الصومال لأنه اضطر إلى الانسحاب بعد تعرضه لنيران، ولكن حتى لو لم تحقق هذه المداهمة النجاح الكامل، فقد بعثت برسالة مرحب بها إلى مخططي الأعمال الإرهابية، مفادها أنهم لا يستطيعون الاختباء من اليد الطولى لقيادة العمليات الخاصة الأميركية.

كان من الضروري توجيه رسالة مماثلة، فهي تساهم ولو مساهمة بسيطة في البدء بتصحيح الضرر الذي سببه تردد أوباما في الشأن السوري، هذا التردد الذي عكس حيرة الولايات المتحدة وتراجعها.

صحيح أن غارات قوات العمليات الخاصة وضربات الطائرات بدون طيار شكلت خطوات مهمة ومرحباً بها، إلا أنها لن تكون كافية للفوز في الحرب على الإرهاب.

لهذا السبب تمكن تنظيم "القاعدة" وأتباعه من توسيع رقعة انتشارهم، رغم كثرة هذه العمليات المحددة في السنوات الأخيرة.

لا تتطلب مواجهة انتشار التطرف العنيف عمليات محددة مصممة للقضاء على كبار القادة فحسب، بل تحتاج أيضا إلى التزام راسخ طويل الأمد هدفه بناء مؤسسات حقيقية قادرة على حفظ النظام في مناطقها من دون أي مساعدة.

يبدو سجل الولايات المتحدة في هذا المجال مختلطاً. صحيح أن الصومال تعاني غياب القانون، إلا أن الولايات المتحدة نجحت في معالجة المسألة الصومالية إلى حد ما، لأن قوات الاتحاد الإفريقي المدعومة من واشنطن تمكنت من تعزيز نفوذ الحكومة في مقديشو وتصدت لـ"حركة الشباب"، ما دفع بهذه المجموعة إلى الرد بتنفيذ اعتداءات إرهابية كبيرة خارج البلد في أوغندا وكينيا.

لكن الولايات المتحدة لم تحقق نجاحاً مماثلاً في ليبيا لأن واشنطن وحلفاءها لم يقدموا الدعم الكافي للحكومة الموالية للغرب في طرابلس، هذا الدعم الذي تحتاج إليه لتبني قوى أمنية قادرة على التصدي للميليشيات التي لا تزال تحكم الشارع.

يبدو الوضع أكثر سوءاً في العراق، حيث تمكن تنظيم "القاعدة" في العراق من البروز مجدداً عقب انسحاب القوات الأميركية، فعاودت معدلات العنف الارتفاع، وعادت إلى ما كانت عليه عام 2008، في حين نجح تنظيم "القاعدة" في العراق أيضاً في تصدير عملياته إلى دولة سورية المجاورة، حيث لا تملك الولايات المتحدة، على ما يبدو، استراتيجية للحد من المكاسب التي يحققها الشيعة والمتطرفون السنّة على حد سواء.

في المقابل، تبدو الصورة في أفغانستان مختلطة: فقد خصصت الولايات المتحدة عدداً كبيراً من الجنود بهدف دعم الحكومة في كابول، ولكن لم يتضح بعد ما إذا كانت ستحتفظ بأي قوات في هذا البلد بعد عام 2014 كي توسع المكاسب التي حققتها.

تشير التقارير الإخبارية الأخيرة إلى أن البيت الأبيض يهدد مرة أخرى بسحب كامل قواته من أفغانستان إذا لم تُحَل الأزمة الناشئة حول شروط نشر هذه القوات، ولكن إن لم يمرر "الخيار الصفر"، فقد تهدد هذه المعضلة كل ما قاتلت القوات الأميركية من أجله في هذا البلد.

إذن، علينا أن نرسل قوات العمليات الخاصة لاعتقال الأشرار وقتلهم، صحيح أن هذا خطير، بيد أنه ضروري، ولكن يجب ألا ننسى أيضاً أن هذا "خط عمليات" واحد في استراتيجية أكبر نحن بأمس الحاجة إليها لنتصدى لنمو التطرف الإسلامي المتواصل.

* ماكس بوت | Max Boot