انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة امس الاول أشغال مؤتمر «الصكوك بين ضوابط التصميم وسلامة التنفيذ» وسط توقعات بأن يشهد هذا النوع من الصناعات المالية توسعا كبيرا في الفترة المقبلة خاصة بدول الربيع العربي، في ظل رغبة كثير من المستثمرين في الحصول على تمويلات أثبتت جدارتها في مواجهة الهزات.

Ad

بيد أن المشاركين في المؤتمر شددوا على أهمية تحصين عمليات إصدار الصكوك من «التكييفات الملتبسة» التي تجعلها نسخة طبق الأصل للسندات التقليدية، وفي هذا الصدد قال محافظ مصرف قطر المركزي الشيخ عبد الله بن سعود آل ثاني إن سوق إصدارات الصكوك في العالم واصل النمو رغم ظروف الأزمة المالية العالمية.

وأضاف الشيخ عبدالله بن سعود أن حجم هذه الإصدارات زاد من 14 مليار دولار في عام 2008 إلى 23 مليار دولار بنهاية 2009، وزاد حجم السوق العالمي للصكوك إلى 131 مليار دولار بنهاية 2012.

وعزا المسؤول القطري في كلمة أثناء افتتاح المؤتمر هذا التوسع إلى الإقبال الكبير من طرف المستثمرين على هذه الأدوات التمويلية، خاصة بالبلدان العربية والإسلامية، وأشار إلى أن حجم الصكوك التي أصدرتها البنوك الإسلامية في قطر قارب ثمانية مليارات ريال (2.2 مليار دولار) بنهاية الربع الأول من العام الحالي.

إقبال كبير

من جهة أخرى، أكد الرئيس التنفيذي لمصرف قطر الإسلامي باسل جمال أن سوق الصكوك العالمية شهدت نموا مطردا في الفترة الماضية، في وقت تخطى فيه إجمالي إصدارات هذه الصكوك 220 مليار دولار منذ بداية العمل بها في عام 2000.

وأشار إلى أن الصكوك استحوذت العام الماضي على نصف الحصة السوقية لإصدارات السندات في منطقة الخليج بقيمة 21.3 مليار دولار، مضيفا أن الربع الأول من العام الحالي شهد إصدار صكوك عالمية بقيمة 15 مليار دولار، وهي أحدث الأرقام المتوفرة حتى الآن.

وتوقع المتحدث نفسه أن تنمو سوق إصدارات الصكوك بـ20 في المئة سنويا بدعم من تزايد طلب المستثمرين الحكوميين والخواص. في المقابل ربط باسل استمرار نمو سوق الصكوك بعدة عوامل، من أبرزها وجود الأطر التنظيمية والقانونية الصحيحة للإصدار والتداول.

من جانب آخر، أكد الأمين العام للمركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم عبدالستار الخويلدي أن الصكوك حققت قفزات نوعية في السنوات الأخيرة، بعدما حازت اهتمام الأسواق الإسلامية والعالمية على حد سواء.

جوانب قانونية

ونبه الخويلدي إلى أن الأزمة المالية العالمية بقدر ما أكدت مصداقية ومكانة الصناعة المالية الإسلامية في تحصين المعاملات الاقتصادية من الهزات، بقدر ما نبهت إلى أهمية الجوانب القانونية والشرعية للمنتجات المالية الإسلامية وللصكوك على وجه التحديد.

وقال في هذا الصدد: «قبل الأزمة كان الموقف السائد هو أن الصكوك بمنأى عن الجدل القانوني والفقهي، لكن تبين من خلال القضايا المرفوعة أمام بعض الجهات القضائية حدوث التباس بين الصكوك القائمة على الأصول والسندات القائمة على الدين».

وفي تصريح لـ«الجزيرة نت»، شدد الخويلدي على أن صناعة الصكوك باتت بحاجة إلى تأطير قانوني وشرعي حتى تسترجع هيبتها وسمعتها التي تأثرت في أعقاب حدوث ما قال إنها «حالات سوء تكييف» للصكوك على أنها سندات.

وأكد أن من شأن إطلاق «مراجعات» واسعة أن يبعد الصكوك عن «الصورية» و«الالتباس»، ويعيدها إلى وظيفتها الأصلية، ولم يستبعد أن يصل إجمالي الإصدارات بنهاية العام الحالي الى نحو 100 مليار دولار، في ظل توقعات بنمو سنوي قد يبلغ 20 في المئة.

ضوابط شرعية

أما الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي محيي الدين القره داغي فشدد على أهمية تحري الضوابط الشرعية والقانونية عند إصدار الصكوك حتى تميز عن السندات، وقال للجزيرة نت إنه يتعين على الصكوك أن تمثل أصولا حقيقية، في وقت تمثل فيه السندات ديونا بذمة الجهة المصدرة.

وأضاف القره داغي أنه إذا كانت هذه الصناعة قد توسعت وانتشرت فإنه حري أن تضبط عملياتها من مرحلة التصميم إلى مرحلة التنفيذ.

وطالب الحكومات بضرورة السماح بتداول الصكوك بيعا وشراء بالاستناد إلى عقود حقيقية تكفل الحق في المطالبة بالأصول، وليست عقودا صورية لا تتجاوز كونها أوراق دين.

وأكد أنه في حال نجحت الحكومات الجديدة في تجاوز حالة عدم الاستقرار الحالية فإنها ستعمل حتما على إصدار صكوك حقيقية تساعدها على تمويل تنفيذ المشاريع ومواجهة عجز الموازنات وتوفير السيولة بالأسواق.

(الجزيرة نت)