اعتبر الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء طلعت مسلم، أن الاستغناء عن «المعونة الأميركية البالغة 1.3 مليار دولار، أمر صعب، لكنه ليس مستحيلاً»، موضحاً أن ذلك سيتطلب فقط، خطة زمنية طويلة المدى، لتنويع مصادر السلاح، والاتجاه إلى «الكتلة الشرقية» واستعادة «الهيئة العربية  للتصنيع» في مصر، دورها في صناعة أسلحة ومعدات عسكرية محلية.

Ad

وقال مسلم، في حواره مع «الجريدة» إن تعاملات الروس مع الجيش، خلال حرب 1973 كانت أفضل من الطريقة الأميركية التي تفرض شروطاً أكثر قسوة على المعونات، وفي ما يلي نص الحوار:

• هل تستطيع مصر الاستغناء عن المعونة العسكرية الأميركية؟

- إذا أردنا الاستغناء عن المعونة، فإن الجيش يستطيع ذلك، وإن كان الأمر صعباً إلا أنه ليس مستحيلاً، فالمعونة العسكرية تبلغ مليارا و300 مليون دولار تأخذها مصر بعدة أشكال، جزء منها تدريبات عسكرية وجزء معدات، سواء كانت هذه المعدات قطع غيار أو طائرات عسكرية، بما لا يخل بالتفوق الإسرائيلي على مصر ودول المنطقة، والحقيقة أن مبلغ المعونة، لا يمثل أزمة فعلية، لكن الاعتماد على الأسلحة الأميركية يتطلب الحصول على قطع غيار من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الحصول على الطائرات العسكرية منها.

• ما الفاتورة التي تسددها مصر في مقابل تلك المعونة الأميركية؟

- أولاً ضمان التفوق الإسرائيلي في التسليح على مصر والدول العربية، ثانياً استخدام المعونة كورقة للضغط سياسياً على مصر، في القرارات الداخلية، أو حتى فيما يتعلق بمواقفنا مما يحدث في المنطقة، وإن كانت مصر تقاوم ذلك ولا تسمح به.

• كيف يمكن تحقيق الاستغناء عن المعونة؟

- الأمر يستلزم وضع خطة تعتمد على تنويع مصادر السلاح، وهناك خيارات متعددة من بينها الاتجاه إلى الكتلة الشرقية "الصين والهند وروسيا"، لكن الأمر له أبعاد أكبر من مجرد إيجاد مصادر جديدة لتنويع السلاح، أهمها البعد المادي، فنحن نحتاج إلى مبالغ ضخمة وهائلة لتنويع مصادر السلاح، الأمر الذي يستلزم تدبير ميزانية ضخمة للتسليح، تقوم بتدبيرها الدولة من موازنتها، كما يجب أن يتم إعادة "الهيئة العربية للتصنيع" والعمل على تطوير الأسلحة الأميركية وتعديلها بما يتناسب مع الإمكانات المصرية بحيث يمكن توفير قطع غيار محلية الصنع للآلات والمعدات دون الاضطرار للجوء إلى أميركا لشراء قطع الغيار.

• ما المدة التي نحتاج إليها لتحقيق الاستقلال الكامل عن التسليح الأميركي؟

- نحتاج إلى وضع خطة زمنية طويلة المدى، ربما يتطلب تنفيذها سنوات عديدة خاصة أنه منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد وتسليح الجيش يعتمد في 80 في المئة منه على السلاح الأميركي.

• هل وضع الاستغناء عن المعونة العسكرية الأميركية الآن يشبه تحول مصر عن التسليح من روسيا، في عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات؟

- كان تسليح الجيش معتمدا على الأسلحة الروسية بنسبة كبيرة جداً، وهناك أكثر من 15 ألف خبير روسي عسكري، كما أن العلاقات التجارية والاقتصادية بين مصر وروسيا، وما تلقته مصر من قروض ومنح، أشبه بالمعونة الأميركية الآن مع فارق أن روسيا لم تكن تفرض على القاهرة أوجه صرف تلك القروض والمنح، بل تترك لها حرية إنفاقها في أغراض تنموية وبناء مصانع وغير ذلك.

• هل يمكن المقارنة إذن بين الأميركان والروس في موضوع المعونات؟

- لا يمكن المقارنة بين الروس والأميركان، لأنها ستكون غير عادلة، فروسيا رغم طرد خبرائها من مصر، إلا أنهم لم يتوقفوا يوماً عن إمدادنا بالسلاح، حتى أننا تلقينا منهم شحنة سلاح، في يناير 1973، والأميركان ليسوا مثلهم، وعلى الرغم من اعتماد مصر الكامل على روسيا كحليف استراتيجي لها إلا أن السادات استطاع أن يتخذ قراره بطرد الخبراء الروس، وعلى الرغم من الظرف السياسي الصعب للدولة، إلا أن قراره كان حاسماً، في ذلك الاتجاه ليبدأ بعدها في الاتجاه إلى التسليح من الجانب الأميركي.