جملة الحوادث التي تمر بها الكويت من حرائق وسقوط مبانٍ أثناء إزالتها، ووفيات عمال خلال الإنشاءات وغيرها، هي حالات أو حوادث يرى كثيرون من المتخصصين في السلامة العامة أنها تمثل معدلاً مرتفعاً لا يناسب مساحة المنطقة الحضرية الصغيرة لدولة الكويت وكثافة السكان ومستوى دخل الدولة الذي يمكنها من تأمين وسائل السلامة العامة والوقاية من الكوارث، كما أن الدول المجاورة التي تماثل ظروفنا الاقتصادية والبيئية لا تعاني نفس معدل الحوادث، في حين يرجع البعض الآخر هذه الحوادث إلى التسيب الإداري وفلتان المراقبة على تطبيق الاشتراطات الخاصة بالسلامة وتوريد مواد للمنشآت مناسبة لظروف الكويت المناخية.

Ad

الحقيقة بدون تجميل أننا بدأنا نحصد نتائج الفساد والتسيب المتراكم منذ سنوات في بلدية الكويت وجميع الجهات الحكومية المتصلة بها، فمنذ سنوات كان صحافيون ومسؤولون والعامة ونواب مخلصون يتحدثون عن النتائج الوخيمة لتكدس بنايات في المناطق الاستثمارية بدون مواقف سيارات كافية تمكن من حرية حركة رجال الإنقاذ والمطافئ، بينما كان جهاز البلدية مستمراً في استثناء عشرات المباني الجديدة الشاهقة من بناء مواقف السراديب أو يتغاضى عن تحويل ملاك تلك العمارات لسراديبهم إلى مخازن تؤجر بدلاً عن تخصيصها مواقف للسيارات، حتى أصبحت حولي والسالمية والفروانية وخيطان مناطق شبه عشوائية مغلقة من الزحام وتكدس السيارات.

وعلى صعيد مكافحة الحرائق في البنايات العالية فلا أحد يعلم من يسمح ببناء وإيصال التيار الكهربائي لعمارات شاهقة، توجد فيها معدات صورية لمكافحة الحرائق فقط، وليست بالجودة المطلوبة ودون سلالم جانبية للإخلاء، هل هي بلدية الكويت أو الإدارة العامة للإطفاء أم وزارة الكهرباء التي لا تلتزم بالشروط. الكل يتساءل عن المرجعية المسؤولة عما يحدث من تسيب وإهمال في البلد؟ والأخطر ما يجري حالياً في مناطق السكن النموذجي التي تتحول إلى فوضى بسبب قرار الزيادة الكبيرة في نسب البناء ولا يوجد من لديه الاستعداد لمراجعة القرار وتصحيحه رغم انتشار شقق الإيجار في السكن الخاص وما ينتج عنه من ضغط على الخدمات والمرافق العامة فيها، وتكدس السيارات دون مواقف بينما تقف بلدية الكويت وأجهزة الدولة مكتوفة الأيدي حيالها بحجة أن الوضع أصبح أمراً واقعاً لا يمكن تغييره!

المؤلم أنه منذ سنوات والكلام عن فساد وتسيب البلدية يتردد بقوة، ولكن ماذا استجد لمواجهته؟ لا شيء، لا الحكومات المتعاقبة حاولت وقف ذلك الفساد بأي وسيلة عبر تفكيك البلدية وإعادة توزيع اختصاصاتها ومهامها، ولم تتحرك السلطة التشريعية بجملة قوانين تتعامل مع سلبيات ما نواجهه من مشاكل حتى بتنا نحصد الخسائر المتتالية من الحرائق والحوادث التي ستتطور إلى نتائج ستمثل مخاطر، ربما ستحصد أرواحاً كثيرة في المستقبل، بينما الدولة ساكنة في موقف المتفرج غير المعني بما يحدث من تدمير لمدننا وأحيائنا ومساكننا وبيئتنا بشكل عام، فمتى ستتحرك السُلطة؟ أم إن ما يخالج الناس وما يرددونه في أحاديثهم الخاصة بأننا في مرحلة "مؤقتة" لا يعلم سوى الله متى ستنتهي وما هي نتائجها؟!